آخر تحديث :الخميس-25 أبريل 2024-05:54ص

نحن والهوتو والتوتسى!

الإثنين - 04 يوليه 2022 - الساعة 09:06 ص

عز الدين الأصبحي
بقلم: عز الدين الأصبحي
- ارشيف الكاتب


بعيدا عن الإغراق فى حب الذات او التقليل من الشأن ، يلح على سؤال هو كيف يرى الآخر البعيد قضايانا الصعبة؟،ولماذا نعلق الآمال على موقف الآخرين، وأنه لابد أن يدركوا حقيقة معاناتنا حتى نخرج من مأزقنا؟. نحن نغرق فى همومنا ،حتى نعتقد أن معاناتنا هى محور اهتمام الكون ، بينما العالم المتحكم بالأمور يرى الأمر غير ذلك، فهذا السياسى القابع خلف مكتب محاط بالصقيع  فى شمال أوروبا او ذاك الخارج من صخب نيويورك، تناقشه بالقضية التى تستنزف روحك، ولا تجده ملما بالأسس الكبرى عنها، ناهيك عن التفاصيل المؤلمة.

من يتذكر كيف كنا ننظر نحن قبل ربع قرن لصراع الهوتو والتوتسى فى رواندا ومذابحهم فى 1994، لقد قُتل ما يقارب من 800 ألف رواندى فى الأسابيع الستة الأولى آنذاك، وذهب كل أولئك بصراع عجيب، و تحت وهم نظرية تقول إن التوتسى عرق آخر فيه طول الجسم وشكل الفك مختلف عن الهوتو ،هكذا قيل لنا فى وسائل الإعلام المسيطر! وقتل الناس بعضهم بتلك القسوة إلى ما صرنا نعرفه بالإبادة الجماعية!. وكنا نقلب أيدينا باستغراب لا يخلو من حزن مع العالم ونسأل هل يستحق أن يقتل مليون إنسان فى بلد لأن قبيلة او زعيما او منطقة فى ذاك البلد تريد أن تلغى قبيلة او منطقة أخرى فى نفس البلد.؟ كان أقصى مايمكن أن نعمله هو إظهار مشاعر الحزن .ولكن سؤال الدهشة لا يفارق لساننا هل هناك مايستحق كل ذلك الموت؟
أعدت رسم الصورة تلك عن راوندا، ونحن نكمل احاديث لا تنتهى عن القضية اليمنية، وكيف نطلب من العالم ودول ومؤسسات ، فى أوروبا أو أمريكا أن تقنع ميليشيات الحوثى بأن تنهى حصار مدينة تعز مثلا! أو توقف تعطشها للموت والدم، والقذف بعشرات الآلاف من الأطفال إلى محارق الموت ، كيف نقنعها بأن زرع ملايين الألغام حول المدن والقرى والطرقات يقتل مستقبل البلد ولا يضر عدوا ولا يصنع مستقبلا ولا يحقق نصرا! .كيف تقنع جماعة جاءت تقتل أبناء وطنها وحولها منظرون يقنعون أنفسهم كذبا، بأن هناك خطرا حقيقيا من أبناء مدينة محاصرة ، وانه بقتل مليون يمنى آخر وإضافة ملايين المعاقين من الصغار سيمكنهم من صنع مستقبل أجمل، وكيف لك أن تتصور أن بعض المثقفين والمتعلمين، يرضخون لواقع عجيب يرى ان شخصا لم يذهب إلى المدرسة يمتلك حكمة وهبها له الإله وأنه سينقذ العالم وليس فقط يبنى وطنا ! .
سأقول لكم كيف يرى هذا الآخر قضيتنا ،إنها شيء من الخرافة بالنسبة له وبحر من التخلف لا يريدون الاقتراب منه، ناهيك عن الغرق فيه، وكل أملهم أن يجدوا من يوقف هذا الأنين ولو بكتم الأنفاس، فقط حتى لا يشعروا بالصداع ولا يزعجهم احد بأخبار لا يريدون سماعها!.
لذا لا مانع من تشجيع حل حتى لو ذهب لطرف قمعى يُسٍكت الكل ولو بالقتل ،المهم ينجز المهمة وينهى القلق من تطور اى خلاف قد يؤثر على الملاحة البحرية الدولية، ويضر بمصالحهم، ويسكت المطالبة بالحقوق، ولا يزعج العالم بحكايات عن معاناة شعب. ولا يأبهون بأن هذه الشعوب ستعانى ديكتاتورية فاشية ،ذاك لا يهم اذا كانت المصالح مضمونة، وصوت الاحتجاج يتلاشى، وبالتالى سيباركون بكل بساطة اى حلول و يغضون الطرف عن أى كتم للشعوب ولا يهم حتى إن جرى استنساخ لأسلوب كوريا الشمالية او إيران، المهم يبقى القمع محصورا بذلك البلد ، ولا نسمع ما من شأنه تعريض راحة ضميرهم لأحداث مؤسفة وضجيج عن الضحايا. انه عالم مصالح يريد إنجاز الصمت لا تحقيق العدل .
هل لى أن اذكر بأفغانستان وكيف يتكيف العالم مع حكم طالبان! . ماذا لو كان نجح مشروع أكثر انفتاحا فى أفغانستان بدلا من طالبان؟ أليس ذلك اجدى لهذا الشعب العظيم! لكن من يأبه لذلك مادام لم يصنع الشعب نفسه طريق خلاصه. وهذا ما علينا ان نعمل عليه، وبدلا من حصر الأمر فى البحث عن متعاطف مع مأساتنا قابع خلف مكتب فى شمال أوروبا برودة قلبه أشد من الصقيع المحيط بمكتبه! علينا العمل من أجل إيجاد لحظة وطنية لمشروع وطنى يعيد لليمن ألقه، فالحل سيكون يمنيا. ومثلما تزدهر الحرب بالتدخلات الخارجية ،فإنه لا يصنع الاستقرار الا إرادة وطنية، تبدأ برفض احتكار الوطن بيد مجموعة منفلتة ، ورفض فكرة استعلاء وعداء جماعة او جزء من الجغرافيا ضد البلد والناس ،وتلك مهمتنا لا مهمة الوسطاء ، وقضية مجتمع وليست قضية مبعوث اجنبى او متعاطف خارجي. اما غير ذلك فنحن فى نظر الخارج مثلما كانت رواندا قبل ربع قرن شيء من الهوتو وقليل من توتسى لا أكثر