آخر تحديث :الإثنين-06 مايو 2024-01:03م

"يا سيدي يا رسول الله

الإثنين - 03 أكتوبر 2022 - الساعة 04:35 م

يحيى محمد القحطاني
بقلم: يحيى محمد القحطاني
- ارشيف الكاتب


تحتفل اﻷمة العربية والإسلامية، يوم السبت القادم، الموافق 12من ربيع اﻷول من عام 1444هجرية، بذكرى مولد رسول الرحمة والمحبة محمد بن عبد الله(علية أفضل الصلاة والتسليم)، وفي مثل هذا اليوم ﻻبد لنا أن نقول، ياسيدي يا رسول الله: لم نكن مثلما تريد، ولم نُقدِّمْ للإسلام شيئًا، يجعلك تفتخر بنا يوم القيامة، كأُمَّةٍ قضيتَ كثيرًا من حياتك، في المعارك من أجلها، فنحن ﻻ زلنا منذ وفاتك، أمة مستهلكة وغير منتجة، نأكل مما لا نزرع ونلبس مما لا نصنع، ضيعنا بعدك الطريق القويم، ولم نعد اﻷمة التي تحدثت عنها، من آجل أن تباهي بها اﻷمم .

ياسيدي يارسول الله:- في ذكرى مولدك، نلتفت يميناً وشمالاً، فلا نرى إلا أعداءً من الداخل والخارج، دول وأحزاب وجماعات، تكالبوا وتآمروا علينا، ومن يتولى السلطة منهم، يقوم بتسيس التعليم والصحة

والوظيفة العامة واﻹقتصاد، منهجا وإدارة ونظام، بالبعد المذهبي لصالح حزبه وجماعاته، ويقوم بإقصاء اﻷخرين من وظائفهم، وإحلال أتباعه بديﻻ عنهم، حتى مساجد الله سيسوها، فضلينا متخلفين في كل المجالات، ولم نتطور إﻻ في علم النكاح وعلم الذبح، من الوريد إلى الوريد، وأرتكبنا ما نهيتنا عنه، من تفرُّقٍ وقتالٍ لبعضنا البعض، لا كما أوصيتنا:(لا ترجِعوابعدي كُفَّارًا يضرِب بعضُكم رقابَ بعض)، ولم نعد أمة العلم والاخلاق والرحمة والعدل والتقوى كما علمتنا، فقهرتنا الأمم وسبقتنا، ونحن قهرنا الأمم بتخلفنا وجهلنا.

ياسيدي يارسول الله:- معظم شعوب العالم كافرهم ومسلمهم، يحكمون أنفسهم بأنفسهم، بواسطة الديموقراطية والتبادل السلمي للسلطة، ونحن العرب في حروب وصراعات على السلطة، منذ سقيفة بني ساعدة وحتى يومنا هذا، بين من يقولون أن الحكم لهم دون غيرهم من البشر كحق إلهي، وبين من يقولون بأن الحكم في قريش ما أجتمع علية إثنين إلى أن تقوم الساعة، متناسيين قول الله تعالى (وأمرهم شورى بينهم) وقوله تعالى ( وشاورهم في اﻷمر) وقوله تعالى (إن أكرمكم عند الله أتقاكم)، فأسندنا اﻷمر إلى غير أهله، وتحول واقعنا إلى مؤلم، ووضعنا إلى مزري بين اﻷمم .

ياسيدي يارسول الله:- الأمة أضاعت من بعدك الطريق، وصارت من بعدك أممُ، فرطنا من بعدك في جنب الله، ولم نكن أكفاء لنحمل راية البطولات، كما حملتها أنت وصحابتك اﻷخيار، ولم نعد أمة اﻷمن واﻷمان، بل أصبحنا أمة قتل اﻷطفال والنساء، وتهديم المدارس والمساجد والمستشفيات، كما يفعل فئران الخليج في بلادنا، منذ ثمانية أعوام، وقاموا بإحتلال جزرنا وموانئنا، ونهبوا ثرواتنا الطبيعية، وحكامنا يظلموننا وينهبون حقوقنا، قطعوا مرتباتنا منذ سنين عديدة، جعلوا معظم أيامنا أزمات وحروب وحصار، فأنتشر فينا المرض والفقر والجوع والمجاعة، قلوبنا أصبحت حبلى بالهموم واﻷحزان، وكلنا متعبون حد الذل والمهانة، في تقبيل أيادي الكفار، ليتصدقوا علينا بباقي الدقيق والقمح والسكر، ونرجوهم أن يقبلونا عمال في بلادهم .

ياسيدي يا رسول الله:- لقد أفنيت عمرك لهداية هذه الأمة، ونحن من بعدك، فرّطنا في جنب الله، ولم نرعى لك قدراً ولا حرمة، أسرفنا في الظلم وفي الجور، وملأنا الأرض بدعاً وزيفاً وأهواء، إهتماماتنا وإختﻻفاتنا ظلت في مبطﻻت الوضوء، وعلم السواك، وحيا على خير العمل في اﻷذان، وكلمة أمين بعد أية وﻻ الضالين، بينما اﻷمم اﻷخرى طلعوا الفضاء وغاصوا في البحار، وأهتموا بالعلم واﻹنسان، ولو كنا تحلينا بأخلاقك العظيمة، ما كُنا هُنَّا على أنفسناوﻻ على اﻷخرين، ولذلك لم نستحقَّ الصرحَ العظيم الذي قدمته لنا، وهو الإسلام، ولم نستحق شفاعتَك فينا وقولَك:(أمتي أمتي)، يوم القيامة، إذ كل الأنبياء تقول : (نفسي نفسي)، إلا أنت يا رسول الله تستغيث لأمتك .

ياسيدي يا رسول الله:- لو أننا أتبعنا تعاليم ديننا اﻹسلامي الحنيف، التي حملتها إلينا دون إفراط أو تفريط، وأعتصمنا بحبل الله جميعاً، ما أصبحنا أمة المليار والنصف مسلم، غثاء كغثاء السيل ﻻ يحسب لها حساب، بعد أن كنا بفضل الله، وسيرتك العطرة، وإخﻵقك، وصفاتك النبيلة، خير أمة أخرجت للناس، فيأخير الأنام وخاتم اﻷنبياء والمرسلين، نشهد أنك قد بلغت الرسالة، وأديت أﻷمانه، ونصحت اﻷمه، وعلينا كأمة مسلمة أن نغيرما بأنفسنا، حتى يغير الله ما بنا، من كرب وضعف وذل وهوان، وأن نجعل إحتفالنا هذا العام بمولدك، محطة انطلاق نحو مولد جديد ﻷمة قوية منتصرة، ومستقلة، تكتسي هيبتها، وتحتل مكانتها بين اﻷمم، كأمة شاهدة على الناس أجمعين، والله من وراء القصد .