آخر تحديث :الجمعة-29 مارس 2024-03:06ص

اليمن الجديد1 (ثقافة الشمال السياسية)

الأحد - 22 مايو 2022 - الساعة 06:44 م

عبد السلام بن عاطف جابر
بقلم: عبد السلام بن عاطف جابر
- ارشيف الكاتب


يحل  علينا عيد  الوحدة اليمنية  الثاني والثلاثون اليوم بعد انضمام المؤتمر  الشعبي العام  إلى باقي الأحزاب اليمنية  في حكم الجنوب.. أما الشمال  فيحكمه الحوثي لاشريك له.. وينسب هذا النجاح للمجلس الانتقالي. ومكنته الإعلامية التي  أقنعت الشعب الجنوبي أن  إعادتهم تكتيك  نضالي  من أجل الاستقلال.. وهذا يدفعنا للحديث عن منعطفات  في تاريخ الوحدة؛ لعل القوم يفيقون من الاستحمار الذاتي قبل فوات الآوان.

 

مافعله الانتقالي  نفس مافعله  عبدالفتاح ورفاقه في 1979؛ شاركوهم  حكم الجنوب وأعطوهم الأغلبية، وأعطوهم الأسلحة لتحرير الشمال، بمافيها صورايخ اشترط السوفيت  بيعها أو منحها.!!  كانت محاور القتال؛ مأرب، صنعاء، المناطق الوسطى وتعز..!! ولم يقاتلوا ولم ينتفض الشمال كما زعموا، وأعطوا صواريخ سام لصنعاء.. وتورط الجنوب -جيش ومليشيا شعبية- بالقتال  لتحريرهم.!!

 

قبل 13 سنة  تناولت نفس الموضوع  في بحث طويل نشرته في عدة مقالات.. وخلصت السردية  إلى أن الشماليين هم من دمر الوحدة وصنع الانفصال.. وهذا المقال سيذكر بمافعلوه.. كان أحد عناوين  مقالات تلك الفترة (الوحدة محمية بغباء الرفاق الجنوبيين والانفصال يحققه طغيان صنعاء) والذي يقرأ التاريخ السياسي لنظام صنعاء  بعد 1994 سيجد صواب ذلك التحليل.

 

أصبحت  الغلبة والقوة  دستور الدولة.. والجنوب  غنيمة  حرب لهم؛ ينهبون ويبيعون أرضه وموارده كمايشاءون..  يتنازلون عن حدوده لمن يشاءون. ويصدرون  القوانين التي تشرعن  لهم ذلك. ودستور الوحدة الذي كتبوه بأنفسهم؛ خالفوه.

 

وأصلوا الاستعمار بمسمى الوحدة تأصيل  ديني.. بفتاوى (الوحدة اليمنية أصل من أصول الدين.. والخارج على أصل من أصول الدين في حكم الكافر) يعني مهدور الدم  والمال  والعرض.!! وتأصيل  قومي  تاريخي.. ومن يرفض  الوحدة يعاقب  بالقتل.!! على قاعدة (عاد الفرع -الجنوب- إلى الأصل؛ بعد انفصال مئات السنين) وأصبح  شعار الدولة (الوحدة أوالموت)

 

كل هدا الاحتيال السياسي ليس هدفه حماية الوحدة؛ بل حماية مصالح شخصية  للقيادة السياسية  والقبلية  والعسكرية لدولة وحدة 94، ومن يعمل  معهم  من الشماليين  والجنوبيين.. رفضوا كل نصائح العرب والعجم، ورفضوا توصيات اللجان التي كلفوها بدراسة الوضع في الجنوب؛ تقرير باصرة-هلال على سبيل المثال. 

 

ولأن  هذه حقيقتهم "مرتزقة مصالح شخصية" تصارعوا وانقسموا انقسامات عمودية وأفقية؛  صراع توريث الرئاسة منذ 2000.. صراع مع الأصولية الزيدية ممثلة بجماعة الحوثي منذ 2004.. الانقسام الكبير بثورة التغيير 2011 .. صراع رفض الدولة الاتحادية وانقلاب 2014.. حتى أغرقوا اليمن بالحرب الشاملة منذ 2015. 

 

بهذه الثقافة  دمروا مشروع الوحدة اليمنية، ودمروا اليمن..  ودفعوا الجنوبيين دفعاً للنضال من أجل التحرير والاستقلال.. حتى الذين قاتلوا معهم في 1994 اكتشفوا الحقيقة ؛ وأنضم بعضهم إلى التجمع الديمقراطي "تاج" بين 2005-2007. وآخرون كانوا من مؤسسي الحراك 2007، وآخرون انضموا في السنوات اللاحقة. ومنهم من كان يساند الحراك ويحميه من داخل أجهزة الدولة.

 

وجيل الوحدة وشباب ساحة التغيير-صنعاء غادروا إلى ساحات الاستقلال-عدن.. والسلفيون والفقهاء تأكد لهم أن الوحدة اليمنية وسيلة شيطانية لاستعمار واستعباد الجنوب، وأنها مخالفة للوحدة التي يحض عليها الإسلام . . . ونفس الأسباب دفعت كل فئات المجتمع الجنوبي لتبني الاستقلال.

 

حتى فرض الانفصال على الأرض لم يسمحوا للجنوبيين فرضه؛ فهم من أقام  دولة في الشمال تتبع إيران، وأخرى في الجنوب توالي الأشقاء العرب.. وإذا استمروا بنفس الثقافة والأداء؛ فظهور دولة في تهامة ودولة في اليمن الأسفل احتمال وارد، وحينها على الجنوبيين دعمها بكل الوسائل.

 

وللحديث بقية