آخر تحديث :الأربعاء-24 أبريل 2024-10:58م

ضرورات الهدنة وخطورتها !

الجمعة - 03 يونيو 2022 - الساعة 04:18 م

مصطفى المنصوري
بقلم: مصطفى المنصوري
- ارشيف الكاتب


تغيرت الموازين وتغيرت التسميات وانتقلت الحوثية من حركة دموية انقلابية إرهابية الى سلطة أمر واقع ثم الى حكومة صنعاء ، لا يمكن تحميل إيران كل هذا الاختراق ، السعودية  والتشظي الخليجي لعب دور كبير في ذلك  ، قضايا اليمن الشائكة وصراعه البيني المتجدد مربك لأي تدخلات ، لعقت السعودية جراحاتها بمفرها في اليمن ، الرئيس الأمريكي بايدن اعلن سابقا انه سيجعل السعودية دولة منبوذة ، وأعاد للحركة الحوثية الحياة بمجموعة قرارات كإلغاء تصنيفها حركة إرهابية ابتداء من 16 فبراير 2021 م ، زيادة قيامه بسحب الانظمة الصاروخية الدفاعية ومعدات عسكرية والجنود الامريكان من المملكة العربية السعودية ضمن حملة إعادة تموضع للقوات الامريكية لمواجهة روسيا والصين .

الرئيس الأمريكي بايدن وسع رئتي الحوثيين فتنفست بعمق وتوالت ضرباتهم الصاروخية والمسيرات والمفخخات الى عمق السعودية والإمارات ، الإمارات الواحة الأكثر أمن في العالم ، كانت الضربات الصاروخية الحوثية على الامارات هي الاكثر وجعا ،  زيادة في ذلك تدخلت عمان وافرجت عن السفينة الإماراتية روابي بعد ثلاثة اشهر من احتجازها من قبل الحوثيين ، لم تمانع إسرائيل أمريكا نقلها تقنية القبة الحديدية للأمارات  ، وطلبت بالمقابل من الامريكان  زيادة فاعلية منظومتها الدفاعية ، وفي 20 فبراير 2022م دعت الإمارات جيوش الدول الحليفة العمل معا لبناء درع  يحمي من خطر الطائرات المسيرة ، وإسرائيل نجحت في 14 ابريل 2022م من تجريب نظام دفاعي صاروخي يعتمد على تقنية الليزر المعتمد على تكاليف بسيطة جدا .

المبعوث الأممي غروندبيرغ يعتبر الأكثر حضا من سابقيه ، الاطراف المتصارعة بعد ثمان سنوات باتوا في حاجة الى كثير من التوافقات، اعتبرت أمريكا عبر المتحدث في البيت الأبيض اليوم ان نجاح الهدنة الأولى والدخول في الهدنة الثانية  تم بمساعي سعودية خالصة ، انهت السعودية كثير من تشنجات الخصام مع إيران ، ودخلت في حوارات معها ، واكد وزير خارجية ايران سعيد خطيب عن تبادل دوبلماسي كامل ين السعودية وإيران قريبا ، وفي الاجتماع الوزاري المشترك الخامس للحوار الاستراتيجي بين مجلس التعاون وروسيا الاتحادية  الذي عقد في مقر المجلس بالرياض بتاريخ 2يونيو 2022م  اكد وزير خارجية السعودية أنهم بحاجة لتحقيق خططهم التنموية ضمن بيئة إقليمية مستقرة حاضنة لشراكات وداعمة لبرامج التنوع الاقتصادي ،  معتبرا ان استقرار اليمن يعد جزء لا يتجزأ من أمن المنظومة الخليجية ومنطقة الجزيرة العربية ، واكد وزير خارجية السعودية أيضا ان موقف الخليج يجب ان يكون موحدا وحوارهم مع ايران يجب ان يكون مبنيا على موقف خليجي موحد يدعو للتهدئة والالتزام بمبادئ الشرعية الدولية وحسن الجوار ، وكأنها رسالة تتجه الى دولة قطر التي استضافت الرئيس الإيراني في 21 فبراير 2022م والى سلطنة عمان التي استضافت الرئيس الإيراني في 23مايو 2022م . 

لم تكن التحولات المتسارعة في اليمن من الحرب الى الهدنة ومن القضاء على الحوثية الى حوار سياسي قائم على وجودها القوي سوى إستشعار إقليمي ان هذه الحرب ستذهب بالمنطقة الى منحدرات سحيقة من الاضطرابات ، انتقلت السعودية مباشرة في إنهاء توليفة الشرعية التي كان على رأسها هادي واخرجت نفسها من عمق الهوة التي احدثتها صراعات وتجاذبات القوى المسيطرة على قرارات هادي فأسدلت  الستار على القائد العسكري الذي أذاق  التحالف هزائم  مؤلمة ومتلاحقة كادت فيها مأرب ان تسقط فأنتهى محسن الأحمر وهادي سويا ، وتموضعت قوات جديدة في شبوة ، وفي ابين يتم تأسيس كثير من التفاهمات لتقوية مكامن التصدعات المربكة في هاتين المدينتين المفصليتين للنصر والهزيمة . 

