آخر تحديث :الخميس-28 مارس 2024-05:33م

ماذا يعني 30 نوفمبر 1967م بالنسبة لعدن؟

الأربعاء - 30 نوفمبر 2022 - الساعة 05:22 م

عبدالكريم الدالي
بقلم: عبدالكريم الدالي
- ارشيف الكاتب


     
       ماذا يعني 30 نوفمبر 1967م
                     بالنسبة لعدن 
               أرض _ انسان _ هوية

الاستقلال مضمون مفهومه بالنسبة  للشعوب يعني النجاة من الاحتلال والظلم والبغي والطغيان وتحقيق الحرية والعدالة والمساواة  ، كما يعني حياة العزة والكرامة والمشاركة في السلطة والثروة والأرض والسكن والوظيفة  ،،، كما ان مضمون مفهوم الاستقلال بالنسبة للاوطان يعني الولاء والانتماء للوطن وبناء دولة النظام والقانون ، وعدم التفريط بالسيادة الوطنية والقرار السيادي وتطور الأوطان وتنميتها والحفاظ على امنها واستقرارها  السياسي والاقتصادي لاجل ازدهارها وتطورها  ،  فهل مضمون مفهوم استقلال الأوطان والشعوب ينطبق على  30 نوفمبر 1967م بالنسبة لعدن ( ارض إنسان هوية ) ? . وبعيدا عن المزايدة والكدب وتزوير الحقيقة وتحريفها والتضليل السياسي والفكري فما حصل ومازال يحصل لعدن من 30 نوفمبر67م الى يومنا ليس له أي علاقة لا من قريب ولا من بعيد  بمضمون مفهوم استقلال الأوطان والشعوب ، ولا نقول ذلك لمجرد الرغبة في الكلام او لقناعة  شخصية  او للتجني على الحقيقة  ، ولكن  نقول ذلك من وحي مرارة  أحداث  تاريخية واقعية تأكد هذه الحقيقة  ، ومن اهم تلك ألاحداث  :- 
1- تحايلت  بريطانيا على القرار الأممي لاستقلال مستعمرة  عدن الدي حدد ان يكون في تاريخ 9 يناير 1968م بناء على توصية لجنة تصفية الاستعمار ، والغرض من هذا  التحايل البريطاني  على القرار الاممي لاستقلال مستعمرة عدن سببين ، أولهما  حتى لايتم تسليم الاستقلال لأبناء عدن بدافع انتقامها منهم    ، وثانيهما لتتنصل بريطانيا  من التزاماتها القانونية والمالية والأخلاقية والأدبية كدولة استعمار  تجاه مستعمرة عدن التي احتلتها 129 عام  ، ومن تلك الالتزامات القانونية على بريطانيا تجاه مستعمرة  عدن التي تنصلت  منها بريطانيا على سبيل المثال وليس الحصر  التعويض المالي القانوني المقدر ب 60 مليون جنيه  استرليني في حينه   . 
2- قبل رحيل بريطانيا من عدن أشعلت الاستخبارات البريطانية نار فتنة حرب اهلية بين الجبهتين  ( القومية والتحرير ) مستغلة وجود  أجندة صراع السباق على استلام السلطة بعد رحيل الاستعمار في الدول العربية في تلك الايام بين الفكرين القومي والناصري ، كما استفادة بريطانيا من سياسة فرق تسد التي زرعتها في المجتمع  خلال فترة احتلالها  مستعمرة عدن والتي مازلنا نعيش تبعاتها الى يومنا ، وكان الهدف من إشعال فتنة الحرب الاهلية الانتقام من أبناء عدن بسبب تبني جبهة التحرير الفكر الناصري التي  كان اغلب اعضاءها من أبناء عدن ، في زمن صراع دولي واقليمي لاجل  فرض الهيمنة والنفود على المنطقة وكانتا  بريطانيا ومصر  طرفان من أطراف هذا الصراع  ، وبالتالي عمدت بريطانيا على فرض الجبهة القومية لتكون سلطة امر واقع في عدن والجنوب من خلال دعمها لتنتصر في الحرب الأهلية مع جبهة التحرير  باعطاء التوجيهات لجيش الاتحاد للوقوف مع الجبهة القومية التي كانت مهزومة قبل تدخل جيش الاتحاد   ، وبالتالي بعد دخول جيش الاتحاد الحرب بسلاحه الثقيل  قلب النتيجة رآسا على عقب وحسمت المعركة لصالح الجبهة القومية وجيش الاتحاد   .
