آخر تحديث :الجمعة-19 أبريل 2024-08:46م

روح العطاء (8)

السبت - 13 أغسطس 2022 - الساعة 08:50 م

هاشم بن عبدالله الحامد
بقلم: هاشم بن عبدالله الحامد
- ارشيف الكاتب


 هل تحبون أن تقدموا نفعا للآخرين، وأن يحبكم الله رب العالمين، وتتشبهوا بالأولياء والصالحين،   اقول لكم  اتصفوا (بروح  العطاء) تنالوا من الله  الاصطفاء لأنه من الأخلاق الجامعة، فهو  فيض لاينفد وينبوع لاينقطع ، فالجهد المبذول لنفع الآخرين عطاء وبذل المال للمحتاجين  عطاء واغتنام الوقت عطاء ونشر العلم وإعمال الفكر  عطاء، والقيام بتبليغ الدعوة  عطاء والخدمة للوالدين هي أيضاً عطاء، فآهٍ على زمن قانونه خذ وهات، زمن الأنانية والأنوية وعبودية  الذات زمن  المزاحمة والإقصاء والتسابق على الأفضل لا أن تقدم الأفضل.

     ولقد أجمل القول مصطفى الرافعي رحمه الله بقوله  :( إن اللذة  الحقيقية للسعادة هي في العطاء دون الأخذ) لأنه من أصول القيم ، وعلى هذه الصفات تحقق الحبيب أبوبكر المشهور رحمه الله  بعطاءات متعددة طيلة حياته ، فقد أعطى من ماله وأعطى من قلمه وفمه وقدمه وبذل وقته وعقله لخدمة الدين وكان من أصحاب النفوس الكبيرة التي تعطي ملء كفها وتعتذر عن التقصير،  كانت نصيحته وكلماته عطاء وجهوده العلمية عطاء وأثره الدعوي  عطاء تعددت فيوضاته العطائية، وكان رحمه الله  يقول لا نهوض للأمة بدون وعي وعلم وتربية.

    لقد كان في عطائه العلمي يدعو إلى تحرير العقل من الجمود و إلى عمق الفكرة وتحمل المسؤولية  فتميز بسهولة أسلوب طرح المعلومة وتفرد بمهارته الإبداعية في خطابه وحسن بيانه كان عندما يتحدث يدعو إلى جمع الكلمة   ووحدة الصف وكانت سلوكياته الراقية  وأخلاقه العالية   شاهدة وحاضرة فتلقى الناس خطابه بالقبول لأنه خاطب   الوجدان والعقل معا

     لقد أسس العديد من الأربطة التربوية التعليمية التي أخرجت الشباب الواعي المدرك للواقع والجامع بين العلم الأكاديمي والعلم الشرعي المرتبط بأسانيد أهل الوراثة  وجمعه مع علم الدراسة وكان للحبيب أبي بكر السبق في إقامة الدورات الصيفية لطلاب المدارس الحكومية ، والتي كان لها الفضل في تقويم سلوكيات العديد من الشباب وأخذهم بنصيب وافر من العلم الشرعي  والأذكار كما أقام العديد من المؤتمرات الدولية والحلقات العلمية ، والدعوة لمنهج الوسطية الشرعية والاعتدال الواعي، وأدرك دور المرأة الكبير فشيد العديد من المعاهد النسائية لتعليم ألمرأة واطلق عليها دار الزهراء في بعض مناطق اليمن، وقد كان له  الفضل في الحفاظ على الموروث الاجتماعي والثقافي،  فدعا إلى إقامة المنتديات الثقافية والاجتماعية  التي أوجدت متنفسا للكثير من المواهب،  وكان التركيز في أطروحاته على سنة المواقف وفقه التحولات  وقبل ذلك تعلم أحكام الشريعة ومكارمها، وكانت آخر عطاءاته تأسيس جامعة الوسطية  للعلوم الشرعية والتي بإذن الله ستكون رافدة لكثير من الجامعات الشرعية، كما أسس بعض المراكز التربوية التعليمية في سريلانكا وإندونيسيا وماليزيا.

    كان يتميز بجود وكرم منقطع النظير وكانت آياديه عالية في الإنفاق تشمل الفقير والمحتاج والطالب والأستاذ ، كان بيته مأوى  وشخصيته  مهوى لطلاب العلم والمحبين، كانت تهفو القلوب إليه، وكان في عطائه جميلا ، ويملك كاريزما متكاملة.

    لقد كان أشبه ما يكون أنه يحمل  (روح العطاء)  ذوقا وتواضعا واعتزازا فيما أكرمه الله المعطي الوهاب بهذه السجايا والعفوية  فكانت  مجالسه العلمية لها قيمتها ففيها المهابة والوقار والجمال والجلال ، كان  يهتم بضيوفه ، ويفرح بمن يزوره ، ولقد رافقته طالباً وابناً في رحلات دعوية في بلاد اليمن  وأرض الحجاز والشام، والخليج  وشرق آسيا وسريلانكا فوجدته يملك صولة بيانية ، ومفاهيم علمية، وخلافة  نبوية ، وهيبة جمالية ،  وكأنه عنده مفاتيح لأسر القلوب وإقناع العقول .

وللحديث بقية