الضخ الإعلامي عن تعز من اجل فتح المعابر والطرقات غير مجدي ، فتح الطرقات لها عواقب عسكرية وامنية تدركه الاطراف المتقاتلة ويقتضي ذلك الحذر العسكري المنطقي  لحرب في اصلها لم تنتهي ومازال كل طرف يحشد ويرتب نفسه للانقضاض على الآخر ، الضخ الإعلامي لن ينتج إلا اضعاف الوفد المفاوض وتعجيزه عن حلحلة القضايا الكبيرة ، تعز هي من ستفتح الأبواب المغلقة لكثير من المناطق التي يحلم بها الحوثيين ، والقبضة الحوثية ستطبق على تعز مجددا ، والهجوم الشرس على قصور أداء المبعوث الاممي في الضغط على الحوثيين لا قيمة له  ، ببساطة المبعوث الأممي ليس جهة ضغط  ودور هو كوسيط وسينتهي  هذا الدور وبسرعة حال رفضه من قبل أي طرف من اطراف الصراع  ومعلوم كم هي الفترة التي رفض الحوثيين اللقاء به .
جميع المناطق التي لم تقاتل ومحاصرة الى اللحظة من قبل الحوثيين تكلفة فك حصارها ستدفعه المناطق المحررة ، العبور الى تعز معناه بالمقابل عبور حوثي الى مارب الى شبوة الى حضرموت الى المهرة ، حتى التسوية النقدية القادمة سيحملها وعاء البنك المركزي في صنعاء وسينهي طارئ بنك مركزي عدن ، وستضع فيه كل الواردات  ومبيعات النفط والغاز الذي يتهم الحوثيين صراحة الشرعية  والدول الداعمة لها بنهبها ، هناك اتفاق إقليمي ودولي على تشابك جميع المدن والمناطق بصنعاء وصولا الى شكل الدولة ونظامها السياسي القادم ، ولن تصل التفاهمات الى هذه النقطة حتى تجد المناطق المحررة  نفسها في حضن صنعاء الحوثية اولا.

مازال الصراع قائم في الخليط الرئاسي للشرعية ممثلا بمجلس القيادة الرئاسي، وكثير من أطرافه مازال يعتقد ان الحرب ستستمر ، ويتموضع كل قائد في ما يراه انها مملكته وينتظر ان يكون الحاكم لان التحالف لن يترك اليمن مطلقا ، في مخيلتهم القاصرة معنى ذلك نهاية .......، .....لم تنتهي وكثير من الأعداء اليوم يرقصون بالقرب من حدودها  ، حتى حدها الجنوبي من اليمن لا خوف عليه  ، يمكن ببساطة القول ان  .... وصلت الى إنهاء كثير من البلدان التي شكلت وفق منظورها الأمني والقومي  خطر وجودي عليه وذلك  عبر زجهم في صراعات وحروب داخلية لا منتهية وسقوط اقتصادي وعلمي وانتكاسات مخيفة مدمرة لشباب هذه البلدان عبر ادمان المخدرات والاصطفاف الطائفي وهو نتاج طبيعي للحرب . 
صراع الحوثيين لقطم كل اليمن والجنوب يسير بتناسق تام عبر ضرب عمق السعودية والإمارات وتهديد الممرات المائية ورسم صورة خارجية بدأت تميل  لصالحهم ان مجموعة الشرعية عاجزه عن إنهاء الصراع لصالحها رغم الدعم العسكري والاقتصادي والقرارات الإقليمية والاممية وانها مجموعة تلو مجموعة مغموسة بمجملها في صراعات بينية واجندات وفساد ونهب ودسائس ، وزير دفاع الحوثيين محمد ناصر العطيفي اعلن قبل أيام ان مجلس القيادة الرئاسي للشرعية هو الورقة الأخيرة للتحالف وان ما يتمنونه لن يتحقق وسيكونون هم الهدف الأول ، والقادم عليهم اكثر وجعا مما مضى ، وعسكريا اكد انهم اعدوا العدة المطلوبة للبناء العسكري النوعي والتحديث والتطوير للوسائل والاساليب العسكرية والصناعية والتكتيكية المتكاملة . 
 

تم فتح مطار صنعاء وحلق جواز صنعاء معترف به في مسار الرحلات الخارجية وكذا في البلدان التي فتحت أراضيها لهم ، وتدفق الغاز والبترول عبر ميناء الحديدة الى مناطق سيطرتهم وانتعشت إيرادات الحوثيين ، والمبعوث الاممي يتحرك خلفهم من عمان الى سلطنة عمان الى صنعاء يرسموا سويا الحل المستدام لان عودة الحرب غير متوقعة النتائج والمسالك ، الحوثيين يضعون مخارجهم لنهاية الحرب ويلوحون بالقوة العسكرية وبحرب لا عودة عنها في ظل خارطة عالمية من الحروب المخيفة ، وفي الاتجاه الآخر هناك ضعف ملحوظ في قوة المجلس الرئاسي العسكرية والسياسية وفي قدرته على إدارة المعركة مع الحوثيين منفردا وصول للحكم والاستقرار .