آخر تحديث :السبت-20 أبريل 2024-07:43ص

الإعلامية الجنوبية والخياط حميد

الجمعة - 23 سبتمبر 2022 - الساعة 10:30 م

جمال لقم
بقلم: جمال لقم
- ارشيف الكاتب


 قبل فترة كنت قد حضرت حفل ومراسيم زواج أقرباء لي في أحدى مناطق ريف أبين ، و في أحد أيامها بعد تناولنا لوليمة غداء العرس أتجهنا للمقيل و كان من بين الحاضرين للوليمة قيادة المركز في المنطقة التابع للمجلس الإنتقالي الجنوبي وكانوا قد الحوا عليه حضور إجتماع لهم و نشره على الصحيفة ، وبينما كانوا يناقشون جدول الإجتماع وكان من بينها أن قيادتهم قد طلبت منهم تسجيل 20 حالة و لم أعد أذكر حينها هل كانت إغاثية أو تجنيد .. المهم في الأمر أن القيادات الحاضرين أتفقوا على أن هذه الحالات ستوزع على أبنائهم اولا وما تبقى سيوزع على من شهد له عضويته للمجلس .. كنت قد أقترحت عليهم أن يتم منحها للأسر الأشد فقراً وبذلك سيكسبون الكثير من الثقة بين صفوف المواطنين وأنهم كانوا يناضلون من أجل وطن يشمل الكل و ليس خاصاً بهم فقط ، حاولت معهم لكنهم رفضوا كل محاولاتي ..

 أيام الزمن الجميل وحكم الرفاق وفي المناسبات كألاعياد و موسم بدء الدراسة الثانوية والجامعية كنا نزدحم على محلات الخياطين لتفصيل وخياطة بدلة هذه المناسبات ، و كان من أشهر الخياطين هو الخياط حميد المقطري و كان له محل في مدينة التواهي .. هذا الخياط لما يأخذ مقاساتك و يعمل لك بدلة فمستحيل أن تركب على شخص آخر و مضمون أن لا أحد سيستعيرها منك او يشاركك فيها أحد .. و تفصيل حميد ينطبق تماماً مع من يدير و يقود السياسة في المجلس الإنتقالي الجنوبي ، فالمقاسات و التفصيل حتى الآن خاص بهم و لن يشاركون أحد في ذلك ..

  كنت سابقاً قد عذرت أصحابي الذين ذكرتهم مسبقاً على سبيل أنهم ليسوا في موقع صناعة القرار و لأنهم في مركز ريفي بعيد عن القيادة وعن الإعلام أو حتى لثقافتهم المحدودة على ما يبدو ، لكن بعد ما طالعت أسماء اللجان المختصة بالتحضير لمؤتمر الصحفيين الجنوبيين تأكدت تماماً أن المقاس والتفصيل الخاص هو سياسة وثقافة عامة من قمة الهرم حتى قاعدته ..

 ليست معترضاً على الاسماء التي وردت وحقيقة فمنهم شخصيات صحفية لامعة كان لها دوراً وحضوراً بارزاً في بلاط صاحبة الجلالة خلال الفترة الماضية ، لكن قد يكون لي تحفظاً على معايير و طرق الإختيار ، فالغالبية التي وقع الإختيار عليها هم ممن ينتمون للمجلس الإنتقالي و تماشوا مع كل خطواته دون أي إعتراض لسلبياته و ما أكثرها حتى من باب النقد البناء أو النصح لتصحيح تلك السلبيات و إعوجاجها ، و بالتالي فتشكيل اي تكتل نقابي على هذه الأسس و المعايير التي تبنتها ما يعرف بالهيئة الإعلامية الجنوبية فستكون خاصة بالمجلس الإنتقالي  كتكل و مكون سياسي فقط ، و لن تكون ممثلة لصحفيي الوطن الجنوبي ، و لعل إقصاء بعض رجالات الإعلام الجنوبيين من لجان التحضيرات كالسقلدي و الداعري و كرامه و المدوري و غيرهم لدليل على صحة هذا ، فهؤلاء يعدون الأقرب إلى الولاء للمجلس و مشكلتهم كانت في النقد البناء العلني لبعض سياسات وخطوات المجلس و لم يشفع لهم قربهم و لا جنوبيتهم للدخول في منظومة و شلة الهيئة ، و ما بالكم بالجنوبيين الآخرين الذين لا تربطهم أية علاقة بالمجلس ..

 كان صالح يجامل من يقيلهم من الوزراء و المسؤولين بتعيينهم أعضاء في المجلس الإستشاري و كان هادي يجاملهم بتعيينهم سفراء في الخارج ، و عندما أدركت الهيئة الإعلامية الجنوبية أن هناك أخطاء في تشكيلتها التحضيرية لإقصائها لرموز إعلامية وصحفية هامة ،  حاولت من باب المجاملة تشكيل لجنة إستشارية ضمت البعض من تلك الرموز من باب التصحيح ، و لكن لم يأت ذلك إلا بعد خراب (مالطه) و أن ذلك التصحيح يأتي فقط على قرار مجاملات صالح و هادي و ليس من باب الخطوات العملية الجادة ..

  ظل نهج و هدف حزب الإصلاح خلال السنوات الماضية ينحصر تحت هدف الحزب قبل الوطن ، و حتى الآن فجماعة الحوثيين تعمل وفق مبدى آل البيت أولاً و ما دونهم توابع و  درجات ، و ما تشكيل لجان الهيئة الإعلامية الجنوبية الا دليلاً على السير في فلك هؤلاء و المجلس قبل الجنوب ..

   في ظل خطوات التصالح و التسامح التي يشهدها الجنوب هنا و هناك و تحت شعار الجنوب لكل الجنوبيين فقد أتت تشكيلة لجان تحضيرات المؤتمر الإعلامي الجنوبي لتنسف كل ما يتم الترويج له من خطوات التصالح و بناء الثقة بين الجنوبيين ، و أن تلك الخطوة قد توضح تماماً لمن سيكون الوطن و لمن يفصل حميد بدلته ..

  حتى يقدم العقلاء في المجلس الإنتقالي على خطوات ترتيب البيت على أسس متينة قائمة على شراكة الجميع و وطن للجميع فسيبقى المجلس هشاً و مكوناً مثله مثل جماعتي الإخوان و الحوثيين كوكلاء للخارج و ليس للوطن ..

 على الرغم من أهمية الحدث في تشكيل نقابة صحفية جنوبية على طريق وحدة الصف الجنوبي ككل إلا أن بدايتها و لبنة أساسها كانت مخيبة للآمال و تعد خطوة أولى للعبور نحو نظام الحزب الواحد لتكرار تجربة الإشتراكي السابقة في الجنوب مالم يتم التراجع عنها للوراء .