آخر تحديث :الأحد-05 مايو 2024-12:10ص

العدالة العمياء!!

الإثنين - 17 أكتوبر 2022 - الساعة 08:34 م

د. عارف محمد أحمد علي
بقلم: د. عارف محمد أحمد علي
- ارشيف الكاتب


العدالة تعني إعطاء كلّ شخصٍ ما يستحقه، أو إعطاء كلّ فردٍ حقه ، وترتبط العدالة ارتباطاً وثيقاً بالمساواة ، كما تستعمل العدالة للدلالة على معيار الحق ، ومن أهم سمات العدالة الحياد ، والصدق ، وخلوها من المصلحة الشخصية ، أو  النفعية ، أو من التحامل ، والمحاباة لأيّ شخصٍ كان ؛ ومن خلال هذا المفهوم فهي ترسي مفاهيم الاستقرار الاجتماعي والترابط والكرامة ، والمساواة ؛ وهي بهذا  تعمل على توزيع المنافع ، والأعباء على جميع أفراد المجتمع بطريقةٍ منصفةٍ ، وعادلة.

فمن يطبق العدالة إذاً؟ أنا، وانته، وهي ؛ يعني جميع أفراد المجتمع كلٌ حسب وظيفته الموكلة له ؛ ولكن حين  ، نرى قاضياً أشتكى ظلماً فأين حق الإنصافِ  ، ونحن نطلب منه عدلاً ناجزاً لضعيفٍ أُفْقِد حقاً في لحظةٍ من عمرِ الزمانِ  لِيُعدلُ به شوكةُ الميزانُ ؛ تريدوا منه أن يكتبُ ألتماسُ أم عريضةٌ مستعجلة أم دعوى للإنصاف فيها الرد ، والتعقيب لكلِ كلامِ ، أو دفعاً ليفند ظلمٍ لِيُعرفَ البيانُ ؛ فقد أصابه ظلم فأعطب الأعصابُ .

أنعجز أن نكتبَ دفعاً بقولٍ صريحٍ بتسديدٍ قويٍ مَنْفذاً للتصحيحِ في حسمِ المواجهةِ، أم نرضى بهزيمةٍ، والكل هناك متوجاً بنجاحٍ تحت إشرافِ القضاءِ فنتصدر الترتيب بانتظارِ لقاء إلى رئيسِ القضاء لعله يفصلُ أمراً فيه العجبِ العُجابِ فيظهرُ الخيط الأسود من الأبيضِ بفجرٍ من ظلمِ الغمامِ ليصبح صوماً مقبول عند رب العباد بدل أن نصوم متعباً لا أجر لنا في يومِ الصيامِ – كلامُنا فيه وزنَ عقلٌ أم كلامَ يُحزنُ القضاةُ .

إذاً لا بأس من الغوصِ في تجربةِ مرارة الخُسران فهكذا هي الحياةُ ، ولكن النفس التواقة للحريةِ ، والعدالة لابد لها أن تنطلق مع حشدً من الناسِ لتجسد الهوية الأخلاقية للنفس البشرية  التي تمثل لنا جميعاً براعم خير كمرشدات تعكسُ لوحة جميلة أسمُها الحق ؛ فلنجعل من هذه المواجهة مهمة صعبة لإحراز لقب المُنتصر ؛ حتى  بشقِِ الأنفسِِ ؛ حيث يمكن خرق هيمنتها بسبب قوة التدافُع بالوسائل المتاحة لنا ، ولكن قبل الخوض في مسبار الموجهة فإن الوقت حان للتعافي من صدمةِ المفاجئة ليس عقلياً  بل بصدقِ إيماننا بسبيلِ الحق الذي نسعى إليه ؛ لأن لدينا تحدٍ آخر يجب أن نُركز عليه بشعاراتٍ واقعية قبل الخوض في معاركِ نحاول فيها الفوز بأن لا أحد يستطيع التنافس مع الجانب الذي يمتلكُ سيفُ الحق.

 فلنخض نضالاً سلمياً للانفِكاك من هكذا وضع ببرامج متنوعة تترجم مباشرة خبراً يصل إلى الجميعِ "يجب مُحاربه الظُلم".

حيث جاءت صفة الظلم بداية مع تراجع المستوى القيمي للعديد من فئاتِ المُجتمع فأصبح يمتلكُ سجلاً مميزاً لها ليستمر بعدها بتمرير هذه السلوكيات المخالفة لقيم الدين الحنيف، وبهذه الخسارة بات مصير الكل مهدداً بها بعد أن تلقت المجتمعات ضربات متوالية فسقط مضرجاً بالهزيمة بدلاً من سد فجوات الصفوف حتى لا ينفذُ الشيطان منها ، والذي تمكن جاهداً ليوقع البغضاء ، والكراهية ؛ ففُتحت له هذه الثغور فسهل من تمريرها ليحدث خللاً عميقاً في نسيجِ المجتمع الواحد .

ولكن المجتمعات الحية التي تُجهزُ نفسها للاستحقاقات الكبيرة التي تُسند إليها لاستعادة قيم الإنسانية ، والدين ، والحق ، والعدل فيتحقق النصر لها ليعلِنوا عن أنفسهم إنِنا مازلنا أحياء ، وإنما ما أصابنا هو استراحة محارب لِيُقيم الأداء ، وتُوزع المناصِب .