آخر تحديث :الخميس-25 أبريل 2024-02:10ص

وجهة نظر من زاوية وطنية

الإثنين - 29 أغسطس 2022 - الساعة 12:00 ص

فيصل محسن شائف
بقلم: فيصل محسن شائف
- ارشيف الكاتب


أفظع ما يؤلم هو هدر دماء أبناء الوطن، خصوصا عندما يتم ذلك خدمةً لأجندات حزبية أو تنفيذ لبرامج لا تعود على الوطن سوى بمزيد من الكوارث والذي مع مرور الوقت ندرك متأخرين فظاعة اثارها.

 

متى نعود إلى رشدنا وندرك أن الحوار الصادق والتنازلات لبعضنا البعض والقبول بحلول وسط هي جميعها قرارات ذكية.

جربنا الإقصاء والاقتتال من عام ١٩٦٧م ، وماذا جنينا سوى مزيد من الإحتقان والتشرذم والتقهقر والتخلف وضياع وطن بأكمله. 

متى ما يسود التعقل و الإدراك أن التنازل في كثير من الأمور قد يبدوا غير ناجع في بعض الأحيان ولا يحقق نشوة النصر والكبرياء، ،إنما إدراك عوائد تلك التنازلات سوف تدر كنوز على  الوطن وسوف تحقق مصالحه العليا إضافة لجني العديد من  الأهداف الإستراتيجية بحيث يعود مردودها على الوطن وأبنائه ألاف الأضعاف في زمن معقول ، عوضاً عن دحر نتائج الإحتراب ومردوده المهلك.

 

كيف يتم ذلك؟

 أولا لابد أن ندرك أن الاقتتال الحاصل لا يتم الإفصاح عن أسبابه الحقيقية من كافة الأطراف ، بل يتم نشر معلومات غير صحيحة لا يصدقها سوى البسطاء ، لأن الحقيقة لا تجذب الجنود الأشاوس الذين يأتون أغلبهم من خلفيات غير متعلمة وفقيرة ويتم استدراجهم تحت شعارات وطنية براقة ومقابل حفنة من الريالات، وذلك حتى يحققون أجندات أصحابها .

 

يتم استغلال جهل الجنود البسطاء باستخدام الدين وتخوين الآخر بالعمالة وما إلى ذلك من مسميات غير صادقة.

 

عموما نعود إلى البحث عن الحلول المناسبة والوسطية ويتم ذلك بتقديم التنازلات من قبل الجميع. 

 

عند حصول إستقرار ووئام سنتمكن من بناء دولة مستقرة تصبح جاذبة للاستثمارات من الداخل والخارج على حد سوى ومن هنا ينهض الوطن في البناء والتعمير والإزدهار ورفع مستوى معيشة المواطن ويعم الخير على الجميع وذلك بدفع عجلة الإقتصاد إلى الامام وخلق فرص عمل ذات مردود عالي للوطن وللمواطن.

 

ننظر إلى بلد مثل سنغافورة حيث متوسط دخل الفرد فيها يفوق السبعون ألف دولار سنويا في بلد لا يملك أي موارد حتى المياه يستوردها من ماليزيا ، حيث أن قيادته لم تتمكن من البقاء في السلطة بطريقة إختلاق إحتراب بين أبناء شعبها لتستغل ذلك النفور وممارسة فرق تسد للبقاء على الكراسي ، بل قام لي كوان يو -رئيس الدولة المؤسس- بالعمل على رفع مستوى التعليم وأصبحت سنغافورة مركز مالي عالمي هام وورشة ضخمة لصناعة أرقى أنواع التكنولوجيا.

 

عندما نتمكن من بناء وطن قريب من هذه المواصفات أولا بسد الطريق على من يجرنا نحو الاحتراب فيما بيننا من أجل مشاريعه الأنانية الخاصة ، يصبح الوطن محمي بسور عالي من الوعي والوطنية الذي تنبذ الإعتداء على كافة تراب الوطن ويصبح أبناء جميع مناطق الوطن يدركون أن الإعتداء على أي شبر من أراضي الوطن هو إعتداء على كرامتهم أولا وعلينا جميعا.

 

ومن اعتدى على الوطن من خارجه طامعا في أرضنا وما تحتوي يصبح عدونا جميعا ، وحينها لن يجد الانتهازيون ثغرات لزرع الخلافات فيما بيننا حتى يتمكن من إبقائنا فقراء مشتتين بلا وطن وضعفاء يمرر علينا قراراته باستعلاء وينظر إلينا باستحقار لاضطرارنا اللجوء إليه لإطعام أطفالنا وأنفسنا ويتاح له التلاعب بمصيرنا وإصدار قرارات دورية خبيثة لإتمام أهدافه للنيل  منا.

 

واخيرا أكرر أن سفك الدماء الوطنية من قبل أي طرف مرفوض جملة وتفصيل ولا يوجد أي سبب يبرر ذلك ولن يحقق الأهداف المرسومة وأفضل حل هو الجلوس على طاولة مستديرة وإيجاد حلول توافقية ينتج عنها مصالح تعود على الوطن بثمار الخير والتنمية المستدامة.

 

خبير  جنوبي في إدارة  الثروات ومستشار مالي يقيم في كندا