آخر تحديث :الجمعة-03 مايو 2024-12:11ص

الظلم.. وخراب العمران 

الأربعاء - 08 يونيو 2022 - الساعة 10:50 ص

د. الخضر عبدالله
بقلم: د. الخضر عبدالله
- ارشيف الكاتب


عن وهب بن منبه رحمه الله  قال: بنى جبار من الجبابرة قصراً و شيده فجاءت عجوز فقيرة فبنت إلى جانبه كوخاً تأوي إليه فركب الجبار يوماً و طاف حول القصر فرأى الكوخ فقال: لمن هذا؟

فقيل: لامرأة فقيرة تأوي إليه فأمر به فهدم فجاءت العجوز فرأته مهدوماً فقالت: من هدمه؟

فقيل: الملك رآه فهدمه فرفعت العجوز رأسها إلى السماء

وقالت: يا رب إذا لم أكن أنا حاضرة فأين كنت أنت؟

قال: فأمر الله جبريل أن يقلب القصر على من فيه فقلبه ..

 ويقول الإمام الذهبي في كتابه الكبائر وقد أخرج مسلم في صحيحه، - أنّ النّبي -صلى الله عليه وسلم- قال:"اتَّقُوا الظُّلْمَ، فإنَّ الظُّلْمَ ظُلُماتٌ يَومَ القِيامَةِ، واتَّقُوا الشُّحَّ، فإنَّ الشُّحَّ أهْلَكَ مَن كانَ قَبْلَكُمْ، حَمَلَهُمْ علَى أنْ سَفَكُوا دِماءَهُمْ واسْتَحَلُّوا مَحارِمَهُمْ"

ما من شك أن مرتع الظلم وخيم، وخاتمته مريعة، فالله يمهل ولا يهمل، والظلم ظلمات يوم القيامة، وحسرة وندامة، يوم لا ينفع الندم، وليس بين الله ودعوة المظلوم حجاب، وهي أسرع مما نتصوره، 

وحقيق بالظالم أن يجازى على ظلمه في الدنيا والآخرة، وليس الأمر مقصور على الظالم وحده وإنما يشمل الساكت على الظلم، والراضي به، فالساكت على الظلم والراضي به شريكا للظالم في ظلمه، 

ومن حكم الله أنه مامن ظالم إلا وسيبلى بمن هو أظلم منه، وهذه سنة المولى عز وجل وحكمته فمن أعان ظالما على ظلمه سلط الله عليه من يظلمه، وهذا واضح في قول الله تعالى: (والذين ظلموا من هؤلاء سيصيبهم سيئات ماعملوا وحاق بهم ماكانوا يستهزئون) 

من هنا قالوا أن الظلم عواقبه وخيمة ليس على الأفراد فحسب وإنما على الجماعات والدول، وانظروا حولنا لما حل بالظلمة والطغاة من نهايات يقشعر لها البدن في عصرنا هذا، وليس من صفة سيئة أسوأ من الظلم فهو أساسا مشتق من الظلام .

كما أن عواقب الظلم لا تحيق فقط بالطغاة الظالمين ، وإنما تفتك أيضا بالأمم والشعوب التى ترضى به وتسكت عليه وتؤثر السلامة ولا تعمل على دفعه ..

" واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة واعلموا أن الله شديد العقاب " 

إن الأرواح التي أزهقت بغير حق في بلادنا وملايين النازحين  الذين ملأوا أرجاء الأرض  ضاقت بهم الحال المعيشة  ..ومئات  الآلاف  الذين يتسولون لقمة الخبز فى بلادنا  ، من أيدى الفاسدين  والظالمين الملطخة بالدماء ، والكثير والكثير من ألوان الظلم و الفساد  ، لكفيل بإنزال غضب الله وسخطه على بلادنا وشعبنا ..

وإننا لنرى هذا واضحا جليا فيما حل  بوطننا  من فقر وجهل وتبعية ونهب للثروات واغتصاب  لحقوق الناس  وغيرها .

فلا سبيل ، أمام الناس إلا أن يغيروا  من سلوكيهم الخطئ بالرجوع إلى الله في اتباع أمره واجتناب نهيه  حتى  يستردوا بها حريتهم  ويرفع عن كاهلها هذا الظلم والإستبداد " إن الله لا يغير مابقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم "