آخر تحديث :الجمعة-19 أبريل 2024-02:25م

استعجلت الرحيل ياوليد دماج.

الجمعة - 19 أغسطس 2022 - الساعة 08:37 م

محمد المقبلي
بقلم: محمد المقبلي
- ارشيف الكاتب


 


 

استعجلت الرحيل ياوليد دماج.. وتركت لوحك المحفوظ مفتوحا للأجيال.
في المكالمة الأخيرة رفقة عبد الله القيسي لايزال صوتك عالقا في اذني وحديثك عن ادهم الذي اخبرتك عن لقائي به وحديثك عن القومية اليمنية وماينبغي لها ان تكون وان يرفد طلائعها بالمعرفة وعن شقيقتك الأكليلة البارز منال التي اخبرتني وضحكت ان الأولاد اصبحوا اقيالا بتأثير عمتهم

ثم حدثتني بشكل مختلف عن نيتك عمل روائي مختلف ونوعي.. قلت لك حينها ان المضمون الروائي في اعمالك يعكس ذخيرتك الفكرية والمعرفية والتاريخية وعشقك لليمن وخصوصا الحوارات المحمولة في السرد على لسان ناجي اليساري الوطني او ابو صهيب العزي المحمول بالفكر المصنوع واخيتارك اقبية السجون مدخل للحوار الروائي وقلت لك ان وجدت الوقت سأكتب عن المضامين العالية التي يتضمنها سردك الروائي الذي اضاف للرواية اليمنية زمن نوعي محمول بدلالة وطنية بالغة العمق والتأثير والثيمة

استعجلت الرحيل باكرا ياوليد دماج وانت الموهوب روائيا الذي اتبع موهبته بجهد موصول بجهد اما الخلود الحر فقد كتبته بين ثنائي سطور رواية وقش وانت تسرد محنة الفكر الذي ولد تحت سيوف القوة الباطشة للامامة فخلف مأساة

المطرفية.. ابدعت اختيار المكان ليصبح عنوانا وانت الذي اخترت قرية وقش في بني مطر مكانا واخترت زمن المطرفية كزمان لتصبح وقش اللوح المحفوظ للمأساة الفكرية التي خلفتها الامامة بعد ان كانت الرهينة هي اللوح المحفوظ للمأساة الاجتماعية عبقرية زيد مطيع دماج ملهمك

قبل ثلاثة ايام اخبرني شاب عدني انه لديه مبادرة شبابية للقراءة وبناء القدرات كان يتحدث عن مشروعه بشغف وكنت رفقة هاني الصلوي المثقف اليمني الفذ وصاحب دار اروقة يقول الشاب انه ينوي عمل يجمع من خلاله كتاب شباب بعدن وقال انه يريد ان تشهد عدن من خلال المبادرة روائيين وكتاب قصص قصيرة وكتاب مقالات.. اخبرته ان في المدينة روائي كبير ومثقف غزير الانتاج وكثير التواضع اسمه وليد دماج كنت انوي التواصل بك للحضور لمقهى القراءة الذي يتجمعون فيه وكان المخطط له خلال الأسبوع القادم لكنك استعجلت الرحيل وانت الذي كتبت اعمالك الابداعية من خلال لابتوب عرفناه جميعا لكن جهدك الموصول بجهد علمنا الكثير كم ان المبدع اليمني يخلص للكلمات العليا فتقتات قلبه وهذا ماحدث في الكلمات العليا التي كان قوتها قلبك

استعجلت الرحيل بينما كان سردك ينمو والقالب الفني والحبكة الدرامية تنضج اكثر واكثر اما عبقريتك في المضمون الابداعي والأفكار المركزية والمحتوى الروائي فوفق تقديري ان اعمالك تضمنت اكثر محتوى عالي للاعمال الروائية في الروائية اليمنية الحديثة.. قلت هذا قبل خمسة ايام في حديث مع صلاح الحقب الكاتب الصغير بعمره الكبير بموهبته الخارقة

كان حديثنا كله عن اعمالك الابداعية بلا تحضير مسبق لقد كان نقاشنا لنحو ساعتين كله عن ثقافتك التاريخية التي رضعتها من صغرك في محيط اجتماعي يمني جمهوري وكيف انعكس ذلك على اعمالك في اللقاء الطويل بيني وبين صلاح كان مفتتح الحديث عن السرد اليمني والقضية اليمنية لم يكن حديثا اكاديميا جامدا ورتيبا كان جلسة مقيل حضر فيه طيفك الروحي الذي استعجل الرحيل ماديا لكن الخلود الحر دائم

استعجلت الرحيل ياوليد دماج والمحزن بالنسبة لي ولغيري انك ذهبت في اوج عطائك في مرحلة تحتاج اليك والى المدرسة السردية التي اخترت فيها خطك الابداعي حيث السرد والفن الابداعي ينتمي لحفظ الذاكرة تتبع الانسان اليمني وتعيد استنطاق الزمان والمكان والتاريخ كما لو انك كنت تمضي الى جعل التاريخ اليمني متحف فني في قالب سردي تعيد استنطاقه على هيئة سارد يحكي جراح التاريخ وكبرياءه ومأساته ومامن انسان الا ويجري التاريخ من خلاله لكنك استعجلت الرحيل وتركت لنا ذاكرة تغمرنا بفنك ويجرحنا غيابك ومابين اب وصنعاء وعدن خاتمة روايتك الأخيرة في اليمن التي مات فيها البطل بشكل مباغت وصادم