آخر تحديث :الخميس-02 مايو 2024-01:27م

الى الذين يشيطنون ثورة 14اكتوبر

الثلاثاء - 18 أكتوبر 2022 - الساعة 11:52 م

جبران شمسان
بقلم: جبران شمسان
- ارشيف الكاتب


 

 
1) للأسف كل ما يذكره المشيطنون لثورة ١٤ أكتوبر هو مجرد اختراقات وجرائم ونتائج وتآمرات ضد الثورة وهذه ليست لها علاقة بفكرة الثورة وحقيقتها وجوهرها ونبلها وأصالتها ومبادئها وأسسها. وعلينا ان لا نخلط الاوراق او نخلط الحابل بالنابل. لنشيطن الثورة ونرجع اللوم عليها وفكرتها في الاساس هي فكرة نبيلة ووطنية وانسانية. هذه شيطنة للثورة وهذا اختزال لها وتجاهل او جهل حقيقي بها وباسباب ماحدث وما وصلنا اليه. وسأحاول جهدي تفصيل بعض الاسباب التي ادت الى ماذكرت من صور كانت قاتمة ودموية وداميه. حتى لا أقع في الاختزال والتجاوز والتخطي الذي وقعت فيه وفي تغليب النتائج على الحقيقة والجوهر والاساس والاسباب؛ ولا نجعل حفنة اخترقت الثورة من البداية يقودها طرف اجنبي سعى للنخر في المجتمع السياسي واختراقه منذ عام ١٩٥٩ باسم "قومي" جميل جذب العديدين وضللهم وغرر بهم فاتبعوه وقادهم نافثا فيهم املاءاته كالسحر لوصوله بواسطتهم الى الهيمنة وايصال تلك الادوات الى السلطة دون اية مكونات او اطراف وطنية تحررية اخرى. وأعجب المستعمر ذلك وترك لهم الحبل على الغارب بل ووقف معهم في الباطن والظاهر ..تسليحا وتمويلا وتأييدا وتغطية ومناصرة وهم قابلين بذلك دون حياء او خوف من الله ومن الشعب ومن التاريخ؛ حتى ضرب المستعمر الثورة بهم وبجيشه العميل الذي صنع لمثل ذلك الهدف، وجعلهم الادوات الخفية الدائمة له قبل وبعد خروجه وانتقم من الثورة ومن عدن والعدنيين ومن ابشعب عامة شر انتقام وذبح بواسطتهم الثورة من الوريد الى الوريد واستمر ورثته الداخليين والخارجيين، القدامى والجدد بذلك حتى احالوا البلد وعدن الى قرية واغتالوها مع سبق الاصرار والترصد.
  2) خلال اربع سنوات من ١٩٥٩ حتى ١٩٦٣ لم تفرقع "حركة القوميين العرب" بالونة او مفرقعة اطفال في وقت قام فيه احد سلاطين الريف الثائرين  باربع عمليات في عدن في ١٩٥٩ هو العفيفي ذكرها احد حكام عدن في مذكراته.  وحركة القوميين العرب هذه هي هجين مولد وقد طرحت حل الكفاح المسلح وسيلة وحيدة لتحرير الجنوب ووضعت الحل على الرف دون تنفيذ منذ تكوين الفرعين في عدن والجنوب    والشمال ولم تشعل عود ثقاب. انها المكون (القومي) الحركي (التحرري) المخترق بادوات قادمة من شرق المتوسط لتعمل في شركة CCC الامريكية وتستقطب عناصرها من الريف الجنوبي والشمالي عندما لم تجد قبولا في المدينة عدى قلة قليلة رغم انها كانت تدعي حبها لعبد الناصر تمويها حتى تكسب عناصر واعضاء ولكنها انكشفت لاحقا بعد سنوات عندما وزعت تعميما داخليا في عام ١٩٦٥ لقواعدها في عدن يتهم جمال عبد الناصر بانه عميل وكانت هذه نكتة كبرى جعلت كثيرا من الوطنيين ينفرون من الجبهة القومية ويكتشفون حقيقتها. ولا مقارنة بين مكون غامض يقوده غامضون كحركة القوميين العرب خريجو معهد شملان في بيروت بمكانة وزعامة عبد الناصر القومية ومكانته