آخر تحديث :الجمعة-19 أبريل 2024-12:46م

الّلغةُ العربيَّةُ والشعورُ القوميّ

الجمعة - 16 ديسمبر 2022 - الساعة 10:12 م

د. مجيب الرحمن الوصابي
بقلم: د. مجيب الرحمن الوصابي
- ارشيف الكاتب


الّلغةُ العربيَّةُ والشعورُ القوميّ
لغةُ اللهِ العربيّة

       أنا عربيُّ ... هكذا تشكّلَ وعيي منذُ أدركتُ كينونتي! ..ما العربيُّ والعربيَّةُ إلا لسانُها المبينُ؛ فاللغةُ أهمُ مقوماتِ القوميّةِ وإنْ تعددتْ وجوهها؛ بها تُعرفُ الأممُ وتُعرّف؛ وليس اعتباطا أنْ تنطبقَ حدودُ الوطنِ العربيّ على تلك الجغرافيا التي تتكلمُ اللغةَ العربيةَ!  

       يكشفُ مونديالُ قطرَ بجلاءٍ هذا الشعورَ الموحَّدَ والمشترك بينَ العربِ وهو عند المتأمِّل الرَّصين يُفصحُ عن ذلك الواقعِ الملموسِ القويّ في تأثيره و يمكنُ قراءته من زوايا مختلفةٍ؛ عنوانه الواضح القدرة على التفاهم بالمعنى الواسع والتفاعل عبر لغة واحدة .

    ولن يقتصرَ هذا الأمرُ على التفاهم بمفهومه الواسع فحسب؛ بل ثمّةَ تراثٌ حضاريٌّ وتاريخٌ أدبيُّ؛... فيمكنُ بسببِ اللغة الواحدة أن تقرأه كل الشعوب العربية وتفهمه وتستلهم معانيه استشعارًا وتعظيمًا، وهذا الأمر له أثره في توحيد المشاعر وجدواه؛  فلا نحتاج لكأس العالم ولا غيره من ظواهر إعلامية. 

      تدين الأغلبيةُ الساحقةُ من العرب بديانةِ الإسلامٍ ، وقد جاء مقترناً باللسان العربي ؛ ويُجمع رجاله أنَّ تعلّم اللغةِ العربيّةِ فرضٌ واجبٌ؛ لأن العبادات الواجبة والشعائر الإسلامية المعظَّمة لا تستقيم الا باللغة العربية أو تمارس. و "ما لا يستقيم الواجب إلا به فهو واجب"؛ وليس يسيراً فَهْمُ معاني الدين الإسلامي واستيعابه من غير معرفة باللغة العربية.

     ومن زاوية فلسفية يمكن رصد العلاقة بين اللغة العربية وتنمية الشعور القومي بأنها علاقة ( طردية) إنما على أساس متحرك وليس ثابت وساكن

      فإذا كان فلان من الناس يتكلم اللغة العربية اليوم؛، فإن شرطاً من شروط تأسيس شعور قومي عنده قد توافر هذا هو المنظور الزّمني المحدَّد السّاكن .
  وإنما إذا أخذنا أساسًا متواصلاً ، أي متحركاً فإننا نقول بالنسبة لهذا (الفلان ): أنّه كلما ازدادت معرفته وإتقانه للغة العربية ازدادت قوة اللغة كعامل لتكوين الشعور القومي عنده، أي ازداد شعوره القومي قوةً
فزيادة المعرفة باللغة العربية والتفاني في إتقانها يعني طردياً زيادة في أمور عديدة أخرى: كفَهْمِ التراث وتذوُّق الأدب واستيعاب التاريخ وحتى فهم القرآن الكريم واستيعاب الحديث والفقه الإسلامي.
كان أستاذي يقول لي متباهياً: إنَّ اللغة العربية هي لغة الله! ... وما كنت أدري ماذا أقول؟