آخر تحديث :الجمعة-29 مارس 2024-01:56م

مصير اليمن في ظل التفاهمات السعودية الإيرانية !

الأربعاء - 06 يوليه 2022 - الساعة 10:09 ص

مصطفى المنصوري
بقلم: مصطفى المنصوري
- ارشيف الكاتب



بداءت تباشير حلحلة الازمة السعودية الإيرانية تضرب بريقها من العراق ، يقال ان المباحثات الأخيرة التي اجراها رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاضمي الأسبوع الماضي في كل من جدة وطهران اسفرت عن حسم العديد من الملفات العالقة بين البلدين  التي ستسهم في تخفيف توتر المنطقة ، حوار السعودية وايران يسير بتناغم ويهدف الى خفض التصعيد وتطبيع العلاقات التي انقطعت بين البلدين منذ عام 2016م ، عقدت خمس جولات سعودية إيرانية قال عنها وزير الخارجية الإيراني من دمشق انهم يرحبون بعودة العلاقات مع السعودية وإعادة فتح السفارات وبدء الحوار السياسي ، يقال ان هناك تفاهم سعودي إيراني في الكثير من القضايا الإقليمية وان إعادة العلاقات بين البلدين سيتم الإعلان عنها قريبا في العراق بحضور مسؤولين من السعودية وإيران .
منذ اعلان الرئيس الأمريكي جون بايدن جعل السعودية دولة منبوذة سعت السعودية نحو تغير قواعد اللعبة في المنطقة ونقلت بعض بيضها الى سلة آخرين ، ادركت السعودية ان نفوذها في اليمن بات على المحك ، التعاطي مع الملف اليمني من قبل السعودية عليه علامات إستفهام كثيرة ابتداء من فشلها في مناطق نفوذها في الشمال اليمني ومن ثم  ازاحتها دولة الإمارات من الجنوب واعتمادها في الحرب على قيادات عسكرية وسياسية وقبلية موغلة بالفساد ولاءها لصنعاء وكراهيتها اللامحدودة للرياض ، صراع السعودية مع رموز الشرعية السياسية والعسكرية استهلكها كثيرا وعكس فشلها واصبح حلفاءها الإقليميين والدوليين يستشعرون خطر إستمرار حرب  اليمن على المنطقة .
ذهب كثير من المحللين السياسيين فور الإعلان عن المجلس الرئاسي  في 7/4/2022م الذي رتبت له السعودية في مقر مجلس التعاون الخليجي في الرياض انه سينهي الصراع داخل الشراعية وسيوجه البوصلة باتجاه صنعاء ، في مارس الماضي نشر موقع " Middle Est Eye  " الذي يتخذ من لندن مقر له مقالا للصحفي ديفيد هيريست عن لقاء جمع وفد سعوديا بنائب الأمين العام لحزب الله نعيم قاسم ، في هذا اللقاء قدم قاسم قائمة مطالب كشرط لوقف فوري لإطلاق النار في اليمن شملت إستقالة هادي ورفع الحصار عن ميناء الحديدة  الرئيسي ومطار صنعاء ومطالب أخرى .. خلال اللقاء سأل السعوديون قاسم ماذا سيكون رد الحوثيين اذا تم تلبية هذه المطالب ، ليرد قاسم قائلا ، " سيكون هناك وقف فوري لإطلاق النار " هذا بحسب الموقع الغربي ، مازال الحوثيون يعتبرون أن هناك تلكؤ من قبل السعودية ويطالبون اليوم برفع قيود إستيراد المشتقات النفطية المرتبطة بالحصار او العقوبات الامريكية وتحويل إيرادات النفط والغاز في مناطق الشرعية الى صندوق يسهم في دفع رواتب الموظفين ، الحوثيون يعتبرون السعودية خصمهم الرئيسي اما الشرعية ليسوا سوى مرتزقة صغار وفي آخر تصريحاتهم طالبوا برفع الحصار عن اليمن . 
تدرك السعودية والإمارات خطر توسع دائرة الصراع في المنطقة وخطورة ذهاب المنطقة على غرار ذهاب الغرب  نحو المخيف من معركة أمريكا وروسيا في أوكرانيا ، أمريكا ترسم معركتها القادمة مع الإيرانيين في منطقة الشرق الأوسط وسيكون وقودها بدرجة رئيسية السعودية ودول الخليج ودول في المنطقة وستتوسع ، لم يكن إعلان الملك الأردني عن حلف ناتو عربي عابرا لكنه يمثل التهيئة لمحور عسكري يتشكل لمواجهة إيران خصوصا بعد ترك روسيا مساحة سوريا تحت النفوذ الإيراني ، القلق الأردني كان واضحا في تصريحات مدير الإعلام العسكري للاردن العقيد مصطفى الحياري الذي قال : " ان تنظيمات إيرانية إرهابية خطرة تستهدف الأمن الوطني الأردني " وصولا الى اعلى درجاته في مخاوف الملك الأردني من إكتمال الهلال الخصيب ، نفوذ روسيا في المنطقة وطموح الصين أيضا في المنطقة وفشل مفاوضات أمريكا مع الإيرانيين واتفاق روسيا وإيران على خطر إسرائل عزز من سخونة الوضع الذي يسير نحو الإنفجار .
