آخر تحديث :الجمعة-29 مارس 2024-03:24م

اليمن بين التحقيقات ومطلب العدالة

الإثنين - 26 سبتمبر 2022 - الساعة 08:35 م

عائشة المري
بقلم: عائشة المري
- ارشيف الكاتب



على ضوء انعقاد الدورة الحادية والخمسين لمجلس حقوق الإنسان التابع لهيئة الأمم المتحدة، أصدرت أكثرُ من 130 منظمةً حقوقية بياناً موجهاً للمجلس الذي سيكون أمام تحدي إصدار قراره الخاص بشأن حالة حقوق الإنسان في اليمن يوم السابع من أكتوبر المقبل، وهو القرارُ الذي ظل موضعَ تجاذبات ونقاشات موسعة بغيةَ الوصول لمقاربة فاعلة لحالة حقوق الإنسان في اليمن، تسهم في معالجة كافة الانتهاكات والتجاوزات المرتكبة هناك.
ودعت المنظماتُ في بيانها مجلسَ حقوق الإنسان إلى تحمل مسؤولياته لحماية حقوق الإنسان في اليمن، ولتحقيق العدالة والإنصاف والمساءلة، مؤكِّدةً على ضرورة قيام المجلس بدعم اللجنة الوطنية اليمنية للتحقيق في ادعاءات انتهاكات حقوق الإنسان في البلاد، وهي الدعوة التي حملت منظمات المجتمع المدني عبئها منذ الإطاحة بنظام الرئيس علي عبدالله صالح في عام 2011.
تعتبر اللجنة الوطنية للتحقيق في ادعاءات انتهاكات حقوق الإنسان باليمن آليةً وطنيةً يمنيةً لرصد وتحقيق كافة الانتهاكات المرتكبة على أراضي اليمن من قبل جميع الأطراف، وقد تم إنشاؤها في عام 2012، بقرار من رئيس الجمهورية، استجابةً للمطالب الوطنية والدولية، واستند في إنشاؤها للمبادرة الخليجية وقرار مجلس الأمن رقم 2051 لسنة 2012، إضافة لقرارات مجلس حقوق الإنسان المتعددة بشأن اليمن. وتضم اللجنةُ في عضويتها جميعَ الأطراف المعنية بحالة حقوق الإنسان في اليمن، وتتمتع اللجنة بولاية واسعة لحماية وتعزيز حقوق الإنسان، وفق آليات مستقلة وشراكة محلية وإقليمية ودولية، وتعتمد القانونَ الدوليَّ لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني لعملها.
ومنذ عام 2015 أصدرَ مجلسُ حقوق الإنسان العديدَ من القرارات لتقديم الدعم الفني والتقني للجنة الوطنية اليمنية، كما عملت المفوضيةُ الساميةُ لحقوق الإنسان على دعم اللجنة بالخبرات اللازمة لتحقيق ولايتها بكفاءة وفاعلية. وظلت اللجنةُ محلَّ انتقاد لعجزها عن تحقيق العدالة للضحايا ومساءلة الجناة، وهو ما استرعى مجلسَ حقوق الإنسان في عام 2017 لاتخاذ قراره بإنشاء «فريق الخبراء الدوليين والإقليميين البارزين باليمن»، وأعطى الفريقَ ولايةً واسعةً تحت إشراف المفوض السامي لحقوق الإنسان ولمدة عام قابلة للتجديد.
وقد انحرف فريق الخبراء برئاسة التونسي كمال الجندوبي، وسعى إلى تسييس القضايا المعنية بحالة حقوق الإنسان باليمن، وعمل على تنفيذ ولايته وفق بُعد غير إنساني يعتمد الاستهداف المؤدلج لأطراف الصراع باليمن، في خروج على ولايته المُوكلة إليه، وهو ما تطلب من مجلس حقوق الإنسان إنهاء ولاية الفريق في أكتوبر 2021 منهياً بذلك فصلا من التأزيم باليمن.
من المنتظر أن يقوم مجلس حقوق الإنسان خلال الدورة الحالية باتخاذ قرار بشأن اليمن تحت البند العاشر من أجندة اجتماعات المجلس.
ويتجاذب القرار أميركا والمجموعة الأوروبية من جهة، والمجموعة العربية مدعومةً بتحالف واسع من الدول الأعضاء بالمجلس من جهة أخرى، إذ تسعى أميركا مدعومةً بالأوروبيين للضغط على اليمن للقبول بقرار تشكيل لجنة دولية للتحقيق في اليمن أو تعيين مقرر خاص لليمن، بينما تدفع المجموعة العربية وتحالفها لرفض تلك المقترحات والمتمسك بالتجديد للقرار السابق للمجلس تحت البند العاشر، ودعم اللجنة الوطنية اليمنية، وهو ما سيمثل انتصاراً جديداً للمجموعة العربية بعد انتصار العام الماضي، عندما قادت تحالفاً واسعاً داخل المجلس نجح في إسقاط القرار الأوروبي وتمرير القرار العربي.
فهل تنجح المجموعة العربية مرة أخرى هذا العام؟ الشواهد والتسريبات تدل على أن القرار العربي أصبح أمراً محتوماً بحكم الواقع.
*كاتبة إماراتية