آخر تحديث :الجمعة-19 أبريل 2024-01:45م

عام جديد .. وفقرٌ يزيد !!

الجمعة - 29 يوليه 2022 - الساعة 10:01 ص

أحمد عمر باحمادي
بقلم: أحمد عمر باحمادي
- ارشيف الكاتب


بلغت قيمة الحقيبة المدرسية مع محتوياتها من القرطاسية ( الدفاتر والأقلام والمقلميات وغيرها ) ما يقارب الـ ( 15000) ريال .فإذا كان لدى المواطن في المتوسط ثلاثة أو أربعة أبناء .. فكيف سيستطيع في ظل هذه الأوضاع الصعبة أن يوفرها لهم دون أن يكسر بخواطرهم أمام بقية زملائهم الذين يتباهون بحقائبهم في بداية العام الدراسي الجديد .. ولعل هذا العام ليس ككل الأعوام السابقة ؟!!

همّ توفير لقمة العيش صارت هي الهم الأبرز .. لكن الأب أو ولي الأمر أو رب الأسرة لا يستطيع الهروب من بقية المتطلبات .. وهنا تعتريه حالة من القلق والهموم خاصة إذا كان من ذوي الدخل المحدود .. 

فيجتهد في إخفاء معاناته عن بناته وأولاده الذين يطلبون منه بكل براءة وعفوية أن يشتري لهم مثل ما اشترى أهل زميلهم فلان أو زميلتهم فلانة الذي ربما كانوا أفضل منهم حالاً وأوسع عيشاً .. لكنّ الأطفال لا يدركون .. !!

تأتي مسألة شراء الزي المدرسي لتضيف عبئاً آخر لأعباء رب الأسرة المسكين .. في وقت بلغت فيه أسعار الثياب مستويات خيالية من الغلاء الفاحش بسبب تجار لا يرحمون خاصة في أوقات المواسم الرابحة .. 

ولعلنا ندرك مأساوية هذا الأمر حينما نرى الكثير من الأسر تلجأ إلى إلباس أبنائها وبناتها لباس السنة الماضية حتى وإن بدا باهتاً مغبرّاً في ظل تفهّم الكثير من الأطفال ـ رغم صغر سنهم ـ لقساوة ظروفهم المعيشية فيلبسون ما يقدّم لهم على مضض ودون إبداء أية اعتراض.

ولعلنا نتذكر بشيء من الفخر تلك الأيام الخوالي التي وبالرغم من سلبياتها وصعوباتها المعيشية إلا أن الدولة كانت تقوم فيه بواجباتها .

فكانت توفر مستلزمات الدراسة للتلاميذ في مراحلهم الدراسية المختلفة وتفي بمتطلبات الطلاب بأن تجعل لهم راتباً شهرياً معيناً حتى يكملوا المرحلة الجامعية.

لا أنسى الفرحة الغامرة في بداية كل عام دراسي جديد .. إذ كانت توزع فيه الدفاتر الزرقاء والصفراء والوردية والتي كانت تحمل في مقدمة غلافها صوراً جميلة لمعالم حضرموت كحصن الغويزي ومنارة المحضار .

فكنّا بعد استلامها من المعلّم نشمها بنشوة لنستنشق رائحة الشيء الجديد ثم نبدأ في تغليفها والحرص عليها طوال العام الدراسي.

جاء في صحيحي البخاري ومسلم، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: "تَعَوَّذُوا باللَّهِ مِنْ جَهْدِ البَلاءِ، وَدَرَكِ الشَّقاءِ، وَسُوءِ القَضَاءِ، وَشَمَاتَةِ الأعْدَاءِ" .. 

قال ابن عباس - رضي الله عنه -: جهد البلاء: أن تحتاجوا إلى مافي أيدي الناس فيمنعوكم. ..

 وعن ابن عمر - رضي الله عنه - قال: جهد البلاء : كثرة العيال وقلة الشيء .وبالنظر إلى وقتنا الحاضر نجد كلا التفسيرين ينطبقان على الناس.

ومما يجدر التنبيه إليه في الختام أن على المؤسسات الخيرية والداعمين والمتبرعين ألا ينسوا معاناة الناس في هذا التوقيت بالذات . 

فالناس قد استُهلكت مالياً واقتصادياً بما مرّ عليها من تكاليف شهر رمضان يليه عيد الفطر ثم عيد الأضحى ثم صاروا إلى موسم الدراسة ويحتاجون فيه إلى مد يد العون من إخوانهم الميسورين فلا أمرّ عليهم من الفقر .. 

قال لقمان - الرجل الصالح – لابنه : ( يا بني ذقت المرار كلَّه، فلم أذق شيئا أمرَّ من الفقر ).