السعودية والإمارات ودول الخليج تجتمع في مخاوفها من إيران ، وتدرك أن إسرائيل ليست صديقة مثالية ، وانهم الحلقة الأضعف في المنطقة حال إندلاع أي حرب ، وان أمريكا تراهن على تدمير خصومها بعيدا عن أراضيها بجنود غير جنودها وبأموال لا تخرج من خزينتها .. وهناك ثمة دور عراقي يسير بخفية على غرار اللقاء السعودي الإيراني بلقاء إيراني مع مصر ولقاء إيراني مع الأردن يبدد المخاوف ويرسم الى استقرار المنطقة كونها مقبلة على تحولات اقتصادية كبرى وأزمة غذائية ومائية . 
الرهان على إنهاء التواجد الإيراني من اليمن بات ضعيف ، وانتهت مسوغات الإنقلاب على الشرعية والقوانيين الدولية الداعمة لها ،  هناك قوة حقيقية في اليمن قادرة على ارباك المشهد خارج اسوار اليمن ، والقوة الحوثية لها مكملات تتمثل بأجنحة عسكرية حليفة بمجملهم تتناغم في الأداء السياسي والعسكري والهدف ، إسقاط هادي إسقاط لمشروعية الشرعية ان تكون حاكمة وحيدة لليمن وهو جزء من استحقاقات الامن السعودي الخليجي القادم وفق تفاهمات سعودية إيرانية خيوطها تغزل بعناية ، بالعودة الى ما صرح به المنيخر سفير مجلس التعاون الخليجي في اليمن في صحيفة الشرق الأوسط الصادرة تاريخ 4/7/2022م الذي اكد انهم يرعون هدنة ( دائمة ) للوصول الى حل سياسي تحت إشراف الأمم المتحدة وهذا معناه لا حرب ، صحيح ان الرجل أكد على عروبة اليمن التأريخية لكنه لم يوضح الخيارات الممكنة في تحقيق ذلك خوصوصا انهم اهدروا سنوات طويلة لإعادة اليمن الى محيطة العربي وفشلوا ، والمتغيرات الجذرية في المنطقة ودخول لاعبين أقوياء يستندون الى القوة المفرطة جعلت السعودية تلملم نفسها باتجاه إطفاء النيران عن اطراف ثوبها مخافة الوصول الى عمقها.
الازمة الاقتصادية والمعيشية التي تعاني منها صنعاء حلولها بسيطة عن أزمات تعاني منها ماتسمى بالمناطق المحررة التي تتكدس فيها  الاطراف المتقاتلة عسكريا المختلفة سياسيا ، تدرك السعودية ان خليط المجلس الرئاسي  ليس بمقدوره إعادة ترتيب صنعاء إن فتحها ، كما انه فشل من اللحظة الأولى في 31 مايو الماضي عند خروج مسودة القواعد المنظمة لأعمال المجلس الرئاسي وهيئة التشاور والفريق القانوني والاقتصادي التي سلمها الفريق القانوني لرئيس المجلس وتم الاعتراض  عليها من اطراف في المجلس  وتم وضعها  في الادراج ، من المستغرب خروج قيادات المجلس الرئاسي فور انتهاءهم من أداء اليمين الدستورية  بزيارات خارجية لدول عدة تطلب منهم الدعم الاقتصادي والمعيشي للمواطنين ، مجمل هذه المعطيات تعزز ان  المجلس الرئاسي تم تشكيله ليحقن الإقتتال الداخلي بين الأطراف المناهضة للحوثيين ، وستتضرر السعودية بدرجة رئيسية من هذا الإقتتال ، لم يصل هادي الى عدن ، ولم يحرر العليمي تعز ، وطارق صالح تعود قواته من الساحل الغربي الى صنعاء تبايع الحوثيين ، ومأرب مازالت في خطر ، والقوى التهامية سقط مشروعها ، وخروج وزير خارجية عمان بدر البوسعيدي عن إطار جهود دولته والمتمثلة في تهيئة الحوار ببين السعودية والحوثيين والشرعية الى إعلانه تشكيل حكومة وطنية  لإنهاء الازمة اليمنية  يكون بهذا قد قفز الرجل على كثير من الاستحقاقات الكبيرة وهذا معناه ان ثمة طريق واحد لليمن ستفرزه تفاهمات السعودية وإيران بعيدا عن الهدف الذي أعلنت من اجله  الحرب  في مارس 2015م  بعيدا عن إستحقاقات القضايا الكبيرة في عمق الإشكال والصراع اليمني قريبا من أمن السعودية والخليج والتحولات الحديثة في المنطقة  .