آخر تحديث :الجمعة-29 مارس 2024-06:02م

الطريق إلى الجنوب

الأحد - 05 فبراير 2023 - الساعة 10:25 م

جمال لقم
بقلم: جمال لقم
- ارشيف الكاتب


 يمر مستقبل الجنوب اليوم بمنعطفٍ خطير لم يمر به منذ حرب صيف 1994م ، و كانت حرب إجتياح عدن و تحريرها في العام 2015م و الفترة التي تلتها أكثر الفرص المؤاتية لفرض سيطرة الجنوبيين على محافظاتهم ، ففي هذه الفترة كانت أيادي الجنوبيين و أصواتهم متشابكة و متراصة الصفوف و كلمتهم قوية يتردد صداها في العالم أجمع إلا أنها ما لبثت أن تفككت و تشرذمت بفعل الإختلافات في الرؤئ  و تبعية و موالات البعض منهم للخارج ، و وصل بهم الأمر لخوض عدة صراعات مصطنعة و موجهة  و وجهوا سلاحهم نحو بعضهم البعض و خاصة في فترات ما بعد تأسيس المجلس الإنتقالي الجنوبي و تشكيل قوات نظامية تابعة له و  أخذ على عاتقه الإستحواذ الكامل للقرار الجنوبي .. و في قواته و إستحواذه على القرار فقد أعتبرتها كثير من القوى السياسية الجنوبية بأنها سياسة إقصائية و مناطقية و ترك ذلك فرصة سانحة لكل القوى المعادية و اللعب بها متى ما أرادت ..

 منذ ما يقارب الست سنوات و المجلس الإنتقالي يستحوذ على القرار الجنوبي بعد أن ساعدته قواته في ذلك على عكس بقية المكونات الجنوبية الأخرى و التي أما أن المجلس الإنتقالي أقصاها أو أن بعضها الآخر قد تم تفكيكها او سلب قرارها من قبل الشرعية و قواها ، و خلال تلك السنوات كانت هناك الكثير من الإخفاقات و التنازلات الكبيرة التي قدمتها قياداته و التي لم تكن قوى الشرعية تتوقعها أو حتى تحلم بها ، و لا نعلم هل تلك كانت وسيلتهم للبقاء أو إستجابة لدول التحالف ، فعلى المستوى العام الجنوب و مواطنيه لم تحقق تلك التنازلات شيئاً يمكن ملاحظته و تسجيله ، فحرب أبين مكنت معين من إحتكار الحكومة و السلطة و هدر المال العام ، كما أنها أطاحت بالمناصفة الحقيقية بين الشمال و الجنوب و التي كان الجنوبيين قد حصلوا عليها بقرار و إعتراف و إشراف أممي  ، و أما حرب الحديدة فقد خسر الجنوبيين خيرة شبابهم فيها دون أن يحصلوا على شيئ في المقابل ، بل و مكنت طارق عفاش و المؤتمر  من العودة إلى الواجهة مرة أخرى ، و أما مشاورات الرياض و مجلس القيادة فقد أعادة الشمال و بقوة إلى السيطرة التامة على القرار و مفاصل السلطة و إدارة المؤسسات ، كما أنه خلال سنوات المشاركة الإنتقالية في الحكومة لم يحصد المواطن الجنوبي إلا المٰر و زادته معاناة على معاناته السابقة و نقمة على المجلس الإنتقالي و أسلوب طريقته و إدارته للجنوب ..

  يبدو أن المجلس الإنتقالي الجنوبي في قيادته لقافلة الجنوب قد أعتمد على دليل أختار له عمداً طريقاً طويلة و شائكة يسلكها و ما بين مسافة و أخرى يضغط الدليل ليحصل على المزيد من التنازلات ، و حتى الآن فلا أفق يلوح أو نهاية مؤكدة و واضحة المعالم يدركها الشعب أو حتى قيادات الإنتقالي نفسها ..

 مؤكد أن هناك ضغوط كبيرة تمارسها قوى كثيرة على المجلس الإنتقالي و لكن تقديم المزيد من التنازلات لتجنب ذلك الضغط و تخفيفه يضر بمستقبل الجنوبيين و  الخطوات حققوها مسبقاً مقابل  تضحياتهم الجسام التي قدموها خلال فترات نضالهم السابقة  ..

