آخر تحديث :الخميس-28 مارس 2024-12:22م

دبلوماسية الدولة العميقة "القبيلة والجيب أولاً"

الثلاثاء - 18 أكتوبر 2022 - الساعة 03:30 م

د. مروان هائل عبدالمولى
بقلم: د. مروان هائل عبدالمولى
- ارشيف الكاتب


الدبلوماسية واحدة من أقدم المهن في العالم، هي فن ونشاطً استراتيجيً لا يتسامح مع الخيانة والعنصرية والضجيج والمفاخرة والغباء.

 العثرات والاخفاقات المزمنة و المتعددة للدبلوماسية اليمنية هي بسبب قلة الكفاءات وزيادة الورثة الشقاة من خارجها، الذين بجهلهم وقلة خبرتهم اخرجوا هذه المهنة عن سياقها وسببوا متاعب كثيرة لليمن و نزعوا عنها هيبة سلاحها  الخارجي ، لانهم ربطوا  مفهوم الدبلوماسية بجيوبهم من خلال الحصول على  نسب من مصادقة  العقود التجارية و استجداء المساعدات المالية  باسم الدولة وتحويلها الى حساباتهم الخاصة.

فقط في اليمن من الممكن ان  يقوم البعض بترك العمل في المطعم او في بيع القات و بتوصية من شيخ القبيلة ودون أي امتحان يستطيع الالتحاق بالسلك الدبلوماسي و فتح  قنصلية فخرية في اوروبا في شقته السكنية ومنها وباسم الدبلوماسية اليمنية  يمارس بحرية التجارة والتهريب والعنصرية الشطرية  تحت اسم دولة تدعي الوحدة بينما سلوكها اجبر المواطن الجنوبي الى التعامل باحترام مع مبدأ وحدة الاراضي ولكن في سياق حق  فك الارتباط .

الثقافة السياسية لكل أمة هي نتاج تجربتها التاريخية وقبل الوحدة شارك الدبلوماسيون الجنوبيون في الهندسة الاجتماعية وبناء الأمة وبتبني دبلوماسية  تصب في مصلحة الدولة والشعب  ، بينما بعد الوحدة اصبحت الدبلوماسية  في الغالب رهينة الولاءات القبلية والحزبية السامة في الداخل ،التي قادت الى اجتياح الجنوب في1994 ، و انخراط  المنتصرين بعدها من شيوخ  قبليين وعائلاتهم وعسكر وساسة في صراع عنيف حول الوظائف في السلك الدبلوماسي وحول  ميزانية وزارة الخارجية ونظموا عروضاً عامة في  نهب اموال الخارجية عبر شراء العقارات الفخمة  والسيارات الفاخرة خارج اليمن، كما قاموا بتحويل السلك الدبلوماسي اليمني إلى " نادي قبلي مغلق" .

 دبلوماسية الدولة العميقة القائمة على عسكرة الوعي و شعار الوحدة او الموت والفيد خلقت انفصام دبلوماسي  و مزيجًا مقززًا من الأحادية القبلية والمذهب في ادارة  شؤون الدولة الخارجية والداخلية، وملأت السلك الدبلوماسي بأفراد من قبيلتين او ثلاث رئيسيتين  + اتباع بعضهم يعملون من أجل  "الدولة العميقة"  الفاشلة حتى يومنا هذا .

السؤال الذي يطرح نفسه لا إراديًا هل نحتاج الى كل هذا الكم من الأشخاص حول العالم من الذين لا يفقهون في الدبلوماسية ؟  لماذا تزخر السفارات والقنصليات اليمنية بمسئولين وموظفين من ذوي الروابط العائلية والقبلية الذين لا يقدمون حوافز كافية للسلوك الجيد والذكاء ولا يعلمون كيفية مساعدة المواطنين ممن يجدون أنفسهم في ظروف طارئة او مشكلة قانونية  ؟

لايزال بعض موظفي البعثات الدبلوماسية يتعاملون مع أمور لا تتعلق بمصالح الدولة ، ومصالحهم التجارية الخاصة لها الغلبة على الوطنية ويجهلون ان نجاحات السياسة الخارجية هي من منجزات الدبلوماسيين الأفراد وليست سمة من سمات النظام ككل.