آخر تحديث :الجمعة-29 مارس 2024-05:58ص

المتقاعدون.. والعقوق الخفي

الجمعة - 21 أكتوبر 2022 - الساعة 12:00 ص

حسين السليماني الحنشي
بقلم: حسين السليماني الحنشي
- ارشيف الكاتب


يعتبر العقوق من الأعمال الاجتماعية التي تعيق سير الحياة، أو يكسر خاطر من يحتاج إلى العون، والعقوق يمنع عبير البر من الوصول في أوقاته التي تأتي على فاقة. واذا صلحت السلوك والمعاملات تجد من يفتخر بها من الناس رغم مايلقون من تحديات بينية؛هنا لابد من السير نحو تحقيق مكارم الاخلاق في المجتمع.
والعقول التي تدرك ما يعانيه المتقاعدون ليس من قلة مخصصاتهم المالية فحسب، وانما الغبن والحسرة على وطن شيّدوه،، وجيل نسي ما قدموه!
ان العقوق الذي يقابله الوالدين بعد خدمة الأبناء والجهد الكبير الذي كان على ظهر الاباء من أجل البلوغ إلى تحقيق السعادة للأبناء!
وحين تقع الرقبة للزواج يفرح الجميع أهل الزوج والزوجة
والأصدقاء والصديقات وتتم التهاني والتبريكات، بمناسبة عقد القران والتقارب بينهم!
لكن ماهو السبب الذي يجعل الزوجان( الابناء) يكون منهم العقوق؟ تجاه من فرحوا بهم، وعملوا على تسهيل المصاعب وتغلبوا عليها بشق الأنفس دون كلل أو ملل!
يذكرني هذا العمل الجميل ، بمن قاتل وحمل السلاح وسهر الليالي وكابد الساعات من أجل طرد المستعمر الذي جثم على حياة وتطلعات شعبه، أو من أفنى عمره في خدمة وطنه،وبذل ما لديه من قدرات في سبيل تحقيق الأهداف المرجوة .
فيأتي ممن بعدهم من يستبدلون الذي هو خير بالذي هو أدنى !
ألم ينظرون إلى الخطوط المعبدة،وما على جوانبها من القناديل المضئة، وحنفيات الماء المنتشرة بين سكان أحياء المدن .
فمن شيّد ذلك؟...
والغريب ان هؤلاء ـ جاحدين ـ وكان الأجدر بهم أن يشكرون من سبقهم...,مثل : الأزواج حينما يتنّكر الكل منهم عن من فرح بهم، من أجل مستقبل أفضل ،من اجل ان يسعد ممن ضحوا في سبيل تحقيق هذا الحلم الجميل لهم !
لكن للأسف،يتفق الزوجان على الهجر المتبادل فيما بينهم وكأنه عمل مقصود يصلون به إلى العقوق الخفي؛  الذي يمارسونه ويستمر عليه العمل ويصبح كأنه عمل روتيني ...
كما نلاحظه في طوابير طويلة عند ممن خدم الأمة والوطن "المتقاعدون"ونجدهم في حرمان وبؤس وحياة الضنك التي يعيشونها.
مما تتولد صورة مجتمعية تصبح ثقافة للأبناء ،ان يستمرون في العقوق،حيث تجد اليوم ممن يمسك بزمام الأمور؛ يعمل على تثبيت برنامج اقتصادي ناجع ،لكن برنامج برجماتي اناني.وينتشر العقوق في سائر المجالات الحياتية اليومية للمجتمع.
تجد التنّكر حاصل فيما بينهم وتسقط الثقة من الكل ويصل اليأس إلى مبلغه المخيف؛ الذي يشعرك انك تعيش بين قطعان تتغذى على بعضها البعض،او قد يخيّل لك خوفك بانك حشرة صغيرة لابد لك من الهروب من عالم لايرحم!
وهذا هو الذي جعلنا نلاحظ في حياتنا اليومية من يخرج (القيادة) لا يتفقّد من كان له اليد الاولى من الناس في تسليمه هذا الوطن!
وقد تتلوث نفس من النفوس الأبناء(القيادة) فيدخلها الشكوك حين يطالب هؤلاء أو فئة معينة ،مطالب حقوقية ينظر لها من زوايا المؤامرة ممن هم في السلطة، أنها مطالب مستحيلة أو أن تلك المطالب من الشئ الذي يتصادم مع رغباته، وليس من الغريب إذا بالغنا أن يطلب الشعب أو هؤلاء المتقاعدون ـ ملابس من الحرير ،أو تفرش الشوارع والطرقات لهم بالورد والسجاد الأحمر!
وتواجه تلك المطالب الحقوقية وليست الخيالية ،بالجحود!!
لقد أصبحت الناس تطالب بالميسور والسهل وأصبحت عندهم مفاهيم مما تمتلكه الدولة،وما تستطيع تقديمه،لولا أنهم يرون في المقابل الأبناء ( القيادة) مترفة تعيش مع كبار أغنياء الدنيا.
ان مجتمعنا لايريد أن يحمل فوقه مظلات تحميه عند خروجه من الشمس، أو تضع رذاذ الماء حتى يخمد الغبار أمامه..
أن تغيير ثقافة ( الفيد) عند القيادة أفضل من تغيير النظام والدستور والقوانين وو... 
وهي أقلّ كلفة، وأبلغ أثراً 
في صلاح القيادة وهي المحطة الأولى التي تبدأ منها نجاح المعاملات المؤسسية واستقرار المجتمع والجماعات المختلفة...
أن التفكير في تغيير وإصلاح البنية الأساسية لقيام الدولة ؛يمكن إصلاحها في ثقافة الممارسة السياسية لدى القيادة،ويتحقق التغيير الذي نسعى إليه نحو إصلاح المجالات الحياتية الآخرى،التي تتحقق على يده المصالح والمنافع ،حين تجد قائد ملهم. وتنشا لدينا القيادة الرشيدة.
فلسنا عكس البلدان والأشخاص في مجتمعات آخرى،لكن المقارنة بيننا تجد الجهل بمفهوم العمل السياسي خيم على القمة والقاعدة،وافقدها جمال حياة المجتمعات الأخرى!
أن السير نحو التغيير لواقعنا لايمكن النجاح مالم تفتح المدارس فصول جديدة لاستقبال الأجيال ،وزرع فيهم القيم ،وتربيتهم على السلوك والأخلاق الفاضلة!
وإلا صار العقوق الخفي ينخر فينا حتى تحق علينا اللعنات التي لا قدرة لنا عليها إلا أن نتوب،ونحافظ على ما بقي من الاخلاق الحميدة ،وهذا خير من أن لا نعود!