آخر تحديث :السبت-20 أبريل 2024-08:35ص

محمد سعد يكتب نصه الوطني...

الأربعاء - 30 نوفمبر 2022 - الساعة 10:49 ص

سعيد بامكريد
بقلم: سعيد بامكريد
- ارشيف الكاتب


بقلم/ سعيد صالح بامكريد

كنت محظوظا بإجراء حوار مطول مع الشاعر والفنان الكبير محمد سعد عبدالله قبل ما يزيد عن ربع قرن من الآن وذلك في مطلع تسعينيات القرن الماضي، نشر ذلك الحوار على حلقتين في مجلة الفنون العدنية التي كنت أعمل بها آنذاك...وهي كانت أحد مجلتين شهريتين تصدرهما وزارة الثقافة بعدن وهما (الثقافة الجديد والفنون).
طبعا شهرة الأستاذ محمد سعد عبدالله كفنان وطني وعاطفي كبير طغت كثيرا على شاعريته، بل ربما العديد من المتابعين لا يعلمون شاعريته ولا يتذكرون قصائده إلا في حيز ضيق، علما إنه شاعر متمكن جدا بشهادة أدباء ونقاد كبار.
اشتهر محمد سعد عبدالله في غنائه الوطني وأناشيده الرائعة بابتعاده عن المزايدة والتطبيل للحزب الاشتراكي الحاكم حينها وتجاوز ذلك بمهارة فنية عالية حين أشاد بالوطن دون الحزب...وبالوطن دون النظام السياسي القائم آنذاك...استطاع "بومشتاق" أن يجعل من أغنيته نجمة تمشي على الأرض تنشر البهجة وتعلن الفرح وترسم خارطة الوطن وتعبر عن تطلع الانسان في بلادنا الى حياة آمنة تسودها الكرامة والحريات العامة بعيدا عن القمع وزيف الشعارات...فها هو يقول:
أنا من شعب 
يتحدى الصعب
ولا يخشى المخاطر
أسأل يا زمن 
أسأل وشاور 
الناس يا زمن 
الناس مخابر

عرف جمهور الغناء في بلادنا الفنان محمد سعد عبدالله فنان أغنية عاطفية من طراز رفيع...أغنياته مليئة بالشجن والحب والهجر والتسامح والصفاء وكل معاني الوفاء والحنين، ومن ينظر بتأن وتأمل دقيق لتلك الأغاني الجميلة التي جمعها في ديوانه " ليهب الشوق" سيجد ذروة الغناء العاطفي ولكلمات الحب والشوق الدفين، ومن حسن الطالع فقد انتقل هذا "الشوق" الة نصوصه الوطنية ففي " لهيب الشوق" أغنيته الشهيرة يقول:
كل يوم وأنت ياظالم
تستلم مني جواب
فيه أشرح لهيب الشوق
وأصور لك فيه معنى العذاب
كل كلمة في سطوره فيها أكثر من عتاب
لكن أنت يا حبيبي قاسي ما رديت جواب

هذا التدفق الجميل في مشاعر الحب والعاطفة نلمسه بشدة أيضا في نصوصه الوطنية، لكنه لا يخل بقيمته ومعانيه، بل ويشد من أزره ويجعله أكثر صدقا وأقرب الى وجدان المتلقي مما يجعله سهل الترديد والحفظ عند الصغار والكبار ومعانقة حميمية للمشاعر الوطنية الجياشة عند الانسان اليمني...انظروا ماذا يقول بن سعد في أغنيته الوطنية الشهيرة "بلاد الثائرين":
أعدك أني أعيش العمر
لك مخلص أمين
أنت اللي تستحقي
كل حبي والحنين
مسكنك وسط قلبي
أنت في عني اليمين

هذا المقطع من أغنيته الوطنية الرائعة " بلاد الثائرين" مليئة بالألفاظ ذات البعد الحسي العاطفي تبدأ بكلمة " الوعد"، إذ أن الاحباب هم من يواعد بعضهم البعض لكن محمد سعد عبدالله يواعد وطنه ويعده معطيا عهدا بأن يبقى مخلصا أمينا، ولماذا يفعل لها ذلك؟
لأنها كما يشدد تستحق ذلك لأن موقعها العميق في وسط قلبه حيث تقيم وتسكن...وأظن أن أغنيته الوطنية هذه استطاعت أيضا أن تقيم في دواخل الناس واعماقهم...لنرى مقطعا آخر:

يا بلادي...يا بلاد الثائرين
يا حياتي صدقيني لما أقول إنك حياتي
يا للي ذرة من ترابك أغلى من حياتي
يا وجودي يا للي من غيرك أنا مقدرش أعيش
لك في قلبي حب غالي للأبد ما ينتهيش
يا بلادي...يا بلاد الثائرين

في تقديري الفنان محمد سعد عبدالله واحد من أهم شعراء النص الوطني الغنائي في بلادنا، بل وتميز كثيرا في نصوصه الوطنية بأعطائها سمة عاطفية بالغة الأثر في مشاعر وروح ونفس المتلقي بسبب ألفاظها وحسية معانيها واقترابها بشدة من المشاعر الإنسانية...كما نجد أغلب النصوص الغنائية الوطنية للفنان محمد سعد عبدالله مرتبطة بالتحولات الوطنية ومعبرة عن تفاعلات الواقع، فهذه القصيدة /الاغنية "يا بلاد الثائرين" نجد فيها تقمص روح المقاومة وعزيمة النضال منصهرا بعذوبة الموسيقى اللفظية ومتعة النغم وجمال الأداء الأخاذ.
النص الوطني للشاعر الفنان محمد سعد عبدالله له نكهة مختلفة، ثري بالجوانب الإنسانية، يلمس شغاف القلوب واوتار المشاعر ...بل هو شلال ضوء يستنهض ويضيف ما بداخلنا من محبة وأمل وتطلع.