آخر تحديث :السبت-20 أبريل 2024-12:26ص

في زاويتي المظلمة

السبت - 28 يناير 2023 - الساعة 03:36 م

عبدالله سالم بامدحي
بقلم: عبدالله سالم بامدحي
- ارشيف الكاتب


في زاوية من زوايا قلبي المظلمة، يوجد شيء ما يدورُ و يتحركُ في ذلكَ المكانِ، شيُ ما أشبهُ بطيفِ روحٍ، لا أعلمُ ماذا يكونُ و لكنني موقنُ، بأنهُ شيُ لهو صلة بكَ، نعمَ، هذا ما يتبادرُ إلى ذهنيَ المترعَ، ثم توليتُ زِمامَ الأمرِ، فأخذتُ بنفسي ورحتُ أبحثُ في داخلِ قلبيِ، ففتحتُ بابهُ الرئيسي، فدخلتُ، فإذا بي أجدُ المكان مظلماً، لا نجومَ تُضيءُ في ذلك الفضاءِ الواسعِ، فتسألتُ أينَ ذهبَ القمرُ؟، مآلي لا أراهُ مُعلقاً في السماءِ، و لم أستطع أن أرى ما أماميَ من شدةِ العتمةِ، فأدخلتُ يدي اليمنى في جيبي ورحتُ أُحركها يمنةً و يَسرى، لعلي أجدُ شيئاً يضيءُ طريقي، فأمسكتُ بلمبةِ، فأشعلتُها فأضاء نورها ذلك الفراغ، و مضيتُ أكملُ طريقيَ المجهول، و كلي أملٌ و يقينٌ بأنني سأكتشفُ ذلك الشيء الذي قدمتُ من أجلهِ، خطوةً بعد خطوةٍ، ثانيةً بعد ثانيةٍ، تارةً بعد تارةٍ، ينتابني شعور غريب، شعر جسمي وقف قائماً، يا إلهي ماذا يجري لي، ثبتُ مكاني، شعرت أن شيئاً ما يراقبني من بعيد، بدءتُ أسمعُ أصوات أنفاسِ باردةِ في المكانِ، كلما تقدمتُ خطوةً إلى الأمامِ ازداد الموقفُ توتراً، أخذتُ القرار و قررتُ عدم التقدم إلى الأمام، فجأةً أسمعُ صوتاً ينطقُ بكلماتِ غير فهومةِ، غيرَ أنني فهمتُ جملةً واحدةً و هي ( أكمل طريقك..)، فتشجعتُ رغم أنني أشعرُ بالخوفِ و أكملتُ الطريقَ، و مضيتُ أمشي حتى وقفَ في وجهي بابٌ، و كان عليه قفلُ، فبحثتُ عن مفتاحِ ذلك القفلِ، و وجدتهُ معلقاً على جانبِ البابِ، و مكتوب خلفه جملة تقول : ( خلف هذا الباب يوجد ما جئت لأجله )،

فأخذتُ المفتاح بيميني و فتحُ البابَ بكل حذرِ، و إذا بي أجدُ شخصاً في زاوية من زوايا تلك الغرفة يبكي بمفردهِ، فأقتربتُ منه و إذ بي أجدهُ قلباً من قلبيَ، و في موقفِ تملاوءهُ العواطفُ، أخذتهُ بين حُضنيَ و ضممتهُ ضمةً أنستني كل ما جرى، و أشددتُ أضمهُ إلي في نوبةِ من التعاطفِ، قال لي ( سأمحني على ما فعلتُ بك في ما مضى )، و إذا بالدموعِ تغطيني برداءِ من ماءِ، و مددتُ لهُ يدي و ساعدتهُ على النهوضِ من على تلك البحيرةِ من الأحزانِ،

و قلت له ( دعنا نذهبُ و نعيدكُ إلى البيت )، فما مضى قد فات و القادم أمامنا، و أخذتُ بيده و أضمُها إلى يدي في لقطةِ الختامِ، و بذلك عدتَ إلي من جديد يا صديقي.

إِنَّ الـحَـيَـاةَ إِذَا تَـكَـاثـرَ حُـزْنُـهَـا
‏يَومًا سَتَبْسِمُ كَالصَّبَاحِ المُشْرقِ

‏فَتَرَى الحَزِينَ وَقَدْ تَـبَـدَّلَ حُـزْنُهُ
‏فَرَحًا وَبُشرَى بِـالـزَّمَـانِِ المُورِقِ

‏وَتَرَى الـرَّبِـيـعَ يَحلُّ فِي أَرجَائِنَا
‏وَالكَونُ يُشرِقُ بَعْدَ لَيْلٍ مُطْبِقِ