يعد الفن تعبير إنساني ووسيلة لحفظ الهوية غير أنه يشعل فينا الإحساس والعاطفة بالآخر، وهو أيضاً حالة إنسانية لا نستطيع أن نوصفها أو نوجزها بكلمات، لكن هذه الحرب قتلت فينا هذا الإحساس بل جعلتنا متبلدين حد الثمالة وحد فقدان الشهية بالحياة..قد اتفق قليلاً مع المثل الذي يقول: (في الحرب كل أوراق اللعب متاحة، متجاوزة كل الأخلاقيات، وتعد ورقة الفن من أهم أوراق لعبة الحرب، نبيلة، وقذرة أحياناً ، تحمل بشاعة البارود ورائحته (النتنة).. ففي زمن الحوثي جعل الفن في مناطق سيطرته يصيغ لنا مشاهد الحرب بصورة كلمات تتوغل كرصاص يخترق جدار القلب لكنه يظل متفرجاً حتى يصيب الهدف المطلوب، والهدف هم المعنيين بتلقي تلك الرصاصات..في زمن الحوثي فقط مُنعت الحفلات الموسيقية والعروض المسرحية والتمثيل والغناء إلى آخره من الفنون.. إما أن تكون زوامل وأناشيد طائفية تخدم وتمجد أسيادها وأما فلا داعي لها وتُدرج ضمن المعارضة لمعتقداتها.. في زمن الحوثي ومليشياته تجد لغة الكراهية والقتل والتحريض عوضاً عن سماع أنغام السلام والتعايش والمحبة.. في زمن الحوثي وأتباعه يكرس جهوده لحشد الأطفال والفقراء والمغلوبين على أمرهم للالتحاق بجبهات الموت (القتال)؛ ليلقوا حتفهم هناك..يبقى السؤال لماذا يخشى الحوثي الفن هل للأدوات والنوتات الموسيقية سلاح فتاك أم هو التقليد الأعمى للنهج المتطرف التي تنتهجه وطقوسها الداعشية؟!قبل أن تفخخ مليشيا الحوثي الأرض وتدمر البنية التحتية، فخخت عقول أطفالنا وشبابنا، وقبل أن تقتل الإنسان قتلت فيه انسانيته وشغفه وطموحه بالحياة..دون الفن والثقافة والمسرح لن نستطيع إيصال رسالة السلام والمحبة والتعايش فهو له دور حضاري وفكري في تطور المجتمعات وتقوية الروابط بين كافة الأفراد.. ويعزز من الإنسانية وتحقيق الحرية ونشر قيم التسامح والأخلاق ونشر الوعي وتكريس الأفكار التنويرية وجعلها تتواءم مع العيش بحرية وأمان.. فقد أرهقتنا أشباح الأزمات الداخية والصراعات الخارجية، وبرأيي لو كانت الحرب بشراً لقطعنا لحمها إرباً إرباً ولأجهزنا عليها جميعاً باسم الإنسانية والرحمة والعدل.. وباسم كل الشهداء وأمهاتهم وباسم النازحين وأطفالهم وباسم كل من فقد عزيز وغالي بسببها ومن تسبب بها!!٨ سنوات مرت ونحن ننام ونصحى على أحداث حرب جديدة وصراع جديد وصور مبكية فمتى نصحى على واقع نهاية مسلسل (الصراع وحرب اليمن)؟! ونبدأ مسلسل جديد عنوانه (اليمن ينفض غبار الحوثي ويتنفس الحرية والسلام)..
