آخر تحديث :الجمعة-29 مارس 2024-04:36ص

أزمات وفرص

السبت - 14 مايو 2022 - الساعة 06:31 م

مصطفى ناجي
بقلم: مصطفى ناجي
- ارشيف الكاتب


 

سيواجه العالم ثلاث أزمات كبيرة فيها من التداخل الكبير. وهي بمثابة تحد غير بسيط لاتساع نطاقها وخطورة مجالاتها.

اولا، خطر وشيك يتمثل باتساع نطاق الحرب في اوكرانيا بسبب إصرار #روسيا على اخضاع اوكرانيا وتمزيقها مقابل اصرار الغرب (بريطانيا والولايات المتحدة الامريكية) على تركيع روسيا وتعريفها حجمها وربما انتزاع مكانتها التي ورثتها عن الإتحاد السوفيتي كأحد أركان النظام الدولي.

تدرك روسيا هذا الخطر وتلوّح مراراً باستخدام السلاح النووي. مع مجريات الحرب في اوكرانيا وتعثر الحملة العسكرية الروسية الضخمة في تحقيق هدف مباغت، بات استخدام سلاح نووي في الحرب وشيكاً أكثر مما سبق منذ العالمية الثانية. تدفق السلاح الغربي والامكانيات التقنية عالية الدقة إلى اوكرنيا يوضح انخراط الغرب في هذه الحرب. وجنون بوتين لا حدود له.

لذا، فإن تداعيات هذه الحرب لن تقتصر على الحدود الروسية الاوكرانية بل ستمتد نحو نطاقات أوسع. واذا لم تستخدم اسلحة نووية فأن سلاحاً حديثاً سيوظف وكذلك من يدور في فلك روسيا سيعاد تقليمه؛ ربما يصل الأمر إلى سوريا على الأقل وينهار الوضع مجدداً. برأي البسيط ، كل عناصر استئناف الحرب قائمة في سوريا. مع انتشار فيديوهات لجرائم بشعة يعاد تذكير الناس بالاسد وهذا يقلص التعاطف معه اقلميا ودوليا على اسس براجماتية.

ووقد يكون كذلك ليبيا. روسيا غير قادرة على الانشغال بالحلفاء لوجود حرب على اطرافها وهذه فرصة ايران لتكسب. بالمقابل، ستفضل الصين السكينة حرصا على مكاسبها الاقتصادية.

الخطر الثاني، وهو خطر مرتبط بهذه الحرب ويترجم على شكل هلع وتسابق على السلع الأساسية كالقمح وزيت الطبخ. سترتفع اسعار هذه السلع وسيتعرض العالم الثالث الى مخاطر أكبر في الأمن الغذائي.

الدول الأكثر عرضة هي في افريقيا في المقام الأول لهشاشة الانظمة والامن الغذائي، لكن الهند ايضا ليست ببعيدة عن أزمة غذاء بسبب تغييرات مناخية. من يراجع صور تقديرات ارتفاع الحرارة في هذا الصيف سيعرف ما الذي تنتظره شبه القارة الهندية. والنتيجة هي نقص حاد في الغذاء . دخل العالم مرحلة تضخم بعد كورونا وستضاعف هذه الازمة من الغلاء. الفقراء (دول او افراد في دول غنية) اسرع الى التضرر من غيرهم. وبالطبع سينتج عنهما اضطربات سياسية واجتماعية داخلية.

الازمة الثالثة وهي قادمة من الصين بسبب عودة موجة كورونا واغلاق جزئي أو كلي لمدن صناعية ومراكز تجارة عملاقة كـ شنغهاي. في المرات السابقة تعطلت المصانع وتراجع الامداد بالمواد ثم تعطلت سلاسل التوريد. الان سيتكرر الامر مع زيادة في اسعار الوقود وتكاليف الشحن. النمو العالمي الذي تحقق خصوصاً في الشرق الآسيوي هش للغاية. وحقيقة ان الصين مصنع العالم لم تعد بديهية. بل ان هناك هجرة معاكسة للمصانع التي كانت تختار اقصى الشرق.

لكن هذه الازمات القبيحة تفتح باب الفرص للبعض.

بخصوص زيت الطبخ تتضاعف الازمة بسبب ايقاف اندونوسيا تصدير زيت النخيل لتلبية طلب داخلي. هذه الازمات على كارثيتها تفتح املا في تغيير مراكز الثقل السياسي والاقتصادي.

من ناحية، اذا نجت اوروبا من هذه الحرب فإن امامها امل ان تعود كمركز اقتصادي انتاجي عالمي اكبر خصوصا في القمح والزيت ولكن في التصنيع على حساب الصين. من ناحية اخرى، لدى افريقيا ايضا فرصة ان تحصل على نصيب اكبر من الانتاج الزراعي لتعويض النقص في الزيت وسلع اخرى انما تعوزها الاموال وقد يتحقق ذلك ولكن بأموال من الدول الصاعدة (تركيا، السعودية، الامارات ، قطر…).

على صعيد استرتيجي، اذا استطاعت امريكا اخضاع روسيا فإنها ستجدد من عمر هيمنتها خمسين إلى مائة سنة قادمة.