عرفناها في عهد حكمه ، أحبها و أحبته ، جاهد ليحافظ على خصوصيتها الفريدة كمدينة فريدة على مستوى مدن الشرق ، مدينة السلام و العلم و الثقافة و الرقي ، أنها عدن مدينة المدائن و أنه الرئيس علي ناصر محمد .. كنا طلاباً و كان يلزمنا على أرتياد المكاتب و صالات القراءة ، و على حضور ندوات الشعر و القصة و المسرحيات ، كان يلزمنا في المشاركة في أسابيع المرور و الطلاب و النظافة و الرياضة و مختلف النشاطات و لم ندرك أهمية ذلك لنا و لعدن الا اليوم ، كان يهدف إلى صنع جيل واع و مثقف تسعد به عدن و يكون عوناً لها ..
في عهده كانت عدن آمنة و الأمن في كل حارة و بيت ، و في عهده كان العدني يضع على بابه لوحة مطرزة و جميلة تحمل اسمه و وظيفته مفاخرا و آمنا ، و في عهده كان العدني أنيقاً نظيفاً و لا يخاف إنقطاع الماء عن منزله ، و في عهده لم يحل الظلام منزلاً في عدن ، و هو الرئيس الذي قطع أحد زياراته الخارجية لعطل حدث في الكهرباء و الطلاب يؤدون أمتحاناتهم الثانوية ، و في عهده لم يحدث أن طفحت المجاري الى الشارع أو تكدست أكوام القمامة ، و في عهده لم يحدث أن أشترى مريضاً دواءه و هو داخل المشفى ، و في عهده لم يفكر أحد أو يهم قوت يومه ، و لو كان المقام مناسباً لأطلت الحديث عن العلاقة ما بين عدن و ناصر .. و ما بعد ناصر جاء الغرباء ليحكموها ، بل و ليغتصبوها ، فمنذ عهده و حتى اليوم و عدن تفقد كل يوم جزء من جسدها و حياتها ..
عدن اليوم لا نور و لا ماء و لا غذاء و لا دواء ، و الخوف يعم حواريها و منازلها ، إرهاب ، قتل ، إغتصابات ، حرائق ، و مخدرات و فساد في كل شئ .. أينتقمون منها أم يريدون ترويضها و إخضاعها ؟ .. أنهم يحولونها إلى مدينة للخطيئة ليكتسبون و يربحون .. و لو على جثث مواطنيها .. يريدونها كلاس فيغاس أو شيكاغو و مدن اللاهوت .. و كأني بهم قد أستعانوا في ذلك بشياطين الجن و الأنس و طغاة الأرض ، فنيرون يحرقها ، و كارلس يرهبها ، و بابلو خافيريا يغرقها بمخدراته ، و زودياك و ليكتر و غيرهم يسفكون دمائها و المغول يستبيحونها و ينهبونها و يعيثون فيها فسادا .. غرباء أتوها من الجبال و الفيافي و غرباء دخلوها من البحر و السماء ..
وا معتصماه و ناصراه .. عدن تذبح من الوريد إلى الوريد و تستغيث بكم .. يكفي صمتاً و بمقدوركم أن تجمعوا كل من يهمه أمر عدن و تطالبون بحياديتها عن الصراع السياسي و إعلانها مدينة منكوبة تستدعي تدخلاً دولياً ، أنقذوا المواطن العدني الذي يتجرع ويلات العذاب و المعاناة .. وا ناصراه عدن تحتضر فهل من مغيث ؟
