آخر تحديث :الخميس-28 مارس 2024-08:00م

وفي اليمن ريا وسكينة

الإثنين - 05 ديسمبر 2022 - الساعة 12:00 ص

جمال لقم
بقلم: جمال لقم
- ارشيف الكاتب


جميعنا أو معظمنا سبق له و أن شاهد مسرحية ريا و سكينه و التي تدور أحداثها حول قصة عصابة (ريا و سكينه) أمتهنت اللصوصية و القتل و تدور احداثها في مرحلة معينة من التاريخ المصري ، و قام بتمثيلها على المسرح النجوم شاديه (ريا) و سهير البابلي (سكينه) و احمد بدير (عبدالعال) و عبدالمنعم مدبولي  (حسب الله) أن لم تخني ذاكرتي .. و في أحداثها بعد أن زادت عمليات القتل و الإختفاء التي تقوم بها العصابة ( ريا و سكينه )  و بدأت روائح الجرائم تفوح مما أضطرهما للبحث عمن يحميهم و لإبعاد الشبهات عنهما قررتا أن تتزوج (سكينة) من رجل الأمن ( عبدالعال) .. و قد تابعنا تراجيديا تلك القصة حتى نهاية المسرحية و مشهدها الأخير ..

 تذكرت تلك المسرحية و قصتها  اليوم بعد ما قرأت كغيري فضيحة الفساد في كشوفات المبتعثين للدراسة في الخارج على حساب الدولة و ما تضمنته من أبناء و أحفاد و قربى الوزراء و المسؤولين في الحكومة و التي تعد واحدة فقط من مشاهد اللصوصية التي تتم بحق المواطن من أعلى هرم السلطة ..

 قبل القرار الذي أصدره الدكتور رشاد العليمي بشأن تلك المنح كنت قد قرأت تغريدة على تويتر لنجله محمد و لست متأكدا من صحتها و يتحدث فيها من والده لم يكن يعلم بمنحة حفيده و حين علم كان قد أخبره من وزير التعليم قد ورطهم بفخ تلك و أنه قد يستخدمها كورقة ضغط لاحقاً .

 وزير التعليم العالي في تبريره أو بيانه الذي نشره توضيحاً لكشف المنح المسرب كانت تبريرات و أعذاراً أقبح من الذنب ، فقد كان حُنيٌن شديد الحنية و هو يتحدث من أبناء و بنات المسؤولين مشتتين في عواصم مثل لندن و باريس و موسكو و تركيا و مصر و كان عليه لزاماً مساعدتهم و لا اخفيكم سراً أن قلت أنه و أنا أقراء البيان ففي مخيلتي لاحظت قطرات من الدمع تذرفها عيناه و يتحدث عن ذلك و عن أبناء المسؤولين الذي يعيشون في الشتات في أرقى عواصم العالم و فنادقها و شققها ، و ليعذره أبناء و مواطني مناطق بركان مكيراس المهجرين من أرضهم و منازلهم و مدارسهم منذ ثمانية أعوام ، فهؤلاء يسكنون في مخيمات النزوح و الأيواء و يلتحفون العراء و يعيشون على ما تجود به المنظمات من مساعدات و أغذية لا تصلح للإستهلاك الآدمي ، و ليعذره أبناء الشهداء الذين يعانون الحرمان و مشكلتهم في أن آبائهم أخطئوا في شهادتهم دفاعاً عن الوطن و لو أن آبائهم رفضوا القتال و الشهادة و هربوا إلى عواصم و فنادق العالم كان قد حن عليهم و ذرفت عيناه الدمع رأفة بهم ..

 و كنا قد تابعنا القرار الذي أصدره على أستحياء رئيس مجلس الرئاسة الدكتور رشاد العليمي بشأن متابعة تلك المنح و إيقاف غير المستحقين منها ، ترى من هم الغير المستحقين ؟! و هل ستعلن أسمائهم ؟ .. الحقيقة أن ذلك  القرار الذي صُدر مجرد محاولة لإمتصاص الإحتقان الشعبي المصاحب لتلك التسريبات ، و لو كان العليمي جاداً في معالجة ذلك الأمر لكان أصدر قراراً بحل الحكومة لتوفر السبب المنطقي لذلك أو على الأقل إقالة الوزير و محاسبته مع كل من أشترك و ساهم و تسبب في تلك الفضيحة .. لكن لا يمكنه ذلك فالوزير قد (شعبك) أرجل الكل و ربطهم برجله فأن سقط سيجر الكل معه و أن حوسب سيتحاسب الكل معه بمن فيهم الرئيس العليمي ذاته ..

  أن ملف المنح و المبتعثين جزء بسيط من فساد مشترك و منظم تمارسه السلطة و قوى النفوذ بحق الشعب ، و لا زالت هناك ملفات اكبر بحاجة إلى فك تشفيرها كملفات النفط و التنقيب عن النفط و الغاز و وهم الجيوش و لصوص الأراضي و سماسرة الصفقات التجارية و الأستيراد و المقاولات و الكهرباء و المضاربة بالعملة و ملف السلك الديبلوماسي و ما يحدث فيها هو نفس سيناريو ملف المنح و المبتعثين ..

 الشعب يتعرض للصوصية في حقوقهم و يرغمون على الموت جوعاً و مرضاً من قبل هؤلاء و المصيبة أن أولئك هم الخصوم و هم القضاة و يستمر الحال ..

 يحاول البعض من أعلاميي و مناصري المجلس الإنتقالي إستغلال كشوفات المنح لبث صفة النزاهة لمسؤوليهم و تبرأتهم من فساد الفضيحة و هؤلاء كمن يغطي أشعة الشمس بغربال ، فالمجلس شريك أساسي في السلطة و كما ضحئ بالدماء للقضاء على فساد بن دغر سابقاً كما زعم فلما الصمت المريب حالياً و قديماً قالوا السكوت علامة الرضاء ..

 و بالعودة إلى مسرحية ريا و سكينه فالعصابة جسدت دورها ريا و سكينه و يشيرون إلى عصابات اللصوصية و النهب للمال العام من مسؤولين و جهات نافذة في الحكومة و أما ضحايا العصابة فيشيرون إلى المواطن الذي تنهب حقوقه و يتعرض للتجويع و الموت ، و أما (عبدالعال) فيشير إلى السلطة التي تحمي العصابة و أما (حسب الله) فهو الشخص الصامت الذي لا يسأل و لا يكترث لشئ طالما حصل على طعامه زوجه و سكن و مهمته أن يقوم بحفر القبور و دفن الضحايا و دوره يشبه دور المجلس الإنتقالي و تواجده في الحكومة .

 من يكتب و يخرج مسرحيتنا و يصور مشاهدها هو التحالف العربي الذي يستمر في إنتاجها حتى الآن .. فهل من صحوة ضمير يا تحالف الإشقاء ؟