3-  في 29 نوفمبر1967م تم توقيع محضر تسليم واستلام السلطة في عدن بين بريطانيا ووفد الجبهة القومية بذون وجه حق ولكن انتقاما من بريطانيا ضد  أبناء عدن ، ولم يكن توقيع على وثيقة استقلال مستعمرة عدن ، وكان ثمن الصفقة تنازل الجبهة القومية بذون وجه حق على تعويضات بريطانيا المالية لمستعمرة عدن والمقدر حينها ب 60  مليون جنيه استرليني كتعويض  قانوني مقابل احتلالها عدن 129 عام  ، وهكذا اصبحت الجبهة القومية سلطة امر واقع مفروضة بالقوة على عدن   .  
4 - لم يكن التوقيع على محضر تسليم واستلام السلطة بين بريطانيا والجبهة القومية في  مقر الأمم المتحدة أو أي من المقرات التابعة لها كما هو متعارف عليه  ، ولكن كان في كنيسة الفتاة المسيحية في جنيف بسبب رفض الأمم المتحدة استضافة هذا الاجتماع في مقرها او اي مبنى تابع لها في العالم   ، وهنا تتجلى بوضوح حقيقة التحايل والانقلاب  على القرار الأممي لاستقلال مستعمرة عدن وآليات تسليمها ، واليات تسليم  الاستقلال والسلطة لشعب عدن تتلخص في  تنظيم انتخابات ديمقراطية لشعب عدن ينتخب فيها سلطتة التشريعية وحكومتة التنفيذية ، تحت اشراف الأمم المتحدة .
5-  30 نوفمبر 1967م كانت بداية مظلومية القضية العدنية ( أرض شعب هوية ) والحال مستمر إلى يومنا ، حيت تم  استباحت واغتصاب عدن والسطو عليها أرض وثروة تحت مسمى عاصمة ، وتاسست عصابات الاغتيالات  ونصبت المشانق وفتحت السجون والمعتقلات لابناء عدن فكأن مصير أبناء عدن الاخفاء إلى يومنا او التصفية الجسدية بالاغتيالات  ، او الزج في السجون والمعتقلات اوالاعدام بتهم كيدية باطلة ومحاكمات صورية ، اوالطرد من الوظيفة العامة مدنية وأمنية مع حرمانهم من رواتبهم ومكافأة نهاية الخدمة  او باجبارهم  على الهجرة  القسرية  إلى اصقاع العالم  للنجاة بحياتهم وحياة أسرهم  ، كما كان نهب املاك واموال وبيوت أبناء عدن ودولة عدن باكدوبة قانون التاميم الظالم الجائر  . وكانت للهوية العدنية نصيبها من الظلم والبغي والطغيان والعنجهية والعنصرية لطمسها وانكارها وعدم الاعتراف بها وفرضت سياسات واساليب تغيير التركيبة السكنية في عدن لطمس الهوية العدنية . 
وهكذا من 30 نوفمبر 1967م إلى يومنا كانت ومازالت الجريمة ضد عدن ( أرض انسان هوية )  ممنهجة بدايتها في تنفيذ سياسة ترييف عدن وافقار ابناء عدن وطمس الهوية العدنية ، وحرمان عدن من مدنيتها ودورها الريادي في التنوير والتطور والعلم والمعرفة والسياسة  والاقتصاد والتجارة والثقافة والفن ، وهذا يعني  حرمانها من خصوصيتها في كل المجالات  ، وحرمان أبناء عدن من حقوقهم السياسية والمدنية وحقهم في ادارة مدينتهم وفي السلطتين المركزية والمحلية والثروة والأرض والسكن والوظيفة. 

فبعد كل  ذلك الظلم والبغي والطغيان والعنجهية والعنصرية والتدمير الممنهج  التي عانت منه عدن ( ارض انسان هوية)  ، فهل  30 نوفمبر 1967م بالنسبة لعدن ( ارض انسان هوية ) يحمل مضمون مفهوم الاستقلال ، او انه مجرد تغير وجه الاستعمار من استعمار خارجي إلى استعمار محلي افظع  ??? !!! .

عبدالكريم الدالي