في كل ذكرى من 11 فبراير سأكتب - بوصفي شاباً يمنياً - عن تلك الذكرى بشكل مختلف عن المحتفلين بها.. عن الوطن الذي كان بين أيادينا وأضاعه الخرفان الذين ملأوا الشوارع بالشعارات الزائفة والهتافات الرنانة مُطلقين عليها (الربيع العربي لتحرير الوطن).
خرج الخرفان في 11فبراير قبل أعوام طويلة من يومنا هذا الذي تهل فيه علينا الذكرى الثانية عشرة لها طالبين من النظام السابق الرحيل، ظانين أن أحوالهم ستتبدل وتتحول إلى الأفضل بمرافقتهم للذئاب، لكن الذئاب لا تؤتمن على مستقبل وحياة الخرفان.
أطلقوا ثورة "الربيع الأسود" في أوج قوة اليمن بقيادة حاملي الشنطة من تركيا إلى قطر وهم لا يعون أن الذئاب لا تفي بوعودها. سارت الناس في الشوارع التي كانت تمتلئ بالإنارات والأشجار الجانبية بصوتٍ واحد "إرحل! إرحل!"، غير مدركين ما هي نهاية هذه الكلمات.
استطاعت الثورة أن تبدد النظام والقانون وتحول اليمن إلى دولة اللا دم التي يُقتل العشرات فيها باليوم الواحد، انتهت الثورة وضيعت معها وطن بأكمله ولم تتحقق أحلام الخرفان الوهمية؛ لأن الذئاب غادرت الوطن وأخذت ما تريد من صوفها .
في ذكرى الـ 11فبراير من يومنا هذا سألني أحد أصدقائي بكلية الإعلام: أين الوطن يا ماهر...؟ أجبته دون تلعثم أو سابق إنذار: الوطن أضاعه الأنذال ودفع شعبٌ لا حول له ولا قوة الثمن.
قال لي: ضاع الاسم لكن شيئاً باق..
قلت له: ضاعت المرتبات التي كانت تأتي نهاية كل شهر وضاعت المشتقات النفطية التي كان سعرها أقل من الماء، ضاعت الأسماك التي صرنا لا نعرفها ولا تعرفنا، وضاع التعليم ومؤسسات الدولة، وأصبحنا في وطن تستوقفك نقطة أمنية يحكمها أطفال لتسألك بالبطاقة من أين أنت؟!
ياصديقي كان لدينا وطن شُيدت في عهده المدارس والجامعات والمؤسسات والطرقات من صعدة إلى المهرة، كان لدينا وطن لا يموت فيه العسكريون جوعًا ولا تتسول فيه النساء العفيفات اللاتي نراهن اليوم أو الأطفال ماسحي زجاجات السيارات في الجولات والشوارع.
يفترض علينا يا صديقي في هذا اليوم أن نبكي بحسرة وألم على مستقبلنا الذي يسير للمجهول وحياتنا التي لا نعلم متى يغتالها أحد حاملي الأسلحة في عدن وما أكثرهم هذه الأيام.
كان علينا اليوم أن نندب واقعنا التعيس بعد أن عجزت (5000) ريال يمني أن تنقلك بين مديريتين في عدن بينما كانت في 11 فبراير من العام 2011 تسير بك من صنعاء إلى حضرموت.
هذا واقع ثورة الأقزام يا صديقي التي خربت الوطن وسطت على تضحيات الأبطال، وما عليك من الآن في كل ذكرى إلا أن تذرف الدموع اشتياقًا للماضي الذي أصبحت تهفو إليه أنفسنا..