آخر تحديث :الخميس-02 مايو 2024-02:37ص

مؤشرات نتائج محادث مسقط بين الرياض والحوثيين

الأحد - 08 يناير 2023 - الساعة 07:07 م

سعيد النخعي
بقلم: سعيد النخعي
- ارشيف الكاتب


قطعت الوساطة العمانية بين الرياض والحوثيين شوطًا كبيرًا، دخل حيز التنفيذ بإزاحة مؤقتة للرئيس هادي الذي كان يمثل عقدة المنشار التي أعاقت تنفيذ باقي خطوات الاتفاق بين الطرفين برعاية أممية،لإصرار الحوثيين طوال الفترة الماضية على توصيف المشكلة اليمنية كصراع بين أطراف سياسية؛ وليس صراعًا بين مليشيات انقلابية، وسلطة شرعية، قبل الدخول في أي حوار مباشر مع الرياض.

أزاحت الرياض هاديًا في خطوة مفاجئة؛بإعلانه نقل صلاحياته لمجلس رئاسي، بينما لايزال اللقط السياسي قائمًا حول صفة الرئيس هادي الحالية، هل لايزال رئيسًا لليمن،أو رئيسًا سابقًا؟ وهذه الضبابية لم يبت فيها حتى اللحظة بإعلان دستوري رسمي،أو حتى من خلال الخطاب الإعلامي الرسمي، بعد أن ظلت كل القرارات التي أصدرها رشاد العليمي مذيلة برئيس مجلس القيادة الرئاسي،وليس رئيسًا للجمهورية.

وهذا يوحي بأن مضمون تنحي هادي ليس إلا تنفيذًا مبطنًا للرغبة السابقة للحوثيين،وبعض القوى السياسية التابعة للتحالف،التي كانت مع مقترح نقل صلاحيات هادي لنائب توافقي، -قبل تعيين علي محسن الأحمر نائبًا للرئيس- بحيث يبقى هادي رئيسًا شرفيًا، تقتصر صلاحياته على إصدار القرارات التي تتوافق عليها القوى السياسية ؛حتى انتهاء الفترة الانتقالية الثانية التي ستكون مهمتها صياغة عقد سياسي جديد للدولة،والشروع في إعادة بناء المؤسسة العسكرية، والأمنية، ودمج عناصر كل المليشيات التي أفرزتها الحرب ضمن قوام جيش الدولة وأمنها الرسمي.

يبدو أن هذه الصيغة هي الأكثر واقعية، وهي الحل المتاح الذي يضمن عدم عودة المفاوضات،للخلاف حول تفاصيل جديدة ،ستعيد المحادثات إلى نقطة الصفر.

وهذا ما تؤكده العديد من المعطيات التي توحي بها تسريبات الطرفين، من خلال حديثهما عن الاتفاق على صرف مرتبات جميع موظفي جهازي الدولة المدني، والعسكري وفقًا لقوائم 2014م لأن الدخول في تنفيذ  هذه الجزئية سيقود إلى حتمية توحيد موارد الدولة،بما فيها عائدات الموارد النفطية،وهذا بدوره سيؤدي إلى توحيد العملة النقدية،وإنهاء حالة الانقسام الناجم عن وجود بنكين مركزيين في دولة واحدة،وهذا يقودنا إلى التسليم بوجود اتفاق مسبق بين طرفي المحادثات، على الآلية التي سيتم بها  التنفيذ التي ليس لها إلا تفسيرًا واحدًا؛وهو تشكيل حكومة شراكة وطنية تستوعب كل فرقاء العملية السياسية في اليمن،وهذا ما تؤكدة الخطوات الأخيرة التي تقوم بها القوى السياسية المتطرفة جنوبًا،بعد تراجع منسوب شعاراتها، على إثر الخطوات الأخيرة التي أقدمت عليها الرياض وأبوظبي؛ بجمع قيادة الأطراف الجنوبية المتصارعة في مكان واحد،الذي أتى متزامنًا مع العودة  للحديث عن ضرورة التقارب الجنوبي الجنوبي؛في مربع الصراع  عدن لحج أبين شبوة،وظهور الدعوة المفاجئة للحضارم؛ بالمطالبة بدولة مستقلة،الذي تزامن مع إعلان قبول الرياض بتجنيد عشرة آلاف من أبناء حضرموت،والجميع يعلم أن الخطوتين أتتا بضغط من التحالف؛ لفتح مسارين مختلفين، وفقًا لسياسة العصا والجزرة،إذ يمثل المسار  الأول السياسة الناعمة، والثاني يوحي باستخدام القوة الخشنة،لكبح جماح القوى المتطرفة جنوبًا؛ لإيصال رسالة مبطنة لها بإنتهاء صلاحية أحادية التمثيل الجنوبي ،وهذا يقودنا  إلى إن التحالف قد شرع في تهيئة الأرضية المناسبة جنوبًا؛ لتنفيذ ما ستقرره نتائج محادثات مسقط التي توحي بأن الانتقالي قد أسقط -بغباء- حق المناصفة بين الشمال والجنوب، من خلال رفضه المستمر، منذ أن دفع به الرئيس هادي إلى الواجهة،انتهت بحربين شهدتها عدن،أدتا إلى إخراج حكومة بن دغر منها مرتين،التي كان نصف قوامها من الجنوب،ليعود بقبول المشاركة بثلاث حقائب في حكومة معين عبدالملك.

يبدو أن القرار قد اُتخذ بسحب البساط من تحت أقدام الانتقالي بطريقة ناعمة، من خلال فتح التحالف للمساريين الجديدين،سيقودان إلى إضاعة المناصفة على الجنوب،وسيعاد  توزيع الجنوبيين على أساس الانتماء السياسي، الذي ستلتهم الأحزاب القديمة جزءًا من تمثيل الجنوب، ممثلة بالأحزاب الرافضة للانفصال كالمؤتمر،والإصلاح،والجزء الآخر سيكون من حصة القوى الجنوبية التي تدعو لفكرة الأقاليم كالائتلاف الوطني الجنوبي،ومؤتمر حضرموت الجامع،بينما سيكون معظم الثمثيل الجهوي الجنوبي  لمحافظتي أبين،وشبوة مكملًا لموقف القوى السياسية،فالجميع يعلم موقف أكثر رموزها السياسية، والاجتماعية المناهض لمشروع الانفصال،أما المهرة فستكون من حصة عمان التي التزمت الحياد من الأزمة اليمنية، وهذا سيؤدي في المحصلة النهائية إلى انحسار مشروع الانفصال في مناطق نفوذه فقط.

يبدو إن هذا هو الإخراج النهائي للأزمة اليمنية، الذي لا يعدو في حقيقته إلا تنفيذًا لموقف المجتمع الدولي من الأزمة اليمنية؛الذي أكده على لسان مبعوثه الأول لليمن جمال بن عمر،حين قال : إن أصل المشكلة اليمنية هي صراع على السلطة، والثروة،وليس اختلاف مشاريع سياسية.