آخر تحديث :الجمعة-03 مايو 2024-10:29م

بمناسبة ثورة 14 أكتوبر.. ثورتنا التي تم سرقتها بالشعارات الزائفة

السبت - 15 أكتوبر 2022 - الساعة 02:56 م

سعيد بامكريد
بقلم: سعيد بامكريد
- ارشيف الكاتب


كانت اليمن السعيد على موعد مع ثورته الشعبية في جزءه الجنوبي ليلة الثالث عشر من أكتوبر عام 1963م وأستمر لعلة رصاص الثورة وزقزقة بنادقهم حتى صباح الرابع عشر ليتم الإعلان عن انطلاقة ثورته لدحر الاستعمار وطرد جلاوزته دون رجعة...تأتي هذه الثورة بعد عام واحد من نجاح ثورة سبتمبر الام عام 1962م لتؤكد واحدية الثورة اليمنية، وهذا ما أكده بعض ثوار 14 أكتوبر بأنهم تحركوا من مدينة "تعز" نحو الجنوب، بل ونحو عدن...وكانت تعز بالنسبة لهم هي القاعدة الأساسية لهذه الثورة.

جميع اليمنيين على مختلف مشاربهم تجمعهم الالفة والمحبة والاخوة ولم تفرقهم وتبعدهم عن بعض سوى الأفكار الشيوعية الزائفة...

في بلادنا "الجنوب " كانت البداية خاطئة، بل بشعة وشنيعة فبدلا من تكريس الحس الوطني معادلا موضوعيا لما سموه "الاستقلال الوطني" بدأت الجبهة القومية خطواتها الثورية ب "اللحس الوطني" و "الاخفاء القسري وملحقاته" فصار الخوف يصول ويجول في شوارع المدن الكبيرة في الجنوب خصوصا في عدن وحضرموت و...و...لقد رأينا بوضوح تام الجزع والرعب يغطي وجوه وملامح المواطنين خلال سبعينيات القرن الماضي ويكفينا شهادة ما أطلقوا عليه " الأيام السبعة المجيدة وتخفيض الراتب واجب" ...نعم لقد حصل في تلك المرحلة تدمير ممنهج لمعنى الهوية الوطنية –المواطنة الصالحة-في النفوس والدواخل والضمائر ...بسبب ذلك صار الهروب من الوطن هو أقرب الخيارات للنابهين من أبنائه ...نعم صار الوطن بيئة طاردة لأبنائه من أصحاب المؤهلات والمواهب والمهارات ...أصحاب القيم والأفكار النبيلة والانتماء المدني ...نعم داهم الرعب أهل العقول الناضجة والمشاعر الإيجابية الصادقة فلم يعد أمام هؤلاء الشباب الرائعين من أبناء عدن وحضرموت وغيرهم سوى الرحيل والخروج والهروب من ذلك السجن الكبير الذي اطلقوا عليه " اليمن الديمقراطي الشعبي" !!!

بعد أربعين عاما للقتل العمد للرئيسين قحطان الشعبي وسالم ربيع علي "سالمين" تمت في القاهرة محاكمة قانونية عادلة في أركانها ومسارها الحقوقي للرئيس المصري حسني مبارك شاهدها ملايين من الناس في ربوع المعمورة وحضرها قضاة مختصون ومحامون للدفاع بينما الرئيسين "قحطان وسالمين" لم يحصلا على هذا الحق رحمهما الله رحمة واسعة...

هل تعلمون لقد تم القصاص لهذين الرئيسين بعد سنوات قليلة وذلك في أحداث 13 يناير 1986م.

يقول الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم (بشر القاتل بالقتل ولو بعد حين) وهو الصادق الأمين....

شهدت سبعينيات القرن المنصرم وجزء من ثمانينياته ظواهر اجتماعية وسياسية سيئة جدا جدا حيث سادت "المحسوبية" حياتنا العامة الوظيفية والمهنية والتي تواطأ بداخلها المناطقي والقبلي والحزبي الخبيث والعائلي الاناني وتداخل ذلك مع الأفكار المناهضة للوطنية والمدنية والحريات العامة والحقوق الإنسانية بهدف ترسيخ العنصرية والطائفية ومحاربة عقيدة الشعب وموروثه الثقافي فصعدت بسبب ذلك "الكراهية" الى سطح المجتمع فكانت "مذبحة يناير" الذي لم يتم التحقيق القضائي والحقوقي العادل في ملابساتها الى يومنا هذا ، ولم يتم محاسبة القائمين عليها رغم أن بعضهم لم يزل يعيش بين ظهرانينا !!

 اليوم عندما يلتفت القلب قليلا الى الوراء لن يجد ذلك الجنوب الجميل البهي الرائع المليء بالمشاعر الصادقة الوفية النبيلة، ولن يجد تلك العواطف الشذية والتواصل الرقيق الذي كان يمد البشر بالمودة والالفة والمحبة النقية البعيدة كل البعد عن المصالح الضيقة والانانية الفجة...هاهو الجنوب يبتعد قليلا قليلا عن أبنائه واحلامهم المشروعة في الحرية والكرامة والاستقلال الوطني الحقيقي الذي لم يتحقق بعد !!

تحدثت سلفا عن "الشعارات الزائفة" التي خربت البلاد والعباد ما يقرب من عشرين عاما 1969-1989م وهاهو " المال الفاسد" سوف يخرب البلاد والعباد عشرون سنة أخرى....

اليوم لن نجد تلك "القوى الوطنية" التي عملنا بدأب وحيوية ونشاط لتكون رافعة الحراك التنموي والنمو المعرفي والثقافي وبناء الأجيال بناء سليما استنادا الى تطور التعليم وتميز الجامعات وتفوق خريجيها في شتى المجالات ...للأسف الشديد لم يتحقق ذلك !!

هذا الواقع البائس الجديد أعاد إلينا فكرة الهروب والرحيل عن الوطن لأنه لم يعد يتسع لحقوقنا وأحلامنا وتطلعاتنا ...لكن الأمر المختلف هذه المرة إن "دول الجوار" لم تعد هدف الرحيل، بل صارت الرحلة أطول وأبعد، صار الرحيل إلى ما بعد البحار.... !!