آخر تحديث :الخميس-28 مارس 2024-06:44م

وقفة مع خطاب اللواء عيدروس

الجمعة - 01 يوليه 2022 - الساعة 10:06 م

عبد السلام بن عاطف جابر
بقلم: عبد السلام بن عاطف جابر
- ارشيف الكاتب


 

قبل أمس غردت على تويتر، بمقطع فيديو لولي العهد محمد بن سلمان. . تحدث عن الفساد والفاسدين في 2017 أو 2018. . قال؛ لن ينجو أحد من العقاب حتى لو كان وزير أو أمير. . ونفذ ماقال؛ قبض على أقوى الأمراء والوزراء.

هكذا تبنى الدولة القوية "قائد ينفذ مايقول". . وهاهي السعودية اليوم في أقوى عهودها، منذ تأسيسها، تهابها كل دول العالم. . وهذا الذي دفعني للتعليق على الخطاب الرائع  للواء عيدروس في الجمعية الوطنية قبل أيام. . أرسل لكل الأطراف، في الداخل والخارج، رسائل ترضيهم.

ورسائله للداخل تنوعت بين سياسية وعملية. . الاهتمام بعائلات الشهداء. . أثنى على المناضلين الأحياء، ووعد ترتيب أوضاعهم. . أعلن انتهاء لجنة الحوار من إعداد خطة توحيد القوى الجنوبية. . أقر بوجود خلل في الانتقالي، وقرر إعادة هيكلته. . تحدث عن تردي الخدمات، ووعد بإصلاحها،  وأولها الكهرباء، وغيرها من الرسائل.

اللواء عيدروس يحظى بثقة الأغلبية الجنوبية، حتى من معارضي وناقدي المجلس الانتقالي. . والجماهير المحبة لقائدها تعلق عليه كل آمالها، وتثق بكل وعوده، فإذا لم ينفذها تنكسر قلوبهم.

فخطابات القادة لا تقيّم  بشمولية المحتوى، وترتيب الأفكار، وجزالة الخطاب . . بل بالأداء والتنفيذ؛ فالرسائل السياسية تقيّم من خلال سيرورة الأداء السياسي، ومدى التغير الإيجابي. . والرسائل العملية  تقيّم بالتنفيذ؛ لأنها تعتبر مسودة قرارات ومشاريع مستقبلية، لمرحلة مابعد الخطاب؛ توضع لها برامج زمنية للتخطيط، وبرامج للتنفيذ.

فإذا قيّمنا الخطاب بعد أسبوع من إلقائه؛ سنجد المؤشرات الأولية إيجابية. . تحرك  بحماس شديد؛ فوجه رئيس الوزراء إلى سرعة تنفيذ المشاريع، المتفق عليها في مشاورات الرياض. .

وأمر بالبدء في هيكلة الانتقالي. . وأطلق حوار جنوبي في الداخل، وشارك به شخصياً؛ . . رغم انشغاله بكل مهام رئاسة الجمهورية، بسبب غياب الرئيس رشاد العليمي، وإعضاء مجلس القيادة.

لكن خبراء الإدارة يقولون: عندما يضطر القائد لحل المشاكل بنفسه، تعيقه البطانة السيئة. . فلو كانت بطانة صالحة؛ ماحدثت المشاكل، وإذا حدثت لأسباب غير متوقعة؛ كانت حلت قبل تفاقمها. . ويقولون أيضاً: الحماس بدون خطة، تحوله البطانة السيئة إلى فتور.

ولتجاوز هذا العائق؛ يعمد القادة إلى تكليف فرق صناعة القرارات. . توزع المشاكل على ملفات، ويكلف فريق لكل ملف، من الكفاءات، أكانوا أعضاء في الانتقالي أو ليسوا أعضاء. . وكل فريق يقدم للرئيس خطة مزمنة لدراسة المشكلة. . بعد ذلك يرفعون للرئيس تقارير يومية "ماذا أنجزوا.؟ والمعوقات -إن وجدت- التي تتطلب تدخله".

وكل فريق ينجز مهمته؛ يرفع الدراسة إلى الرئيس، متضمنة مقترحات الحلول في مصفوفة قرارات، قابلة للتنفيد في ظل ظروف البلاد السيئة. . والرئيس يتخذ القرار الذي يراه الأفضل، ويكلف فريق لتنفيذ المهمة.

ختاماً؛ إن القيادة التي تريد بناء دولة؛ عليها إولاً إحياء أسس البناء؛ العدالة والمساواة والحرية، وتعزيز التلاحم الشعبي. . والدول الممزقة الغارقة في الصراعات، كحال بلادنا، تفرض في مقدمة الأسس "وفاء القيادة في وعودها" فلا بناء وتنمية بدونه. . فهو الذي يعزز ثقت الشعب بالقيادة؛ ويدفعهم للعمل بكل طاقاتهم من أجل  بناء وطنهم -الدولة- وليس المردود المالي. . والوفاء يجذب الاستثمار الخارجي، فمن  المستحيل أن يأتي الاستثمار بوجود قيادة تكذب ولاتفي بوعودها.

وللحديث بقية
عبدالسلام بن عاطف جابر