آخر تحديث :الجمعة-29 مارس 2024-05:58ص

جمائل السعودية ونُكران أمريكا.

الثلاثاء - 19 يوليه 2022 - الساعة 12:00 ص

منصور الصبيحي
بقلم: منصور الصبيحي
- ارشيف الكاتب


 

منصور الصبيحي

يتمثل تماسك أمريكا وقوّتها بشكل رئيسي في أمرين مهمين وهما: البعد الديمقراطي ومجمل القوانين التي يتبناها دستورها ويمنح الصلاحيات لكامل الولايات بأسلوب سلس وعادل.. وتاليها الاقتصادي وبهيمنة الدولار على سوق العملات العالمية.

فعلى مدى ظهورها كقوة عظمى أصبحت تلك من الثوابت الغير قابلة للنقاش والنقض من قبل السايس الأمريكي، وصار لِزامًا على كل صاعد إلى البيت الأبيض أن يحافظ عليها ويعزز من قيمتها وإستمراريتها وإلى يوم مغادرته، إلا أنه في المرحلة الأخيرة بصعود الرئيسين دنلد ترامب ومن بعده بايدن تعرّضت هذه المسلّمات لنوع من التهديد الغير عادي حتى صار يُخشى على ذات البلد انفراط هيبتها بهِم.

فالأول صعد يعاني من حالة مزاجية غير طبيعية مدخرًا في خطاباته شيئًا من نوازع الديكتاتورية والعنصرية المقيتة.. فمن حينه غدى يستهجن بأسلوب غير لائق كل معارض يقف أمامه بغض النظر عن أنتمائه وما يمثله من أهمية، ليجسّده أيما تجسيد عند هزيمته في انتخابات 2020م دافعًا أنصاره لأقتحام أهم مؤسسة سيادية وهي مبنى الكابتول.

والأمر لم يقتصر على الداخل ليتجاوزه إلى الخارج صابًا غضبه على بلدان تربطها بأمريكا علاقات إستراتيجية ظُن الجميع يومًا بها عدم انفكاكها بسهولة، كالسعودية مثلًا والتي تعرّض لها في أكثر من مناسبة وموقف يعايرها ومطالبها بدفع المزيد مقابل ما يُوفّر لها من حماية، متجاهلاً المصالح المشتركة بين الطرفين وما قدمته المملكة منذو قيامها من خدمات لبلده، وكان أهمها الانحياز في منظمة أوبك بلاس للنفط إلى جانب الدولار والضغط على أعضائها حتى إقرارهم البيع عن طريقه، وبذلك رجحت كفّته وفُرض كعملة آمنة ومهيمنة على السوق يُخزِن بها العالم مدخراته واحتياطاته النقدية، لتتمكن أمريكا بعدها من السؤدد واحتكار القرار العالمي بقوّة.

أما الآخر خَلفَهُ الحالي بايدن فهو لم يجلس سيّدًا للبيت الإبيض إلا وأصابه الغرور متوهمًا بأنه يستطيع لي ذراع المناوئين الدولين، ليمكن أمريكا من إدارة العالم بأسلوب جديد يتفق مع رغبة ونظرة الديمقراطين الفلسفية، فعلى خلفية مقتل الصحفي السعودي حامل الجنسية الأمريكية خاشقجي، برز يرسل إشارات حامية للسعودية متوعدها بالعقاب.. وعلى النحو الذي أزعجها كثيرًا ذهب لسحب منظومة البتريوت منها وتشريع قانون يحظر تصدير السلاح إليها.

وما أن بدء الأمر يأخذ منحًا من القطيعة الغير معلنة بين الجانبين، حتى اكتشف الأمريكان ومن بعد إنفجار الوضع عسكريًا بين روسيا والغرب في أوكرانيا وما نتج عنها من أزمة خانقة في الطاقة، الزلّة الكبيرة التي أوقعهم فيه قاداتهم الأخيرين، وذلك بما أرتكبوه من خطأ بحق شريكهم الاستراتيجي السعودية، ليسارع بايدن متداركًا الخلل بهدف رأب الصدع قطعًا للطريق من دخول الأخيرة في مناخ موسكو البارد متدثرة بعوادم بكين الدفيئة، وكان لها لو قدّر أن تسيره يومًا ومن خلفها سيسير شقيقاتها الخليجيات والعرب