آخر تحديث :السبت-20 أبريل 2024-12:26ص

لا يجب السكوت عنها

الإثنين - 06 فبراير 2023 - الساعة 10:00 ص

القاضي عبدالناصر سنيد
بقلم: القاضي عبدالناصر سنيد
- ارشيف الكاتب


يتساءل البعض لماذا يقوم القاضي باتخاذ بعض القرارات الصعبة وهي إعادة الملف الى النيابة العامة وهل عودة الملف الى النيابة العامة فيه شبهة بخرق القضاة للقانون او أن هناك أسباب أوجبت على القاضي هذه الإعادة.

قانونا يمر حركة  الملف الجزائي بمراحل عده ابتداء  بإجراءات التحقيق  في جريمة ما من قبل الجهات الأمنية المختصة لأثبات وقوع الجريمة اولا  هو ما نعرفه قانونا بالركن المادي للجريمة تم القبض على الفاعل والتحقيق معه ومعرفة الدافع  وراء ارتكاب هذا الفعل الإجرامي وهو ما نسميه قانونا  بالركن المعنوي أو القصد الإجرامي ومن تم التحقيق لأثبات علاقة الفاعل بالجريمة وهو ما نسميه الرابطة السببية  وعند تحقق كل هذا الشروط يتم انتقال الملف الى النيابة العامة ليبدا التحقيق  الشامل من قبل النيابة العامة تم بعد ذلك يتم التصرف بالملف من قبل النيابة العامة  سواء بتوجيه قرار اتهام ضد المتهم المزعوم أو حفظ الملف لعدم توفر ادله كافيه لتقديم المتهم للمحاكمة أو اتحاد قرار بألا وجه لإقامة الدعوى الجزائية.

السؤال الذي يطرح نفسه هنا أن قانون الإجراءات الجنائية رقم ١٣ لعام ١٩٩٤. قد تطرق لحالات خاصه أجاز فيها قانونا للقاضي إعادة الملف الى النيابة العامة وهي الحالات التي وردت حصرا في المادة ٣٢ من القانون فلماذا يقوم القضاة بإعادة بعض الملفات الى النيابة العامة في غير الحالات التي أشار إليها القانون هل تعد هذه الإعادة مخالفه للقانون؟ 

للإجابة على هذا السؤال نحب أن نشير بأن هناك حالات شاده لم يشير إليها القانون وهي ظهور عيوب جسيمة  في قرار الاتهام المقدم من قبل النيابة العامة لا يمكن للقاضي ان يغض الطرف عنها  مما  يضطر القاضي للتصدي لها حفاظا على اصل الحق نورد من خلال عملنا بعض من هذه الأمثلة فمثلا يصدر قرار اتهام من قبل النيابة العامة يحتوي على النص التالي " أن مجهولا اعتدى على عقار مملوك للمجني عليه فلان " نلاحظ أن في نص  قرار الاتهام المقدم من النيابة العامة الفاعل هنا مجهول وكذلك الدافع لهذه الجريمة وبالتالي سقط ركن مهم من أركان الجريمة  وهو القصد الجنائي لذا وجب على المحكمة التصدي  واعادة الملف الى النيابة العامة ونأخذ مثال اخر  يصدر قرار الاتهام من قبل النيابة العامة يحتوي على هذا النص "  بأن فلان زور وكالة بتوقيع والده اختلس بموجبها مبلغ كبير من المال من حساب والده البنكي " وعندما  نطالع أدلة الأثبات في ملف القضية نجد صورة من الوكالة فقط و الغريب ان اصل  هذا المستند لم يعرض على التكنيك الجنائي لمعرفة هل تعرضت هذه الوثيقة للتزوير  لذا فإن قرار الاتهام الصادر من النيابة العامة قد وقع في خطاء جسيم وهو عدم ثبوت التزوير لعدم عرض المستند الواقع التزوير عليه على التكنيك الجنائي لذا فإن النيابة العامة قد أسقطت سهوا الركن المادي للجريمة وهو عدم ثبوت التزوير يقينا فيكون القاضي أمام قرار حاسم أما أن يحكم بالبراءة فيضيع حق الاب وأما يعيد الملف الى النيابة لإعادة التحقيق و تصويب مساره و لكن البعض من أعضاء النيابة العامة يحتج بأن القاضي يمتلك السلطة اللازمة  لمخاطبة الجهات المختصة ذات العلاقة وأثبات واقعة التزوير من عدمه  ارد بان هذه الاحتجاج غير صحيح للأسباب التالية  

اولا يجب على القاضي قانونا المساواة بين الخصوم وعدم الانحياز لاي طرف والنيابة العامة طرف في الدعوى الجنائية 

تانيا لا يمكن للمحكمة أن تحل محل النيابة العامة في جمع الأدلة من خلال مخاطبة الجهات ذات العلاقة وان قامت المحكمة بذلك تكون قد انحازت للنيابة العامة ووجب على القاضي وقتها التنحي قانونا حفاظا على حق الأطراف في المحاكمة العادلة 

ثالثا أن القاعدة الأساسية في النزاعات أن البينة تقع على المدعي وطالما وأن القانون قد أعطى حصرا الحق لنيابة العامة برفع الدعوى الجنائية لذا فإن عبء الإثبات يقع قانونا عليها.

أن القواعد المتعلقة بالنظام العام تبيح للقاضي التصدي لكل الحالات التي لم يرد ذكرها بالقانون و اتخاد القرار المناسب بإعادة الملفات الى النيابة العامة متى ما اقتضت الضرورة ذلك ويجب على النيابة العامة قانونا تصحيح ما ورد من قصور في قرار اتهامها حتى يستقيم القرار ويتوافق مع القانون حتى تسير المحكمة بالإجراءات الصحيحة لحين صدور الحكم.