آخر تحديث :الخميس-28 مارس 2024-01:53م

ثورة 14 أكتوبر الخالدة

السبت - 15 أكتوبر 2022 - الساعة 07:02 ص

مقبل سعيد شعفل
بقلم: مقبل سعيد شعفل
- ارشيف الكاتب


في عيدها التاسع والخمسين  يحتفل شعبنا العظيم بعيد ثورته ال 14 أكتوبر الخالدة في ضمير  ووجدان أبناء شعبنا الحر الأبي

هذه الثورة العظيمة لم تكن وليدة الصدفة بقدر ما كانت نتاج نضال طويل منذ أن وطأت أقدام المستعمر البريطاني أرض الجنوب وخلال مائة وتسعة وعشرون عاما من الاحتلال. 

لم يستكين الشعب لذلك بل قاوم بكل ما أوتي من قوة دون أن تفلح تلك المحاولات بالنجاح طيلة فترة الاستعمار الطويل،  ومع نضوج الوعي الاجتماعي والسياسي في الخمسينات وبروز حركات التحرر تخلقت اشكال عديدة لمقاومة الاحتلال مثل  الانتفاضات الشعبية والاعتصامات والعصيان المدني، وهي الأساليب المتاحة في مرحلة تاريخية تعبر عن رفضها  للاحتلال والتي واجهها المستعمر البريطاني بالقوة المفرطة والقمع والاعتقال، 
والزج بكثير من الرموز الوطنية التي قادة  تلك الانتفاضات الشعبية.
وكلما اشتد التنكيل من قبل قوات الاحتلال بالمناضلين كلما اشتدت أكثر وأكثر إرادة المقاومة عند أبناء الوطن .

حتى تم إندلاع الشرارة الأولى لثورة 14 اكتوبر من قمم جبال ردفان الشماء بقيادة الشيخ راجح غالب لبوزة الذي واجه ورفاقه المناضلين الأبطال بكل جسارة جيش الاحتلال واستشهد القائد والمناضل الشيخ راجح غالب لبوزة في جبل البدوي في واحدة من أشرس المعارك التي خاضها المناضلين الشجعان
بأسلحتهم التقليدية التي واجهوا بها العدو المحتل بكل ما امتلك من الاسلحة الثقيلة والحديثة.

وكتب لبوزة بدمه الطاهر كأول شهيد للثورة مرحلة الكفاح المسلح لنيل الحرية والاستقلال وهو ما أعلنته رسميا قيادتي الجبهة القومية والتحرير بدء الثورة المسلحة في عموم الوطن بعد سقوط أول شهيد للثورة لبوزة.

وخلال أربع سنوات من الكفاح المسلح الشاق في عموم جبهات القتال كان أكثرها قسوة وتضحية في جبهة ردفان حيث سجل المحتل البريطاني شهادة حق،، بوصفه لرجال ردفان بالذئاب الحمراء ،،.لما واجهه من مقاومة باسلة وشجاعة نادرة وجسارة على التضحية منهم، من أجل طرد المستعمر الأجنبي.

وكذلك كانت معارك التحرير على أشدها في العاصمة عدن حيث أبلي قادة الكفاح المسلح في جبهة عدن بلا حسن بعد أن أنخرط كل الأحرار في معركة تحرير الوطن .
وخلال معارك التحرير قدم شعبنا خيرة من انجبتهم هذه الأرض الطيبة من الشهداء والجرحى حتى نيل الاستقلال الوطني الناجز في 30 من نوفمبر عام 1967م.
ويكفي فخرا وشرفا لثورة 14اكتوبر الخالدة أنها استطاعت ولأول مرة في تاريخ الجنوب أن توحد 22 وعشرون سلطنة ومشيخة كان لكل واحدة منها علمها الخاص وحدودها، وبفضل الثورة الخالدة ،تم توحيد كل السلطنات ،والمشيخات ،في دولة واحدة،  اسمها جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية.

