آخر تحديث :الجمعة-29 مارس 2024-06:09م

الهدنة لن تستمر والمشاريع الإقليمية في خطر

السبت - 06 أغسطس 2022 - الساعة 10:37 ص

د. مروان هائل عبدالمولى
بقلم: د. مروان هائل عبدالمولى
- ارشيف الكاتب


غافل من يظن أن الهدنة ستستمر وان حرب اليمن لا تشكل  تهديدًا أمنيًا واقتصاديا لدول شبة الجزيرة العربية فحسب، بل تهدد أيضًا بتعطيل تنفيذ المشاريع الاستثمارية الاقتصادية المستقبلية الكبرى في المنطقة برمتها وأولها مشروع  نيوم  وحتى  طريق الحرير الجديد .

قدم ولي العهد السعودي الأمير  محمد بن سلمان في عام 2017 تصور لفكرة جزائية تتضمن تحويل جزء من صحراء السعودية بحجم بلجيكا  عشر مرات إلى تكتل حضري عالي التقنية يسمى NeoM  او "المستقبل الجديد"  بتكلفة  500 مليار دولار ميزانية المشروع ، الذي يبحث في ثلاثة مجالات رئيسية رأس المال  وبيئة مريحة للحياة والنمو الاقتصادي  بين ثلاث دول هي السعودية والأردن ومصر والبحر الأحمر نقطة رئيسية في تواصلهم.

أن القتال المستمر في اليمن بسبب المواقف المتقلبة للتحالف العربي والجيش اليمني و تعنت الحوثي وتجار الحروب  ورفضهم لاتفاقات السلام  سيعرقل عاجلا ام اجلا تنفيذ عدد من المشاريع الاستثمارية الكبرى ليس في اليمن فقط بل في المنطقة  ، أنا  أتحدث عن المبادرات والمشاريع  التي تنطوي على التكامل الاقتصادي للدول الجارة لليمن وعلى الجانب الآخر من البحر الأحمر  باتجاه قناة السويس وأفريقيا وبحر العرب والحدود البرية مع الدول الجارة .

ضرب الحوثيين في حرب اليمن  منشآت حيوية خارج البلاد منها محطة توزيع النفط التابعة لعملاق النفط السعودي أرامكو في مدينة جدة الواقعة على البحر الأحمر ومحطة الكهرباء بصامطة  وكذلك المطارات  في السعودية  والإمارات والسفن الأجنبية  في البحر الأحمر ولم يفهم البعض رسائل الحوثيين من هذه الضربات، ناهيك عن ان هناك من يضرب السفن في الخليج العربي وبحر العرب باسمهم والحوثيون يعلنون مسؤليتهم عن ذلك ويكررون بأنهم مع السلام والاستقرار ومع التبادل لرسائل  (اخبط الوطاف يفهمك ..) .

إن موضوع الترابط العسكري والاقتصادي اليوم وثيق الصلة ومتعدد الأبعاد وواسع النطاق وهذا واضح في التحولات الاقتصادية  والنظام الأمني ​​على الصعيدين الوطني والإقليمي  والدولي ، واكبر دليل على ذلك هي حرب اوكرانيا ، التي اصابت العالم بهلع الجوع  وربطت عقيدة البحرية العسكرية الروسية الجديدة بضرورة وجود نقاط ضمان لوجستية  ( فنية ) في البحر الأحمر  .

اليوم ما يراه ويلمسه المواطن اليمني لواقع البلاد تنبعث منه رائحة قوية  من هزيمة مبطنة لخصوم الحوثيين  ومطالبتهم المتكررة للهدنة والحوار و لدول العالم والأمم المتحدة ومبعوثها  بالوقوف إلى جانبهم ضد الميليشيا بسبب عدم كفاءة ادارة التحالف والجيش اليمني للحرب، حيث يوجد بعض القادة الجيدين وسط بحر من الفساد ، الأمر الذي يعبر عن ضعف واضح ومؤلم يشبه  الى حد كبير الاستسلام  المثير للشفقة والاشمئزاز  في نفس الوقت.

تكمن وراء جميع المبادرات الاقتصادية الرئيسية في  اليمن  ومحيطها المصالح الجيوسياسية للقوى الكبرى وبدون استقرار اليمن لن تكون هناك  ديناميكيات اقتصادية جديدة مستقرة وآمنة  في المنطقة ،  فالصراع اليمني اصبح يحتل مركز متقدم في قائمة المخاطر العالمية الكبرى مع عواقب لا يمكن التنبؤ بها على الاقتصاد الإقليمي والعالمي , وقد يدفع اقتصادات العديد من البلدان في المنطقة  إلى الركود.