آخر تحديث :الجمعة-29 مارس 2024-06:09م

الدحيف و البارود

السبت - 27 أغسطس 2022 - الساعة 10:27 م

جمال لقم
بقلم: جمال لقم
- ارشيف الكاتب


 ليلة الثلاثاء من الأسبوع المنصرم ، كانت الليلة الأكثر كابوساً و ترويعاً لشقرة و سكانها ، كان الجميع فيها يترقب ساعة الصفر للبدء بمعارك الأخوة على ضفتي المدينة ، و ترقبوا و ترقبوا إلى أن أتاهم البشير ، تنفسوا الصعداء مع سويعات الليلة الأخيرة ، و كانت ساعة الصفر للسلام و ليس للحرب ..

 ما بين شقرة و الشيخ سالم كانت هناك جهات متطرفة تنتمي للضفتين سياسيون و عسكريون و إعلاميون و كان هؤلاء يدفعون بإتجاه الحرب ، و بالمقابل كان هناك من يدعون للسلم و يفضلون الإستماع لأصوات العقل على أصوات المدافع و هؤلاء كانت الغلبة لهم ..

 من المؤيدين لقوات شقره هناك من لم ترضه خطوة تلك القوات و يشككون بها ، و وصل الأمر حد أن منهم من أعتبر أنها خيانة ،  لكن من يتتبع حيثيات تلك الخطوة يجد أنها الخطوة و ربما الوحيدة المتاحة ، فالمتغيرات السياسية و العسكرية على الواقع لم تعد كما كانت من قبل ، إضافة إلى أن تلك القوات قد باتت محاصرة عسكرياً و لوجيستياً  ، كما أن الأقدام على أية خطوات عسكرية دفاعاً أو هجوماً و لا ضمانة لتأييد لها في قصر المعاشيق و هناك من الإحتمالية أن يتم تصنيفها متمردة .. و بالتالي فخطوتها قد حققت لها ما مرضي و إيجابي ، فقد حافظت على قوامها و بقاءها ضمن قوات الدولة في وزارتي الدفاع و الأمن و كذلك تحقيق بعضاً من مطالبها فيما يخص إتفاق الرياض ، كما أنها قد جنبت محافظة أبين مزيداً من الخسائر و الويلات التي عانتها لسنوات ..

 بالمثل هناك من المؤيدين لقوات الشيخ سالم و يرى في خطوة السلام تلك بمثابة تنازلاً كبيراً عن الأهداف التي يقاتلون من أجلها ، لكن على هؤلاء أن يدركوا أن تحركات القوات التابعة لهم يتم تحت مظلة الدولة ممثلة بالمجلس الرئاسي و طالما أن قوات الطرف الآخر قد أعلنت ولائها للدولة فالتعدي عليها يمس سيادة الدولة ، كما أن هناك   مكاسب تحققت  لقواتهم في صقفة السلام تلك لعل من أهمها ضمان حيادية قوات شقرة و بالتالي ضمان تحرك قواتهم ، كما أن هناك إحتمالية للرص الصفوف و توحيدها معهم اذا ما أحسن التعامل معها ..

 و ما بين الحرب و السلام فستبقى هناك حقيقة واضحة لا يمكن تغافلها .. أن النفوس لاتزال تحمل ضغينة في جوفها ، فما قبل السلام بساعات كانت التهديد و الوعيد قائماً بين الطرفين و بالتالي فما زال في النفوس شيئاً يجب يتحرر منها ، فحسن النوايا و صدق العمل و خلق الثقة ، كل ذلك كفيلاً على تحرير النفوس و رص الصفوف و توحيد الأهداف ..

  عاشت أبين عامة و شقرة خاصة سنوات عجاف .. و كانت فيها الحرب و روائح البارود  و أصوات المدافع و تحركات الجند و المجنزرات تعلو طاغية في شوارعها و أيامها ..

 فهل لشقرة أن تنعم بالسلام و تعود روائح الفل و العود و تطغى ليالي السمر و أن تصدح فيها اصوات و ألحان الدحيف و الدان و رقصات السواحلي ؟