الدولية ومنجز استرجاع قناة السويس من بريطانيا بالقوة وبناء السد العالي كاكبر مشروع طاقة اقتصاديوفي مصر،  ودعمه لثورة اليمن والجزائر ختى النصر، وتحرير الجنوب بجلاء بريطانيا من عدن والجنوب مع بقائها الخفي بادواتها ووكلائها واستمرار الاختراق وافساد الثورة بصراعات داخلية وتخريب عدن. فلا نقارن جمال بحفنه بيروت المشبوهة ونعتبرها كما اعتبرها الاخ الدالي ندا قوميا مقابلا لمكانة ومنافسة عبد الناصر . ولا مقارنة بين حفنة وزعيم منجزات وراؤه مليون جندي ومجند وملايين القلوب على مستوى الوطن العربي.   
  3) من العيب ان ننسى انه في سنوات الاحتلال الاولى قام البريطانيون بسلاحهم المتطور نسبة الى سلاح المقاومة بابادة الالاف من حملات القبائل المقاومة من العبدلي والفضلي والعقربي والحواشب وقبايل الشمال الشافعية في حملات متعددة ومن سكان عدن كالرفاعي وجد اسرة خليفة وقلة من رجال مدفعية مصريون ارسلهم ابراهيم باشا... علما بامتناع مناطق وقبائل جنوبية عن المشاركة في مقاومة المحتل في تلك السنوات الاولى من معارك وحملات المقاومة  ولكنهم يلبسون اثواب الانكار والنكران ويدعون حبهم الكاذب لعدن وعيونهم على مينائها وخزينتها..  واذا كان الانجليزوقد انتقم منا بأدواته لبضع عشرات او مئات قتلوا في حرب التحرير قبل الاستقلال المغدور فكيف لايكون لنا ضمير حي حتى نتذكر شهداءنا بالالاف عند بداية الغزو والاحتلال وعند قيام الانتفاضات في حضرموت وكور العوالق وابين ولحج قبل ١٤اكتوبر٦٣ بسنوات اوعقود وبعد اكتوبر ٦٣ ونكفر بالثورة ونشيطنها وننسى مجازر العدوان والغزو والاحتلال لانه لم يدخل المحتل بالورود. 
4) اخترقت ثورة اكتوبر من بدايتها من الاشهر الاولى الستة حين ركب عشرة من اعضاء (حركة القوميين العرب) على ظهرها وغيروا الاسم في امر دبر بليل من اسم جبهة التحرير (الاولى في فبراير ١٩٦٣) الى الجبهة (القوميه) نسبة الى اسم حركة القوميين العرب باجتماع هولاء العشرة بعضهم حديث السن وبعضهم ذوى سابقة وبعضهم مما لازال حيا ويرفض تفسير اللقاء المغلق الطارئ ولماذا تم  تغيبر الاسم الى القومية الوهمية والاسم في حقيقته نسبة الى قوميي بيروت خريجي معهد شملان ودعاة القومية كقميص عثمان. شعار حق اريد به باطل.  ومع ذلك ظلوا عشرة اشهر  لم يقوموا باية عملية في عدن قلب القاعدة البريطانية وسبقهم المؤتمر العمالي بثمانية اشهر بانزال ابرز فرسانه الى الميدان وتنفيذ عملية المطار التاريخية ومفتاح الاستقلال على يد الفدائي البطل خليفة عبد الله حسن خليفة.  وقد انتقم الانجليز بادواته بعد خروجه من رئيس الوزراء باهارون لانه ارسل سرا ٥٠ عدنيا الى قبرص عبر لبنان بجوازبن للتدرب على اعمال فدائية وحرب شوارع ليفرض مطالب العدنيين ووزعت اسلحة في كريتر  علنا من فوق سيارات لبعض القادرين على حملها وسط مكبرات صوت ضد المستعمر في ١٩٦٤ قبل اي عملية للجبهة القومية في عدن وخليفة في السجن. والمرجع كتاب مذكرات رئيس اخر دورة لاتحاد الحنوب العربي محمد حسن عوبلي: "اغتيال بريطانيا لعدن والجنوب العربي"  ..    

