آخر تحديث :الثلاثاء-19 مارس 2024-07:51ص

حياة دون مخدرات

الإثنين - 03 أكتوبر 2022 - الساعة 02:15 م

رواء عبدالله مجاهد
بقلم: رواء عبدالله مجاهد
- ارشيف الكاتب


 تعتبر مشكلة انتشار المخدرات و الإتجار بها وترويجها، وتعاطيها من أكثر الآفات خطراً على سلامة المجتمع الإنساني، لما لها من آثار تدميرية على كافة أجزاء التركيبة المجتمعية، وقد تصدى المجتمع الدولي لهذه المشكلة بعدة وسائل، وتم عقد المؤتمرات وسنت التشريعات، وأبرمت الاتفاقيات، وأنشأت أجهزة لمكافحة هذه الآفة . 

إلا أنه ومع كل هذه الجهود فإن تجارة المخدرات ما تزال قائمة، بل وآخذه بالنمو، ويتم استحداث أنواع جديدة من المخدرات. 

 

والمقنن اليمني لم يكن في غفلة  من وجود تشريع قانوني لتجريم المخدرات حيث يوجد القانون رقم 3 لعام 1993 بشأن مكافحة الإتجار والاستعمال غير المشروعين للمخدرات والمؤثرات العقلية ،  ولكن القانون الصادر في عام 1993 م  لم يتم تعديله أو على أقل تقدير تحديث لجداول المخدرات الملحقة  به ليتم تدارك التحديثات الحاصلة ، والتقدم المرعب في تجارة المخدرات.  لأن وجود أنواع مستحدثة من المخدرات وغير مدرجة في جداول المخدرات الملحقة بالقانون رقم 3 لعام 1993 فمعنى هذا أن الاتجار بهذا المخدر و تروريجه وتعاطيه غير مجرم قانوناً ،  ويخرج فعل الإتجار والترويج من دائرة التجريم ،  ليدخل في دائرة الاباحة ،  وهذا قصور قانوني كبير جدا ،  و قد أوجدت نصوص قانون المخدرات ذاته  الحل الذي يمكن من خلاله تدارك هذه الفجوة  القانونية من خلال النص على أحقية وزير الزراعة بقرار يصدره أن يعدل في الجداول الملحقة بهذا القانون بالحذف أو الاضافة ، أو بتغيير النسب الواردة ،  على أن يستثنى من الحذف من الجدول الأول وشهر القرار في الجريدة الرسمية . 

 

 و لكن .. ومع الأسف الشديد والشديد جداً أن جداول المخدرات لم يتم تعديلها منذ العام 1993 ولم يتم استخدام الميزة القانونية بتحديث جداول المخدرات ،  في الوقت الذي نجد التشريعات العربية  تعمل على تحديث جداول المخدرات سنوياً أو على أقل تقدير يتم التحديث كل عامين عن طريق لجنة مشكلة  من وزير الصحة ،  ووزير العدل ، ووزير الزراعة ، و وزير  الداخلية ،  وفي بعض التشريعات يكون الحق لوزير الصحة  تعديل هذه الجداول بينما القانون اليمني والجداول الملحقه به محلك سر منذ عام 1993 م . 

 

 أيضا من المعوقات التي تحول دون القيام بمكافحة  المخدرات على الوجه الأمثل أن الادارة العامة لمكافحة  المخدرات تفتقر للإمكانيات الأولية لفحص العينات المضبوطة ، فضلا على أن وضع الادارة العامة للأدلة الجنائية بعد قصفها أثناء فتره الحرب بعدن انعدمت فيها أي امكانيات يمكن استخدامها في الفحوصات ويتم اللجوء في الوقت الحالي إلى المختبرات المدنية، كمختبر الهيئة العليا للأدوية والمستلزمات الطبية . 

 

 ضف إلى ذلك أنه لا توجد مصحة متخصصة لعلاج الإدمان وهذا أمر مفجع للغاية، ويلحق به تعطيل العمل بالمنحة التشريعية الواردة بنص المادة 38 من قانون المخدرات والتي بمقتضاها يجوز للمحكمة اللجوء لعقوبة بديلة لها انعكاساتها الإيجابية الجمة، وهي ايداع من ثبت إدمانه على تعاطي المخدرات في إحدى المصحات العلاجية بدلا من الحكم عليه بخمس سنوات ، مما يجعله يخرج ناقم على المجتمع الذي لم يتعامل مع مشكلته الصحية في المقام الأول بشكل إنساني يجنبه سلبيات العقوبة . 

 

 باختصار شديد الامكانيات المتوافرة في مكافحة المخدرات تكاد تكون في حكم الصفرية ومع ذلك ومن خلال اطلاعي على تجارب الدول الأخرى في مكافحة المخدرات وجدنا أن الأمر ليس فيه من الصعوبة الكبيرة، كل ما في الأمر أننا بحاجة إلى كوادر تفكر صح ، وتخرج عن الأسلوب التقليدي ،  وتكون هناك أساليب تنظيمية واستراتيجيات صحيحة، ونية صادقة ، واخلاص للعمل . 

 

وتظل جهود المجتمع المدني قائمة في هذا الجانب من خلال كل الأساليب التي من شأنها مكافحة المخدرات على الوجه الأمثل. 

 

 الصور المرفقة من ورشة العمل التي نفذتها مؤسسة الوضاح للحوار والتنمية، بالشراكة مع مركز اليمن لدراسات حقوق الإنسان، وبتمويل مؤسسة رنين اليمن، ضمن فعاليات برنامج تعزيز الأمن على المستوى المحلي، وسعدت فيها بتيسير الورشة، وتقديم عرض عن تجارب الدول الأخرى في مكافحة المخدرات، بحضور مدير أمن عدن اللواء مطهر الشعيبي، ومدير إدارة مكافحة المخدرات، ووكيل محافظة عدن لشؤون الشباب، ومأمور مديرية في كريتر، وعدد كبير من رجال الأمن والإعلاميين، والقانونيين والتربويين. 

 

كما قامت مؤسسة الوضاح للحوار والتنمية اليوم الموافق 2 اكتوبر 2022 م بتدشين حملة توعوية حول مخاطر انتشار المخدرات ضمن فعاليات برنامج تعزيز الأمن على المستوى المحلي. 

 

  أخيراً.. رسالة عاجلة، أبعثها من خلال هذا المنشور أوجهها إلى معالي وزير الزراعة سالم السقطري بضرورة العمل على تحديث جداول المخدرات الملحقة بالقانون رقم 3 لعام 1993 إذ أن عدم تحديث الجداول منذ العام 1993 م وحتى الآن أمر مؤسف جداً، وجريمة بحق الشعب اليمني، أتمنى على كل من يقرأ منشوري هذا ايصالها إليه، وايصالها أيضا إلى كل من بيده العمل على تحديث الجداول الملحقة بقانون المخدرات.