آخر تحديث :الأحد-05 مايو 2024-02:25ص

الاستثمار الجريء

الأحد - 01 يناير 2023 - الساعة 01:58 م

د. ربيع العوبثاني
بقلم: د. ربيع العوبثاني
- ارشيف الكاتب


تشكل المشاريع الصغيرة والمتوسطة واحدة من أهم الأوعية والموارد الاقتصادية لأي دولة وتسعى الدول والحكومات لتنوع اقتصادياتها وأن لا تعتمد على موارد بعينها لتحقيق نسب جيدة من النمو الاقتصادي والحياة الكريمة للشعب والمجتمع، وتعتبر الشركات الصغيرة والمتوسطة قوة وركيزة في سياسات الدول وخططها التنموية لأنها تعتمد في المقام الأول على القوة البشرية في البلد ومدى قدرتها على تحريك عجلة الاقتصاد وخلق الفرص والاستثمار في الأفكار المبتكرة التي تتحول إلى منتجات وخدمات. 

وبالنظر إلى واقعنا في حضرموت نلاحظ بأن هذا الأمر مازال غائبا ولم يشكل النسبة المطلوبة للتعافي وحلحلة المشاكل التي خلفتها الحرب والأزمة منذ سنوات وبقي الحديث عن تطوير بيئة ريادة الأعمال لا يلاقي الاهتمام والانصات والتقدير ويعود ذلك لعدة أسباب وأولها غياب السياسة الواضحة للحكومات المتعاقبة والتي لم تعطي الأمر أي أهمية ورعاية وعدم إدراكها للعواقب والمخاطر الكبيرة التي يعاني منها الجميع في ظل هذا الجمود والاختناق الاقتصادي الكبير. 

وبالنظر إلى الأرقام في نسب البطالة فأن الوضع يستدعي التحرك والعمل الجاد لتقديم الحلول والمساعدة وتوفير الحد الأدنى للمواطن الذي يعاني الأمرين. فالعالم من حولنا يتغير ونحن مازلنا في ضياع والتغيير في محيطنا الأقليمي يسير بخطوات متسارعة فلم تعد الفرص في الاغتراب والبحث عن لقمة العيش بالسهولة واليسر مثل ما كانت في الماضي والوظائف الحكومية محدودة جدا وتكاد تكون منعدمة إلا للمقربين والأتباع والقطاع الخاص كذلك يعاني من مشاكل وفي حالة انكماش غير مسبوقة، لذلك من الواجب أن ترتفع الأصوات للمطالبة بالحقوق وأولها الخدمات وتوفير الأعمال للألاف من الشباب العاطلين الذين تشكل غالبيتهم من خريجي الجامعات والمعاهد الذين يمتلكوا من الهمة والتحدي والإصرار والأفكار الخلاقة والمبتكرة الشيء الكثير وهم قادرون على صناعة النجاح متى ما توفرت لهم سبل الدعم والاسناد وتبني أفكارهم ومشاريعهم من المقتدرين والميسورين وأصحاب رأس المال في الداخل والمهجر الذين نتوقع منهم أن يقوموا بدورهم المأمول في ظل هذا العجز واللامبالاة الذي تسلكه الدولة. 

وأرى بأن رأس المال الحضرمي قادرا أن يعمل الكثير ويساهم في تحسين بيئة ريادة الأعمال في حضرموت متى ما تحلى بالشجاعة والجرأة وتحمل المسؤولية والمشاركة الفاعلة في هذه الأزمة التي تلقي بظلاها على الجميع وأن يعمل على رسم الخطط والاستراتيجيات العملية للاستثمار في العقول الحضرمية وتحويل أفكار الشباب ذات القيمة إلى مشاريع تجارية اقتصادية تخدم التنمية في حضرموت وتساعد في بناء المجتمع المنتج المعطاء، وهذا يتطلب تأسيس صناديق متخصصة في الاستثمار التعاوني والجريء والتي أثبتت نجاحها في عديد المجتمعات عند الأزمات والمحن والرخاء.

وهذا النوع من الاستثمار سيخلق الفارق وسيقدم النموذج الأمثل في حضرموت وسيحفز الشباب والفتيات للتنافس وتقديم الأفكار المبتكرة وسيتمكنوا من تأسيس مشاريعهم الريادية بالشراكة مع هذه الصناديق، وسيكون هذا النموذج هو البذرة الحقيقية للتنمية المستدامة التي يتمناها كل محب وغيور على هذه الأرض بعيدا عن الأنانية والأنماط التقليدية للتمويل التي تعمل في غالبها على تقديم الربح وتشد الخناق على الرواد والرائدات بسبب السياسات البيروقراطية المنتهجة والفوائد غير المنطقية المقرونة بالشروط والضمانات التعجيزية والتي تتسبب في أثار نفسية واجتماعية كبيرة على الشباب والرواد الطامحين للعمل والإنتاج.