آخر تحديث :السبت-20 أبريل 2024-07:48ص

حتى لا يتكرر ما حدث في شبوة

الثلاثاء - 16 أغسطس 2022 - الساعة 07:21 م

حسن العديني
بقلم: حسن العديني
- ارشيف الكاتب



ما جرى في شبوة ليس خارج المألوف في بعض وجوهه، لكنه في وجوه ثانية ينطوي على مثال مختلف.
المألوف أن الجيش ينقسم ويحترم، والمختلف هو تحدي قرار القائد الأعلى للقوات المسلحة.
ففي 2011 انسلخ عن الجيش اللواء علي محسن الأحمر، قائد الفرقة الأولى، وأعلن انضمامه للثورة الشبابية، ومثله فعل محمد علي محسن، قائد المنطقة الشرقية. وبعد أن تم نقل السلطة وتولى عبد ربه منصور هادي رئاسة الجمهورية، وبادر إلى إعادة هيكلة القوات المسلحة، لم تنفذ قراراته بسهولة، فقد امتنع الفريق محمد صالح الأحمر، قائد القوات الجوية، عن التسليم للقائد المعين بدلًا عنه.
إلا أنه عاد وامتثل للقرار، ولم يقاوم بالسلاح.
قبل علي محسن، حصلت حوادث مشابهة، بل وقعت مواجهات بالنار بين القوات، كما في أغسطس 1968 في صنعاء، وعلى نحو أشد يناير 1986 في عدن. ومن صنعاء خرج عبدالله عبدالعالم بقواته إلى الحجرية، في أبريل 1978، ثم إلى عدن، لكن هذه حالة خاصة جرت في ظروف انقلاب على مشروع وطني كان الرجل أحد ممثليه. وقد عُرف عنه بأنه عسكري محترف شديد الانضباط، يتمتع بالشجاعة والكفاءة، بحيث لا يعتقد أحد أنه كان يرفض إذا اتخذ الرئيس الغشمي قرارًا بعزله. وهو أقصي بالفعل من عضوية مجلس القيادة عندما أقدم الغشمي على إجراء عجيب غير مسبوق، فقد أصدر قرارًا بإنشاء ما سمي مجلس الشعب التأسيسي، فاجتمع المجلس، وانتخب الغشمي نفسه رئيسًا للجمهورية.
وكان عبدالله عبدالعالم رفض اقتراحًا من ضباط في الحرس الجمهوري، ومن قادة وحدات عسكرية، بتفجير الوضع عقب انقلاب 11 أكتوبر. لا بد أنه حينذاك استعاد في ذهنه أحداث أغسطس 1968، وأبى أن يزج بالجيش إلى الاقتتال والفوضى. ويوم غادر العاصمة فقد أراد أن ينجو بحياته، ويلبي رغبة لدى الغشمي بإزاحته.
كذلك علي محسن كان اسمًا بارزًا على الواجهة لسنوات طويلة، بصرف النظر عن تقييم أدائه ودوره. وهو انزلق وخرج في هوجة أحداث 2011، أما خارجها فقد كان من المستبعد أن يقود تمردًا ضد الرئيس علي عبدالله صالح. قد يقدم على انقلاب إذا اطمأن إلى أن لديه القوة الكافية، أما التمرد فهو مغامرة يعرف تكاليفها. وحتى إذا أصدر الرئيس قرارًا بعزله من منصبه، كان سيسلم ولن يقاوم، وأقصى ما يمكن أن يفعله هو المساومة على وظيفة في الخدمة المدنية أو السلك الدبلوماسي.
والمهم الآن أن تتوقف الأمور عند الأماكن التي انتهت إليها، وألا تتداعى الحوادث بما يؤثر على جاهزية القوات واستعدادها لاحتمالات تجدد القتال تحت أي ظرف
وإذن، فإن ظاهرة التمرد والانشقاق، وحتى الحروب بين القوات، حصلت من قبل، لكن ما حدث في شبوة يختلف من زوايا ثلاث:
الأولى- أنه جاء من ضباط صغار، وليس من قادة بارزين.
الثانية- أنه وقع في تحدٍّ صريح لقرار رئيس الدولة القائد الأعلى للقوات المسلحة.
الثالثة- أن البلد في حالة حرب، ولا يحتمل أي انقسامات وحروب داخل المعسكر الواحد.
إن رئيس الدولة، أيًا كانت التسمية التي تطلق عليه، ملكًا أو سلطانًا أو أميرًا، هو القائد الأعلى للقوات المسلحة، وبهذه الصفة فهو الذي يتخذ قرار الحرب وقرار السلم، وهو الذي يعين كبار قادة القوات المسلحة، ولا يملك أي شخص أن يعارض أو يعترض، وإلا تعرض لمحاكمة عسكرية، وخضع للعقاب.
والحقيقة أنه لا توجد سابقة في الجيش اليمني رغم الاختلالات، والدليل الناصع الانصياع لقرارات رئيس مجلس القيادة إبراهيم الحمدي، في 27 أبريل 1975، التي أزيح بموجبها أهم كبار قادة الجيش، وكانوا يشكلون مراكز قوة في البلد كله.
والمهم الآن أن تتوقف الأمور عند الأماكن التي انتهت إليها، وألا تتداعى الحوادث بما يؤثر على جاهزية القوات واستعدادها لاحتمالات تجدد القتال تحت أي ظرف. على أن الأهم هو إعادة توزيع القوات ونقلها إلى خطوط المواجهة. كان الوضع الطبيعي أن تتواجد الوحدات التي وقع الصدام معها في مأرب، وليس في شبوة.

كانت الطائفية وراء أحداث أغسطس في صنعاء، وكانت المناطقية وراء أحداث يناير في عدن، كما أن لهذه الحرب التي تشهدها البلاد منذ أكثر من سبع سنوات، لونًا طائفيًا صارخًا كريه الرائحة.