عبدالباري طاهر
شايف الحسيني باحث مهم و قلم رصين و رحالة مدهش غزير الانتاج . دؤب مثابر مجتهد و جاد . له العديد من الاصدارات و الدراسات و الابحاث .
شق طريقه الى المعرفة بمعاناة و مكابدة قل نظيرهما .
رحل من قريته النائية حوره . مديرية " السدة " الى تعز في العاشرة من العمر يتيماً .
واصل الدراسة الابتدائية زمن المتوكلية اليمنية . شارك في المظاهرات المبشرة
و المؤشرة لثورة ال ٢٦ من سبتمبر ١٩٦٢ .
درس الجامعة في الجزائر كتب عن دراسته و رحلته اليها . و عن رحلته الى الصين و عن العولمة و رسائل لابنائه . و اذكر انه في مطلع ثمانينات القرن الماضي اطلعني على مبحث له . عن القبيلة في المنطقة العربية . قراءة واقعية و عميقة عن الحكم العربي . و عصبياته الميتة و المميتة .
و اكدت الاحداث صدق قرائته لطبيعة هذه السلط .
استمعت بقراءة كتابه " رحلة الى المغرب الاقصى "
الكتاب المتوسط الحجم في ٤٧٠ صفحة يدرس رحلته الى المغرب .
و لهذه الرحلة قصة تشهد و تدلل على مدى حب الحسيني للمعرفة و البحث و للمغرب . و مدى فساد و قسوة النظام هناك .
ابان دراسته في الجزائر سبعينات القرن الماضي زار المغرب كانت الزيارة قصيرة و محصورة
فظل على تواصل مع المغرب في قرآءة تاريخها و دراسة اوضاعها الشاملة و ما كتب عنها و نضالات شعبها في مواجهة الرومان و البرتغال . و الاسبان و الفرنسيين و صراعات و تكون الدول المتعاقبة فيها . ابتداء من الغزو الروماني ثم الفتح الاسلامي .
مروراً بنشأة دولها المرابطون و الموحدون و المرانيون و السعديون و العلويون و بني وطاس .
كما درس عميقاً محنة علمائها و مثقفيها و معاناة و عذابات علمائها و احراق كتبهم بل احراقهم كما حصل للسان الدين ابن الخطيب .
الرحلة القصيرة الاولى حاول بشتى الوسائل تكرارها لاستكمال قرآءة وطنه القومي " المغرب " الذي تعشقه و هو في الابتدائي من خلال المحفوظات و الأناشيد و السينماء و فيما بعد الكتب و الصحافة . قدم الطلب تلو الطلب للحصول على التأشيرة . و ذهب الى القاهرة حيث لا توجد سفارة للمغرب في اليمن و تردد مرات عديدة و على السفارة و اهداهم ما كتبه عن المغرب دون جدوى يشرح الباحث الرحلة القصيرة في ثنايا الكتاب و لكنه يعوض الرحلة برحلة منامية يمزجها بالرحلة الواقعية و بقراءة ضافية و عميقة لتاريخ هذا البلد الذي احبه صادقاً . و قرأ ما كتب عنه . و كتابات علمائه و ادبائه و مفكرية : ابن رشد و ابن حزم . و لسان الدين ابن الخطيب و احمد المقري صاحب نفح الطيب و ابن خلدون . و عبدالله العروي و بن سالم حميش و عشرات غيرهم .
الكتاب المهم رحلة تاريخية و فكرية و ادبية و سياسية و اجتماعية اكثر من رحلة سياحية . و ان كانت البصمات السياحية حاضرة .
الحسيني كمثقف و باحث واسع الاطلاع محب لامته العربية و للمعرفة كاره للطغيان و الفساد في الارض . اتمنى ان يتمكن من استكمال مبحثه القديم في العصبيات القبلية في راس الحكم العربي . و التي دمرت الكيان العربي و مزقت النسيج المجتمعي على مستوى الامة . و داخل كل قطر على حدة .
الكتاب المهم سياحة علمية للزمان و المكان في المغرب . قراءة لمدنها و لتاريخ مدنها . و لقراها و انهارها و قبائلها و لتنوع اعراقها . و للجذور اليمنية في العديد من مناطقها . كما يقرأ كفاح المغرب دفاعاً عن السيادة و الاستقلال . و يدرس صعود انظمتها الوطنية و سقوطها . وسوسة الصراعات القبائلية التي كان لها ابلغ الاثر في تصدع و سقوط هذه الانظمة بايجابياتها و سلبياتها .
كما يدرس الصراع ضد الغزاة و بسالة ابناء المغرب في مواجهة الحملات الصليبية التي و ان ارتدت لبوس التبشير الديني الا ان المطامع الاستعمارية و نهب الثروات و حتى الانتقام كان هو الاساس . و قرائته للاندلس و صراعاتها غاية في الاهمية .