آخر تحديث :الثلاثاء-16 أبريل 2024-07:52م

اليمن الجديد2 (ثقافة الجنوب السياسية)

الإثنين - 20 يونيو 2022 - الساعة 12:00 ص

عبد السلام بن عاطف جابر
بقلم: عبد السلام بن عاطف جابر
- ارشيف الكاتب


تناول  المقال السابق "ثقافة الشمال السياسية" وهذا المقال  سيتناول الثقافة السياسية في الجنوب  

يقول علماء السياسة: إن أساس الثقافة السياسية ينبع من نفس المجتمع. وكل نظام حكم يتلافى أخطاء ثقافة النظام الذي سبقه، ويطور الباقي.. ويضيف إليها اقتباسات من دول أخرى؛ بحدود ماتتقبله طبيعة الشعب. . والتعامل  مع طبيعة المجتمع يجب أن يكون  بحذر شديد؛ حتى لايحدث تزاوج  بين طبيعة موروثة مع إيجابي مقتبس غير مفهوم، وتكون النتيجة ثقافة هجينة مدمرة.

ولأن طبيعة المجتمعات وثقافة الحكم في الجزيرة العربية ملكية وراثية؛ كان من المؤكد إن تؤثر  في الأنظمة الجمهورية (سوريا، العراق، اليمن الشمالي). فأصبحت  جمهوريات ملكية وراثية. . والجنوب وقع في نفس المأزق الثقافي.

قامت بين 1967-1994 جمهورية اشتراكية ملكية وراثية. اقتصر ملك البلاد على قيادة الجبهة القومية ثم الحزب الاشتراكي، والورثة الأعضاء. . وتم  إقصاء كل شرائح المجتمع من المشاركة في الحكم.

لكن الجمهوريات الملكية  العربية  حافظت على الإيجابي من الثقافة السياسية والإدارية الموروثة. . وتمسكت بأسس الدولة والثوابت الوطنية التي تتوارثها الأجيال مهما تغيرت الأنظمة الحاكمة. . أما في الجنوب فقاموا باجتثاث كل شيء، ووضعوا  بديلاً عنها.!!

لكن الثقافة السياسية -موضوع المقال- التي وضعوها كانت مدمرة،  تسببت بكل كوارث الجنوب. وجعلت عقولهم وعقول  أتباعهم عاجزة عن الإبداع وعن الفهم؛ فلا هم استعادوا ايجابيات ثقافة السياسية الملكية الوراثية البريطانية والسلاطين، ولا طبقوا الإشتراكية التي جلبوها بشكل صحيح.

فقتلوا وشردوا بعضهم بعض، ومزقوا المجتمع،  ودمروا الدولة، حتى أوصلوا الجنوب إلى احتلال 1994 واختفوا من الساحة . . . وتركوا خلفهم ثقافتهم السياسية المدمرة؛ التي تسببت فيما بعد بإضعاف الحراك، والارتباك الحاصل اليوم.

في 2004 تأسس التجمع الديمقراطي -تاج- وخلال أربعة أعوام أنضم إليه المؤمنون بحرية الجنوب واستقلاله. . كانوا من كل شرائح المجتمع؛ سلاطين، مشايخ، رجال أعمال، أكاديميين، طلاب، إسلاميين، وأعضاء في الحزب الاشتراكي.

وكانت تاج الصاعق الذي عجل في انفجار الثورة السلمية الجنوبية في 2007 . . وأبنرى أبناء الجنوب المغتربون لتمويلها، ولم تمولها دولة صديقة للجنوب، ولادولة معادية لصنعاء. ونقلوا أخبارها وعدالتها إلى كل دول العالم. . عجز نظام صنعاء خلال سَنَوات عن سحقها بالقتل والاعتقالات والأفغان العرب والقاعدة؛ وكل وسائل القمع، وعجز عن تشويهها، ولم تصدق أكاذيبهم دول العالم ولا المنظمات الدولية.

وعندما بدء نظام صنعاء يقدم التنازلات للجنوب؛ ظهر ميراث الحزب الاشتراكي من  الثقافة السياسية الهدامة (الانتهازية، الإقصاء، التخوين، المناطقية، أنا قبل الوطن) . . . وفعلت ما عجز عن فعله العدو بكل أجهزة دولته.!! مارس هذه السياسة الحزب الاشتراكي. . وحزبيون يعيشون في الخارج، اعتزلوا السياسة بعد حرب 1994 . . وآخرون لم يكونوا في الحزب؛ لكنهم تربوا على ثقافة الحزب ولايعرفون غيرها.

و بدأت  مسيرة المؤامرات؛ على قاعدة (نحن نملك الجنوب ونقوده، أونعمل ضد التحرير والاستقلال) ومزقوا الحراك مقابل أموال، وظائف، امتيازات . . فريق منهم تحالف مع  حزب الإصلاح "أخوان مسلمين" وعمل لتسخير  الحراك  لصالح  اللقاء المشترك . . وفريق  مع إيران والضاحية الجنوبية، ضد السعودية. . وفريق عمل لصالح نظام عفاش.

في 2015 حاولوا منع الشعب الجنوبي من تحرير وطنه والسيطرة عليه. . كانوا يقولون (الحرب بين أقطاب صنعاء وليست حربنا والمنتصر نتفاوض معه) كان كل طرف منهم ينتظر انتصار حليفه الشمالي؛ لأنه وعده تسليمه إدارة الجنوب.!!

بعد انتصار جماعة الحوثي وعفاش في 2015 ؛ كان حلفاءه من هؤلاء يتصلون بقيادات الجبهات البعيدة عنهم، ويزورون الجبهات القريبة ليقنعونهم بعدم قتال الحوثي، ومن يقاتله خائن للجنوب وعميل للسعودية. . والمبرر أن الحوثي يحارب السعودية، وعندما ينتصر سيعطي الجنوبيين إدارة الجنوب.!!

وعندما انتصرت المقاومة بدعم السعودية والإمارات  غيروا جلودهم، وأصبحوا يتمسحون على عتبات الدولتين.!! فرحبت بهم الدولتان؛ لأنها لن تجد في الجنوب مثلهم. ونصبتهم قيادة على الجنوبيين، وفي السلطة الشرعية، واليوم في قيادة اليمن الجديد.

ختاماً؛ أكرر ماقلته في مقال قبل 13 عام (الاستقلال يحميه عنجهية صنعاء والوحدة محمية بغباء وانتهازية رفاق الحزب الاشتراكي)

وللحديث بقية
عبدالسلام بن عاطف جابر