      5) لم تنفع مطالب العدنيين الناعمة بحقوق ابناء عدن الستة على مدى ١٥ سنه منها (سياسة تعريب عدن) التي اتبعها للبيومي ورفض عبد الله ابراهيم صعيدي  وضع القنابل الذرية في جبل حديد او غيره وقد ارجعتهم بريطانيا بتابوت الموت موتى بلا حراك من لندن رغم انهما كانا محسوبين على بريطانيا.  وكانوا مدنيين سلميين في حكومة ولاية عدن. وعلقوا بعض الريفيين بحبال من الطايرات وطاروا بهم معلقين في الجو في الريف. وقصفوا بالطيران يافع السفلى القارة وغيرها كما قصفو بالطيران الكور في حرب العوالق.  وقصفوا جيش جبهة التحرير  في كرش مرتين في نوفمبر ١٩٦٧ وقصفوا الصعيد في ١٩٦٨ بموافقة الادوات بعد الاستقلال لان الصعيد كانت مع جبهة التحرير واحمد صالح الاحمر العولقي. وقد اجتمع في تشييع جنازة البيومي ثم الصعيدي اكبر حشد في عدن.   
وللتاريخ كانت اكبر جنازات تشيع بجماهير غفيرة في تاريخ عدن هي حسب الترتيب الزمني: جنازة المؤلف العلمي والديني والمترجم محمد عبد القادر مكاوي وجنازة الشيخ عبد الله المحامي والد الشيخ طارق المحامي لدوره في عدن وجنازة اولاد المكاوي الشهداء الثلاثة  وجنازة جمال عبد الناصر. رحمهم الله جميعا.
هل رايت ما صنع الانجليز وادواتهم بالشعب والثورة بل قاموا بتصفية بعض الفدائيين والابطال بعد الاستقلال  بخمس سنوات بواسطة ادواتهم ومنهم السلطان الثائر الحر محمد بن عيدروس العفيفي. وهذا لايعني رضانا عن احراق جنود بريطانيين والتمثيل بهم احراقا فهذا ليس من شيم الثورات ولا من شرفها ولكن قامت بذلك بعد النزول والسؤال ادواتهم الوحشية وليست جبهة التحرير الذين كان معظمهم عدنيون فدائيون بطبعهم الانساني المدني الذي لاةيقبل ذلك. 
6) واخيرا اذا جاز لنا ان نشيطن ثورة ١٤اكتوبر وهي ظاهرة نبيلة وفكرة عادلة. فماذا سنقول على الثورات الانجليزية والفرنسية والروسية والامريكية والصينية والمصرية وغيرها كلها شيطانية . وهي ثورات اهتز لها العالم كما كانت وكالات الانباء العالمية تتناقل انباء ثورة الجنوب والعمليات في عدن. وتقيم الدول العلاقة مع ثورة الشمال وتعترف بها وبنظامها الجمهوري وتعترف بجبهة التحرير واصدرت الامم المتحده القرارات الدولية بضرورة الاستقلال.. الا ان البريطانيين لم يكونوا ينوون المغادرة الا بعد هزيمة مصر في حرب ١٩٦٧  لانني اتذكر ان البريطانيين حتى عام ١٩٦٦ كانوا يقيميون المباني ويشيدون المنشآت العسكرية واعرف شخصيا مقاولين كانوا ينقلون العمال الي بين الجبلين ومعسكر صلاح الدين ويقاولون البريطاتيين في عمليات البناء في القاعدة البريطانية في عدن الصغرى (البريقة) حتى ١٩٦٦.  علما بان الثورة في عدن والجنوب بصورتها النقية كانت بين بريطانيا العظمى وشعب منطقة استراتيجية حساسة وذات ثروات وتاريخ وحضارة. ولا تقل سانا عن بقية الثورات وبقية شعوب وبلدان العالم القديم والحديث.

جبران شمسان - اكتوبر 2022م