كقاضي تبادر الى نفسي السؤال التالي ماهو الانجاز ؟ هل الانجاز هو ان افصل بالقضايا برقم يفتخر به او ان الانجاز يقاس بجوده الاحكام التي انطقها او ان الانجاز يحسب بعدد القضايا الصعبة والخطيرة التي نظرت بها و حكمت بها ،فلم اجد الإجابة التي تشفي شغفي فاذا اخدنا الانجاز بعدد ارقام القضايا المحكومة فان هذا الانجاز على الرغم من حلاوته وتقديره العالي من قبل هيئة التفتيش القضائي الا انه يظل انجاز ناقص فالقضايا لا تقاس بالأرقام بل تقاس بحجم الالم الذي رفعته عن كاهل المظلومين وهل استطعت فعلا ان ترد الحقوق لأهلها وهل جعلت انسان مظلوم يسعد برفع الظلم عنه ومن جانب اخر فان الانجاز لا يقاس في جودة الاحكام من حيث ما تضمنته من حسن التسبيب القانوني والاستناد الى صحيح القانون فيظل السؤال هل هذا الحكم المرتب كما ينبغي قد انصف انسان او ان جودة هذا الاحكام لم تفعل له شي فلازال هو في رواق المحاكم يشكوا ظالميه من دون ان يجد من ينصفه ،و اخيرا هل الانجاز يكون بنوع القضايا التي يحكمها القاضي كالقضايا الجنائية مرتفعة الخطورة او القضايا التي يكون اطرافها مسلحون ومخدرات ،فهناك قضايا خطيره ينظرها القاضي متوجسا واحيانا خائفا على نفسه واسرته يكون فيها الخوف مسيطرا عليه ويرتاح القاضي نفسيا اذا حكم و مرت عليه هكذا قضيه بسلام فهل يعتبر هذا انجاز . وماهو تفسير الانجاز لدى هيئة التفتيش القضائي المسئولة قانونا التفتيش على اعمال القضاة؟ فالانجاز بعيون هيئة التفتيش القضائي ينحصر في ركنين فقط، الركن الاول الارقام المعتبرة للقضايا المحكومة من قبل القاضي والركن التاني هل فهم القاضي القضية كما ينبغي وهل جاء تسبيب القاضي للحكم متفقا مع ما يحويه ملف القضية من وقائع وهل جاء تسبيب القاضي القانوني موافقا لصحيح القانون وهل استدلالاته بالقانون كانت موفقه او جانبه التوفيق وعلى ضوء ذلك يقيم القاضي ويكون هذا التقييم في الغالب سببا لحصول القاضي على الترقية المستحقة. بين هذا وذاك لم يقنعني ذلك كله فالمعنى الاصيل للإنجاز برائي هو الانصاف فأنصاف المظلوم ورد حقه اليه هو الانجاز الذي يجب ان تفخر به حتى و ان قل عدده فمثل هذا الانجاز قد لا يقودك الى رضى هيئة التفتيش لقلته وتواضعه ولكن حتما سيقودك الى ان يقف لك المتقاضون جميعا ويرفعون لك قبعاتهم ليس لانك انصفتهم بل لآنك كسبت احترامهم.
القاضي الدكتور عبدالناصر احمد عبدالله سنيد
قاضي جزائي جسيم
محكمة صيره الابتدائية
