آخر تحديث :الإثنين-06 مايو 2024-02:16ص

اليمن بنظر السلالة الرسية إقطاعيات متوارثة

الأربعاء - 21 ديسمبر 2022 - الساعة 02:23 م

د. علي قاسم البكالي
بقلم: د. علي قاسم البكالي
- ارشيف الكاتب


عملت سياسة الإمامة على افقار الشعب اليمني من خلال إرهاق كاهله بالضرائب والإتاوات والفروض المالية غير المشروعة، وجعلت منه إقطاعيات للأسر العلوية وحدها، فيما ظل اليمني كالأجير يعمل في الحقل طوال العام، ويأتي عامل الإمامة وخراصوها فيأخذون اكثر من نصف المحصول، وما تبقى لا يكفي المزارع اليمني طعاماً لأسرته، وبذر للأرض للموسم التالي، وهذه الطريقة سلبت اليمنيين ملكيتهم للأرض وجعلتهم أشبه بأقنان الأرض في أوروبا العصور الوسطى، أولئك الذين كانوا يعملون في الأرض فلاحة وزراعة وحصاد، وليس لهما منها إلا ما يملأ بطونهم.

والفارق بين أقنان الأرض في أوروبا الإقطاع في العصور الوسطى المظلمة، وبين الرعية المزارعون في يمن الإمامة طوال العصور الوسطى والحديثة، هو أن أقنان الأرض في أوروبا وإن لم يكونوا ملاكاً، كانوا يعيشون في ظل الإقطاع كعمال وعبيد مقابل أن يزرعوا ويفلحوا الأرض، أما الرعية في اليمن، فكان المسمى أن الأرض أرضه، يفلحها ويزرعها بالاسم، ولكن المحصول كله أو نصفه على الأقل ينزع منه بالقوة، لعمال الإمامة ومحصلوها وخراصوها.

وكان عسكر الإمامة وقبائلها يخرجون في تنافيذ دائمة على الرعية، إما لخرص الأرض، أو لتقدير المحصول قبل حصاده، وتقدير حصة الزكاة والضرائب والمكوس قبل حصولها، أو لانتزاع ضرائب سابقة من الرعية، أو لإحضار الرعية إلى عمال الإمامة في النواحي والأقضية، وكان عسكر الإمامة ومتنفذوها على الرعية يسمون بالخِطاط، والخِطاط يعني عسكر بقى، أي أن عسكري الإمامة الذي ينفذ على مزارع يمني، ينزل عنده في بيته ويحل حلال متواصل، وكل يوم يطلب ذبيحة وقاتاً، ومطالب أخرى، حتى يقوم الرعوي المسكين بدفع ما فرض عليه لعامل الإمام، وكلما طال بقاء العسكري في منزله، كلما زاد فقره، بسبب مطالب العسكر، حتى أن بعض العسكر المنفذين على الرعية، كان يفني كل ما يملك ذلك الرعوي المسكين، حتى يذبح له في أخر الأمر البقرة التي يمتلكها.

وقد حاول بعض رجال الحركة الوطنية الأولى في مطلع العام ١٩٤٢م، أن يستشفعوا لدى الإمام المجرم يحي حميد الدين أن يرفع عن المواطنين التنافيذ والخطاط بسبب المجاعة التي ضربت اليمن حينها ومات بسببها أكثر من ٣ مليون يمني جوعاً، فرد عليهم الإمام المجرم يحي حميد قائلاً" الخطاط والتنافيذ من أعمال الإمام وعماله" هكذا بهذه العنجهية الرافضة إلا أن تستمرئ ظلم اليمنيين وتتلذذ بمعاناتهم وعذاباتهم.