آخر تحديث :الثلاثاء-23 أبريل 2024-11:00م

لن أنافق

الخميس - 22 سبتمبر 2022 - الساعة 01:58 م

محمد أحمد بالفخر
بقلم: محمد أحمد بالفخر
- ارشيف الكاتب


عندما يطغى الباطل في بلد ما وتنحدر القيم والأخلاق وتصبح ثقافة البلطجة هي السائدة ومنطق القوة وسلطتها هي المتحكمة في المشهد بكل حذافيره وعندما تسيطر على قمة المشهد ثقافة الفرعنة (ما أريكم إلا ما أرى) في هذا الخضم المتلاطم تظهر جوقة المطبلين والمنافقين تقلب الباطل حقاً والحق باطل وتتحدث عن بطولات وهمية وصناعة ابطال من زمن الاساطير ومنجزات ليست موجودة على أرض الواقع على الاطلاق بل تدور في مخيلاتهم وتزداد في جلسات القات على وجه الخصوص وربما في جلسات أخرى، وفي الوقت نفسه تتخصص مجموعة أخرى لشيطنة كل معارض لهم وكل من يخالفهم الرأي لتنشر ثقافة الإرهاب الفكري من خلال فكرٍ اقصائي مدمّر،

وتظهر في الوقت نفسه محاولات الاستقطاب لبعض الأصوات في محاولة لتسطيح الأمور أمام المستقطب، 

وقد أبدع الشاعر العربي احمد مطر في تشخيص الحالة منذ أكثر من أربعين عام في قصيدته العصماء التي حملت عنوان (لن أنافق)

نَافِقْ

وَنَافِقْ

ثمَّ نَافِقْ، ثمَّ نَافِقْ

لا يَسْلَمُ الجَسَدُ النَّحِيلُ مِنَ الأَذَى

إنْ لَمْ تُنَافِقْ

نَافِقْ

فَمَاذَا في النِّفَاقِ

إذَا كَذَبْتَ وَأَنْتَ صَادِقْ؟

نَافِقْ

فَإنَّ الجَهْلَ أَنْ تَهْوِي

لِيَرْقَى فَوْقَ جُثَّتِكَ الْمُنَافِقْ

لَكَ مَبْدَأٌ؟ لا تَبْتَئِسْ

كُنْ ثَابِتَاً

لَكِنْ.. بِمُخْتَلَفِ الْمَنَاطِقْ

وَاسْبِقْ سِوَاكَ بِكُلِّ سَابِقَةٍ

فَإنَّ الحُكْمَ مَحْجُوزٌ

لأَرْبَابِ السَّوَابِقْ.

هكذا لسان حال جوقة المطبلين والمنافقين في محاولة يائسة لاستقطاب أي صوت يتنفس حرية ومبادئ وقيم وأخلاق لعلهم يجرونه الى مستنقع العمالة القذر الذي وقعوا فيه عنوة أو رغبة أو أوقعوا فيه نتيجة عوامل أخرى، 

ولكن من جعل الوطن وحريته همه قطعاً ستحميه قيمه وأخلاقه التي تربى عليها وحفظ ابجدياتها من والديه ومجتمعه من الوقوع في براثن الأدوات الرخيصة فلن تنطلي عليه عبارات الترغيب ولن يسيل لعابه لها ولن تهز شعرة من شعره عبارات الترهيب،

وسيكون رده ولسان حاله على من يحاول إقناعه للانضمام لتك الجوقة القذرة ما قاله المبدع احمد مطر في ختام قصيدته:

هَذِي مَقَالَةُ خَائِفٍ

مُتَمَلِّقٍ، مُتَسَلِّقٍ

وَمَقَالَتِي: أَنَا لَنْ أُنَافِقْ

حَتَّى وَلَوْ وَضَعُوا بِكَفَيَّ

الْمَغَارِبَ وَالْمَشَارِقْ

يَا دَافِنِينَ رُؤُوسَكُمْ مِثْلَ النَّعَامِ

تَنَعَّمُوا

وَتَنَقَّلُوا بَيْنَ الْمَبَادِئِ كَالْلَقَالِقْ

وَدَعُوا الْبُطُولَةَ لِي أَنَا

حَيْثُ البُطُولةُ بَاطِلٌ

وَالحَقُّ زَاهِقْ!

هَذَا أَنَا

أُجْرِي مَعَ الْمَوْتِ السِّبَاقَ

وَإنَّنِي أَدْرِي بِأَنَّ الْمَوْتَ سَابِقْ

لَكِنَّمَا سَيَظَلُّ رَأْسِي عَالِيَاً أَبَدَاً

وَحَسْبِي أَنَّنِي في الخَفْضِ شَاهِقْ!

فَإذَا انْتَهَى الشَّوْطُ الأَخِيرُ

وَصَفَّقَ الجَمْعُ الْمُنَافِقْ

سَيَظَلُّ نَعْلِي عَالِيَاً

فَوْقَ الرُّؤُوسِ

إذَا عَلاَ رَأْسِي

عَلَى عُقَدِ الْمَشَانِقْ!

الله الله يا مطر ما أروعك ستظل كلماتك خالدة يسترشد بها الاحرار في كل زمان وفي كل مكان، وإن حاولت الأنظمة القمعية وأدها ومنعها في العقود الماضية فها هي أمام الجميع وبدون قيود في زمن الفضاء المفتوح والشبكة العنكبوتية،

ورسالتي لأحرار بلادي تشبثوا بالمبادئ والقيم والأخلاق فلن ترهبكم الآلة الإعلامية وابواقها المأجورة فهي ليست الا طبول جوفاء خاوية فارغة ليس لها إلا الصدى الكبير الذي تحدثه من شدة الضرب عليها، 

أنتم الأقوى وأنتم الأرقى لأن ما ينفع الناس هو الذي سيمكث في الأرض وأما الزبدُ فيذهب جفاء.