وحقيقة يمكن للمرء أن يصف  ثورة 14 أكتوبر  كحدثا بارزا ليس على مستوى الوطن بقدر ما كان حدثا تاريخيا على مستوى المنطقة حيث نقلت الثورة حياة شعب بأكمله ،من حياة الجهل والتخلف، إلى حياة العيش في رعاية الدولة القوية الضامنة لحياة كريمة لكل أبناء الشعب، بعد سنيين طويلة من الحرمان والجهل المفروض من المستعمر الأجنبي، حيث كان أبرز ثمار هذه الثورة العظيمة والمباركة قيام دولة قوية استطاعت أن تبني مؤسسات حكومية وتؤسس أقوى الأنظمة والقوانين.

وتوفر الحياة الكريمة لكل أبناء الشعب وفي أدق التفاصيل الماكل والملبس، والسكن ،والتعليم الإلزامي،وعلى نفقة الدولة ، والتطبيب المجاني ،وتقديم الخدمات الميسرة عبر الجمعيات التعاونية الزراعية والسمكية.

كذلك اهتمت حكومة الثورة في جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية ببناء الإنسان ،وفتحت مجال التأهيل لكل أبناء الوطن في الداخل والخارج،

وتم بناء أقوى جيش على مستوى المنطقة في جمهورية اليمن الديمقراطية ، كذلك من ثمار الثورة إنجاز أفضل تجربة اجتماعية جديرة بالإهتمام، ويكفي الإشارة أن استطاعت حكومة الثورة أن تقضي على ظاهرة الثأر في عموم البلاد وظل ينعم أبناء الشعب الحياة الآمنة والمستقرة بفضل قوة الأنظمة والقوانين وتطبيقها واحترامها من الصغير والكبير.

ومن عظمة الثورة، نتذكر وبإجلال أن حكومة الثورة أوشكت ان تقضي على ظاهرة الأمية ، حيث سجلت اليونسكو شهادتها في منتصف الثمانينات بأن مستوى الأمية في جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية أقل من 2% 
ومن هذه الحقائق تتجلى عظمة ثورة 14 أكتوبر، ويتعاظم خلودها في الضمير الجمعي للناس بأن كانت بكل المقاييس حدثا تاريخيا،نقل حياة الشعب والوطن من حال الجهل والفقر والمعاناة ، لحال الحياة الكريمة في ظل رعاية الدولة التي وفرت لكل أبناء الشعب سبل العيش الكريم ،، وبكل تأكيد أن مثل هذه التجربة التاريخية التي حققت المنجزات التي نفتقدها اليوم في حاضرنا المؤبد بالحرب، وأن وجدت بعض السلبيات والأخطاء وهي تعود لأسباب قديمة جديدة نراها تتجدد كل يوم في حياتنا دون الأخذ بالعبر والدروس ،للإستفادة من الماضي ،وأخطائه، ومن دواعي الفخر والحزن ،في آن واحد أن نحتفل بالذكرى التاسعة والخمسون لثورة 14اكتوبر دون أن يتبقى لنا من هذه الثورة والتاريخ ، غير الذكرى.

ما أحوجنا في هذا الضرف العصيب، أن نرى أكتوبر الفعل والتاريخ والمنجزات أن يتجدد في حياتنا وينقلنا مرة أخرى من حياة الضياع وغياب الدولة والسيادة إلى حياة الدولة التي شيدها الآباء والأجداد وتربينا في عزها وتعملق الكثير في ظلها ولم يلتزموا بالحفاظ على أعظم ما أنجزه المناضلين الشجعان ثورة أكتوبر وثمارها الوارفة، التي أصبحت بفعل الغباء ولؤم وحقارة السياسة والسياسيين هباء منثورا ، ورغم كل هذا وأكثر ، نقول عاشت ثورة 14 أكتوبر الخالدة.