ليلة الثلاثاء من الأسبوع المنصرم ، كانت الليلة الأكثر كابوساً و ترويعاً لشقرة و سكانها ، كان الجميع فيها يترقب ساعة الصفر للبدء بمعارك الأخوة على ضفتي المدينة ، و ترقبوا و ترقبوا إلى أن أتاهم البشير ، تنفسوا الصعداء مع سويعات الليلة الأخيرة ، و كانت ساعة الصفر للسلام و ليس للحرب ..
ما بين شقرة و الشيخ سالم كانت هناك جهات متطرفة تنتمي للضفتين سياسيون و عسكريون و إعلاميون و كان هؤلاء يدفعون بإتجاه الحرب ، و بالمقابل كان هناك من يدعون للسلم و يفضلون الإستماع لأصوات العقل على أصوات المدافع و هؤلاء كانت الغلبة لهم ..
من المؤيدين لقوات شقره هناك من لم ترضه خطوة تلك القوات و يشككون بها ، و وصل الأمر حد أن منهم من أعتبر أنها خيانة ، لكن من يتتبع حيثيات تلك الخطوة يجد أنها الخطوة و ربما الوحيدة المتاحة ، فالمتغيرات السياسية و العسكرية على الواقع لم تعد كما كانت من قبل ، إضافة إلى أن تلك القوات قد باتت محاصرة عسكرياً و لوجيستياً ، كما أن الأقدام على أية خطوات عسكرية دفاعاً أو هجوماً و لا ضمانة لتأييد لها في قصر المعاشيق و هناك من الإحتمالية أن يتم تصنيفها متمردة .. و بالتالي فخطوتها قد حققت لها ما مرضي و إيجابي ، فقد حافظت على قوامها و بقاءها ضمن قوات الدولة في وزارتي الدفاع و الأمن و كذلك تحقيق بعضاً من مطالبها فيما يخص إتفاق الرياض ، كما أنها قد جنبت محافظة أبين مزيداً من الخسائر و الويلات التي عانتها لسنوات ..
بالمثل هناك من المؤيدين لقوات الشيخ سالم و يرى في خطوة السلام تلك بمثابة تنازلاً كبيراً عن الأهداف التي يقاتلون من أجلها ، لكن على هؤلاء أن يدركوا أن تحركات القوات التابعة لهم يتم تحت مظلة الدولة ممثلة بالمجلس الرئاسي و طالما أن قوات الطرف الآخر قد أعلنت ولائها للدولة فالتعدي عليها يمس سيادة الدولة ، كما أن هناك مكاسب تحققت لقواتهم في صقفة السلام تلك لعل من أهمها ضمان حيادية قوات شقرة و بالتالي ضمان تحرك قواتهم ، كما أن هناك إحتمالية للرص الصفوف و توحيدها معهم اذا ما أحسن التعامل معها ..
و ما بين الحرب و السلام فستبقى هناك حقيقة واضحة لا يمكن تغافلها .. أن النفوس لاتزال تحمل ضغينة في جوفها ، فما قبل السلام بساعات كانت التهديد و الوعيد قائماً بين الطرفين و بالتالي فما زال في النفوس شيئاً يجب يتحرر منها ، فحسن النوايا و صدق العمل و خلق الثقة ، كل ذلك كفيلاً على تحرير النفوس و رص الصفوف و توحيد الأهداف ..
عاشت أبين عامة و شقرة خاصة سنوات عجاف .. و كانت فيها الحرب و روائح البارود و أصوات المدافع و تحركات الجند و المجنزرات تعلو طاغية في شوارعها و أيامها ..
فهل لشقرة أن تنعم بالسلام و تعود روائح الفل و العود و تطغى ليالي السمر و أن تصدح فيها اصوات و ألحان الدحيف و الدان و رقصات السواحلي ؟