آخر تحديث :الثلاثاء-16 أبريل 2024-01:55م

لأجل حوار حقيقي جنوبي جنوبي

الإثنين - 04 يوليه 2022 - الساعة 10:53 ص

عبدالكريم الدالي
بقلم: عبدالكريم الدالي
- ارشيف الكاتب


ما نسمعه من تسويق في الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي عن حوار جنوبي جنوبي في الداخل او الخارج ، يضع عدد من الأسئلة اهمها هل هي مجرد تسريبات بالونات اختبار لمعرفة رد فعل الشارع والاطراف السياسية والاجتماعية والمدنية الأخرى ? ام انها دعوة صادقة في إعادة ترتيب البيت الجنوبي واستعادة دور عدن الريادي في هذا البيت ؟

الا ان من الواقع الملموس نجد ان عدن وأبناءها خارج اهتمام هذه الدعوات ومصداقيتها ، لهذا يتم التسريب لهذه الدعوات باستحياء وفي فترات زمنية متفاوته  ،  الا ان الحقيقة انه لا سلام في الجنوب وعموم اليمن بدون استعادة دور عدن الريادي وانصافها أرض شعب هوية ، لهذا يبقى  مشوار الترويج للحوار الجنوبي الجنوبي المزعوم متعثر طالما لم يتم  الإفصاح عن الأهداف والمبادئ  والأفكار التي سيبنى عليها الحوار ، وللوصول إلى حوار  يعطي ثماره في تعزيز  النظام والقانون ومؤسساته وترسيخ  الامن والأمان وترميم النسيج الإجتماعي لابد من تقديم  ضمانات لجذب جميع  الأطراف للحوار  ، واولى هذه الضمانات تمثيل عدن بشكل مستقل وسيادي من خلال ابناءها  ، كما أنه لا معنى لحوار ذون ندية تجمع المتحاورين  , ولا نحتاج لحوار يعلنه من يعتقد انه المنتصر والاقوى وصاحب الريادة والسيادة  بعد ان ملك القوة والسلاح والمال والاعلام ، ويعتقد انه قادر بكل ما يملك على حشد عدد من الأنصار بشراء الذمم بالمال تحت مسميات متعددة  ، لهذا يعتقد انه قادر ان يفرض حوار هو فيه صاحب القرار والبقية بدون اختيار  هو المستبد والمستكبر الذي لا يقبل التحاور بالندية وبتداول الآراء بالأخذ والعطاء ،  وهو من يملي وعلى الاخرين ان يصغوا ثم ينصاعوا  لمخرجات مطبوخة . 
الحوار مبدأ انساني أصيل عندما يحترم ملكات الانسان الراقي وهي العقل ، و يؤسس لنظرة كلية للوطن ، تجمع أطيافه على مصالح مشتركة وهواجس متحدة وأرضيات لبناء حضارة إنسانية راقيه مبني على قيم واخلاقيات القبول بالاخر .
يراد من الحوار انهاء حالة العنف والعنف المضاد ، ووقف عملية فرض الامر الواقع ، وفتح نوافذ مع الاخر لصنع حالة من التقارب  وتصحيح أخطاء الماضي لتقديم فرص كافية ليعبر الناس عن حقوقهم واختياراتهم ، وإعادة الحقوق لأصحابها  ،  لهذا يحتاج الجنوب ان يفتح للقضية العدنية أبواب واسعة من الحريات ، لتعبر عدن عن ما أصابها ويصيبها من فكرة (العاصمة الأبدية ) الذي جعل عدن مستباحه لكل جنوبي متعجرف ، وكل مسلح يعتقد ان عدن ملكة من فكرة انها  فيد له من العام 67 م ، ولهم الحرية في ما يمارس منهم من ظلم وقهر وبسط ونهب وقتل ومداهمات وتقييد الحريات .
وعليه يجب يكون الحوار في الجنوبي الجنوبي  على اساس ثوابت اساسها :-
1- الدعوة إلى دولة النظام والقانون وتفعيل عمل مؤسسات الدولة والعمل بالدستور والقوانين ، وعدم التفريط بالسيادة الوطنية والقرار السيادي  .
2-  الحوار على اساس الحرية والعدالة والديمقراطية والقبول بالاخر ، والرأي والرأي الاخر ورفض الاقصاء والتهميش ولعلعة رصاص البنادق ودوي المدافع  .
3- الاقرار والاعتراف بالقضية العدنية قضية ارض شعب هوية من العام 67 م  . 
4- الدعوة إلى الحوار على اساس ندية المتحاورين ، يلتقون على طاولة مستديرة تجمع الجميع على حقوق متساوية في الحوار  ، وتضم الطاولة ممثلين حقيقيين لابناء عدن  بنخبنهم السياسية ، وممثلين لابناء محميات عدن الغربية والشرقية بكل فئاتهم بما فيهم ممثلين عن عائلات السلاطين والامراء والمشايخ ورجال الدين والقبائل والمواطنين  .
5- الرفض القاطع للاستقواء بالخارج ، ووجود مليشيات مسلحه تتبع اي طرف يشارك بالحوار  . 
6- الرفض القاطع لفرض سياسة الامر الواقع والاستقواء بالسلطة والنفود والمال والسلاح  .
7- الاقرار والاعتراف بما ارتكبت من جرائم من العام 67 م الى يومنا ضد عدن وابناء عدن وعائلاتهم من مختلف الاجناس والاعراق والاديان والطوآئف والمذاهب  ، وكذلك ضد أبناء ماكانت تعرف بمحميات عدن الغربيه والشرقية من سلطنات وامارات ومشيخات ، من عائلات السلاطين والامراء والمشايخ ورجال الدين والقبائل والمواطنين الطيبين   .
7- اقرار تطبيق العدالة الانتقالية وجبر الضرر والتعويض العادل في عدن ومحميات عدن الغربية والشرقية من العام 67م  .
 . 
ومن اجل الوصول لحوار جنوبي جنوبي صادق لابد من ضمانات اهمها   :-
1ـ وقف حالة العنف والعنف المضاد , وإيقاف ما ينتجه هذا العنف من خراب ودمار , وقهر وظلم  واضطهاد ، وما يشكله من تمايز واصطفاء وفرز مجتمعي يخلق صراع بين قوى بغت وطغت بالعنف وأخرى تضررت وهينت واذلت ، وهذا يتطلب إعادة هيكلة القوات المسلحة التي لازالت مليشيات  تمارس اذلال عدن واهانة أهلها وذويها بثقافة مناطقية  .
2ـ  الاعتراف بالأخطاء والممارسات السابقة من منطلق حسن النوايا لتقديم الضمانات بالنوايا الصادقة وتهيئة البيئة لحوار صادق ، وفرض الامن والأمان والاستقرار  ، والعودة لقيم واخلاقيات النظام والقانون , لضبط المشهد العام بما يسهل حالات التقارب والتوافق وانهاء حالة العنف والعنف المضاد ، لضمان حوار يقوم على الندية بين جميع المتحاورين  .
3ـ يكون لعدن ريادة وسيادة تتبلور  من خلال  الاعتراف والاحترام بخصوصيتها الجغرافية والتاريخية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية ، بعيدا عن فكرة ( عاصمة ابدية ) والتي كانت ومازالت  شماعة استباحة واغتصاب عدن من العام1967م إلى يومنا  .
اجمالا اذا أردنا حوار جنوبي جنوبي حقيقي صادق لابد أن تكون له ثوابت وضمانات تكفل المصداقية وحق الجميع في الحوار  ، وتسمى المسميات بأسماءها  .

عبدالكريم الدالي