 من وسط الركام من الإحباط و اليأس الذي تملك الجنوبيين مما تمارسه دول التحالف و القوى اليمنية من ضغوط سياسية و إقتصادية و عسكرية تجاه الجنوبيين ، أطل علينا رئيس مؤتمر شعب الجنوب ليبشر و يطمئن الجنوبيين بأن الجنوب قادم لا محالة و بقرارت أممية و دولية و ملف الجنوب حاضراً على الطاولة من خلال القرار الدولي الذي بموجبة شاركنا في الحوار الوطني و وفقه شاركنا بنسبة النصف 292 مقابل 292 و كانت نسبتنا جنوبية خالصة ضمت الحراكيين و الشباب و المرأة و الشخصيات القيادية و المهمشين و غاب عنها من امتنع عن الحضور فقط و تلك النسبة و تحت علم دول الجنوب و بحضور و إشراف مبعوث الأمم المتحدة و الدول العشر و تحت القرار الدولي يعد إعترافاً صريحاً بعودة دولة الجنوب و كانت ختام المشوارات بين لجان المؤتمر الإتفاق على وطنين في الشمال و الجنوب و ما لم يعد ناقصاً على ذلك حينها إلا توقيع محمد قحطان و لكن المؤتمر الشعبي العام أستبق ذلك و قاد إنقلاباً داخل أروقات مؤتمر الحوار من خلال تقديم مقترح الأقاليم و هنا انسحب وفد الجنوبيين و كذلك وفد الأنصار و لم يتبق إلا لجان المؤتمر الشعبي و الإصلاح ثم قامت الحرب و لهذا اي سلام قادم سيكون وفق القرار الأممي السابق مالم يصدر قراراً أممياً آخر يلغيه ..

 في إتصالاً لي بالمناضل محمد علي أحمد أكد لي فيه صحة تلك المقابلة الصحفية و ما ورد فيها ، و كنت سألته أيضاً عن موقع الجنوبيين الذين شاركوا في مؤتمر الحوار ضمن قوام أحزاب الشمال و أجاب أنهم كانوا ضمن نسبة الشمال اي ضمن قوام ال292 الشمالية و لم يكونوا ضمن قوام نسبتنا و تم  ذلك بعلم وإشرافاً أممياً و دولياً .. و أكد بن علي أيضاً أن القرار سيبقى نافذاً مالم يلغه قراراً آخر يتم بموافقة و تنازل من بعض القوى الجنوبية ، لكن بن علي كان في مقابلته الصحفية قد طرح مبادرة للإنقاذ قبل فوات الأوآن تتم من خلال الدعوة إلى عقد مؤتمراً جنوبياً جنوبياً للحوار و الأصطفاف و رص الصفوف و لا يستثني أحد و بنسب متساوية بين كل محافظات الجنوب و تحت ميثاق شرف للجنوب و إستعادة دولته و إقرار شكلها مستقبلاً و إختيار لجنة تفاوض موحدة لأي تسوية سياسية قادمة للحل في اليمن و من يمتنع أو يرفض تلك الدعوة يفقد الشرعية للحديث بإسم الجنوب و موقعهم مثل موقعهم في مؤتمر الحوار الوطني و لكن بعد أن يتم الحوار معهم جنوبياً أولاً ..

  أذا أردتم الحقيقة و من منطلق الواقع و المشهد اليوم فالمجلس الإنتقالي قد تم تطويقه بقيد الإتفاقيات التي ابرمها مع قوى الشرعية و بقيد التعهدات مع دول التحالف و بداء يخسر سياسياً و إقتصادياً و شعبياً و حتى ورقته الأخيرة التي كان دائماً ما يلوح بها لتخفيف الضغط عليه من خلال إستخدامه للمناورة بقواته فيتم حالياً تفكيكها و محاصرتها ، لذلك فمبادرة بن علي تعد الطريقة الوحيدة المتوفرة حالياً لفك الطوق عنه و عن قواته و إنقاذ ما يمكن إنقاذه لتبقى مطالب الجنوبيين حاضرة و بقوة في أي مفاوضات للحل النهائي و المطالبة بإستكمال ما تم الإتفاق عليه قبيل إنسحاب الطرف الجنوبي من مؤتمر الحوار .. كما أنها ستكون مرحب بها دولياً فهي تسهل الطريق لمبعوثي الأمم المتحدة المعنيين بالسلام في اليمن بعد أن ظلت الحالة التي يعملون عليها شائكة و معقدة و متداخلة ..

 الكرة الآن في ملعب المجلس الإنتقالي الجنوبي ، فهل سيبادر ليكون أول المتنازلين لصالح مستقبل الجنوب أم أنه سيستمر في غيه و مكابرته و السير إلى المجهول في  الطريق الذي سيختاره له دليله  ؟