آخر تحديث :الجمعة-29 مارس 2024-01:18م

يُتم الحقيقة

الجمعة - 27 يناير 2023 - الساعة 01:56 م

حسين السليماني الحنشي
بقلم: حسين السليماني الحنشي
- ارشيف الكاتب


تعتبر المعلومة غاية الذين يبحثون عنها ؛لكن يبقى المصدر الموثوق الذي تأخذ الحقائق منه،ولاتجد من يتنافسون على لقب الإمتياز في الأغلب إلا إعلام موجه يساند الإعلام الرسمي، في دول الاستبداد خصوصاً، ولا تجد في الغالب من الحقيقة غير (الملّة في باطنها الجمر)!
ان صدقتها أحرقتك، وان أنكرتها أحرقت من كان معك!!
فأين الحقيقة ؟
يأتي لنا التاريخ بقصص تدل على هذه المعضلة؛ حين هرب قائد من قادة الجيوش من سجن الملك ، وعاد بخطى واثقة ليستعيد ملك المملكة ، كتبت الصحيفة الرسمية للدولة تقول:
إن الناس يتشوقون لهفة للدفاع عن الملك ، ضد ذلك القائد الخائن ، مغتصب الوطن بقوة السلاح،  والمأجور، والخارج عن القانون، وزعيم قطاع الطرق!
لكن القائد تابع زحفه، ووصل إلى قصر الملك ، فهرب الملك، وأحكم القائد يده على مقاليد الحكم!
وفي صبيحة اليوم التالي كتبت نفس الصحف ذاتها تقول:أحدث خبر دخول القائد السعيد إلى العاصمة ابتهاجاً، والجميع يتبادلون العناق، وهتافات يحيا القائد تملا الأجواء!
طبعاً هذا هو ديدن تلك الأفواه القائمة على الارتزاق، لا تعرف طريق الحق ، فهذا هو القبح الذي يضع الاوسمة على صدور المطبلين،ولا يقف الأمر عند حدّه،بل تقام لهم مراكز محورية للتطبيل؛ الذي يعشش فيه المستبدين،
حتى تفقس فراخاَ تربيّه بيدها، ليلمّع ويطلي بالكذب مما طال الأصنام من ـ الرّان ـ طول مكوثها، وينفذ ماعلق من غبار الفساد ...
والكل منهم للأسف على اختلاف مشاربهم يعلن بافتخار أنه الحقيقة فقط ولا غيرها ...
لكننا نشهد كل يوم من بين السطور تشييع جنازة الحقيقة !!
وقد جعلوا من قنواتهم، كأنها مشكاة تشع منها الحقيقة ،وانها تعيش مع الإنسان حيث كان!!
وأصبح الغالب يصبغ الحق بالألوان ،  الزاهية والبراقة للكذب،
وفي هذه الأحوال التي لاتشجع على البقاء، للاوفياء ،وتشعر الحقيقة باليُتم !
فهاجر أهلها إلى ـ الصحراء ـ بعيداً عن الساقطين الذين يتهافتون كالفراش ويحرقون مصداقيتهم بعقولهم الفارغة التي لا تهديدهم إلى الرشد ؛فهناك شيّدوا أهل الصدق سوقاً للحقيقة، لايصل إليه إلا القليل ؛حيث إن الطريق إليه متعب لمن تطء قدميه أرضه فيرجع من ينفذ صبره وتجوع  بطنه وتقل نقوده .....