آخر تحديث :الخميس-28 مارس 2024-06:28ص

إلى أين يا وطني ؟

الخميس - 08 سبتمبر 2022 - الساعة 03:49 م

محمد أحمد بالفخر
بقلم: محمد أحمد بالفخر
- ارشيف الكاتب


تربينا على الشعارات الوطنية والقصائد التي تمجد الوطن والوطنيين وما زلت أتذكر قول أمير الشعراء احمد شوقي رحمه الله: 

 وطني لو شُغلت بالخلد عنه 

نازعتني اليه في الخلد نفسي 

 وعلمونا في المدرسة أن حب الوطن من الايمان وأن هذا الوطن يتعرض للتهديد من قبل الأعداء في كل حين وأن هناك فتية تصدروا مهمة الدفاع عن الوطن واستقلاله وحريته ولهذا سيزورنا أحدهم ليتفقد أحوالنا وفي الحال تلا علينا المدرس ابيات شعرية سنرددها أمام الضيف القادم وزير العدل حينها عادل خليفه وبالفعل دخل علينا فصلنا الدراسي الرابع ابتدائي واعطانا المدرس شارة البدء فصدحت حناجرنا 

(حيوا معي قحطان الشعبي أول مناضل قام من أجلي)

ومازلت احفظ مقدمتها حتى اللحظة ولكن هذا المناضل الأول سرعان ما أطاحوا به، وهيأتنا المدرسة والمدرسين بعد عدة اشهر لنحفظ انشودة جديدة ترحب بالرئيس الجديد سالم ربيع علي وبشرونا بمقدمه لزيارة مدينة الهجرين التاريخية وأخرجونا من الصباح الى الوادي لنرتص على جانبي الطريق حتى بُحّت اصواتنا من كثرة الشعارات التي كنا نرددها كبروفة قبل وصول الرئيس وحرقتنا أشعة الشمس الحارقة ولم يصل الرئيس،

 وقبيل المغرب عدنا الى بيوتنا ويبدو أن الرئيس والوفد المرافق له لم يصلوا الا في وقت متأخر من الليل وقرر التحرك مبكرا فلم يحظى الطلاب بمقابلته الا من أتى مبكراً وأنا منهم شاهدته من بعد وهو يستمع الى بعض الوجهاء ووعدهم بزيارة قادمة ثم تحرك موكبه،

بعدها قرر الوالد رحمه الله السفر لأداء فريضة الحج وهو الوقت المتاح للسفر فقط وقرر أن يأخذني معه وحانت لحظة الفراق للأهل والوطن، وكانت سنوات الغربة رغم جمالها وبريقها وامكانياتها ورغد العيش الذي لم نجده في الوطن  لكن يظل الحنين للوطن ومتابعة أخباره حديث كل المغتربين والقادمين من هناك وكانت كل الأخبار تتحدث عن المآسي قتل وسحل وسجون ومعتقلات وتأميم ممتلكات وضنك العيش يزداد يوماً بعد يوم، 

وهكذا تمر الأيام والوطن تلاعب به أبنائه وادخلوه الى الانفاق المظلمة بينما في الوقت ذاته نهضت الأوطان الأخرى وارتقت في مجالات الحياة وعاش مواطنيها سبل الحياة الكريمة،

وتمر أزمة وتلحقها أخرى، وكلما انقشعت غيمة ظننا انها الأخيرة 

 وكلما قلنا عساها تنجلي قالت الأيام هذا مبتدأها

فلهذا ما نراه اليوم ما هو الا منحدر سحيق وصلنا اليه ولم يعد هناك مخرج إلاّ برحمة الله ووجود رجال محبين للوطن بحق لا يتخذون من الوطن مطية ليثروا ويرتقوا المناصب الأكبر من مقاساتهم وقدراتهم.

ولهذا ما نراه واضحاً في المشهد دون سواه هو مشهد (دولة الدم) تجلّى بوضوح في مقال الأخ العزيز فتحي بن لزرق وضّح فيه الى أين وصلنا ومن هم الذين يديرون هذا المشهد الفظيع فهل هم رجال دولة أصلاً؟ وهل هم رجال وطنيين والوطن هو من أولوياتهم؟ 

خاتمة:

للشاعر عبدالله البردّوني 

عـبيد الـهوى يـحكمون البلاد

ويـحـكـمـهم كــلـهـم درهـــمُ

وتـقـتـادهم شــهـوةٌ لا تـنـام

وهـــم فـــي جـهـالتهم نــوَّمُ

فــفـي كـــل نـاحـيـةٍ ظــالـمٌ

غـــبــي يــسـلـطـه أظــلــمُ

أيـا مـن شـبعتم على جوعنا

وجــوع بـنـينا، ألــم تـتـخموا؟

ألـم تـفهموا غضبة الكادحين

على الظلم؟ لابد أن تفهموا؟