آخر تحديث :الخميس-18 أبريل 2024-11:57ص

صُنّاع الفرحة الحياتية

الأربعاء - 11 مايو 2022 - الساعة 06:36 م

محمد أحمد بالفخر
بقلم: محمد أحمد بالفخر
- ارشيف الكاتب


     في الوقت الذي تعيش فيه البلاد عامها الثامن من أزمتها وبعد أن استكملت السبع العجاف من السنين الغابرة وعلى أمل أن تتبعها سبعاً تتفتح فيها السنابل الخضر وتعود اشراقة الأمل للشعب المكلوم فما زلنا في بداية العام الثامن ربما تتغير فيه الأحوال وتنقلب الموازين ويبدل الله من حالٍ الى حال. وإلاّ فقد بلغ السيل الزُبى وبلغت القلوب الحناجر لدى غالبية المواطنين ولم يستفد من الوضع في السبع السنوات الماضية سوى نسبة بسيطة جداً تتمثل في تجار الحروب وعدد من أصحاب رؤوس الأموال وكذلك الساسة والقادة والمقربون لهم جميعهم،

فقد كان الوضع الذي وصلت اليه البلد بالنسبة لهم برداً وسلاماً ونعيماً وثراءً وتمكيناً ورفاهيةً، 

وإذا نظرنا لحال الأغلبية الساحقة نجد أن الكثير قد تجاوزوا نسبة خط الفقر بكثير،

 فمن وجد وجبةً في اليوم فيُعَدُ في خير ونعمة، وتأتي المناسبات على كثير من الأسر كالأعياد على سبيل المثال يتمنون أن لو أنها تأخرت أو لم تكن عيداً من أساسها لضيق ذات اليد لدى رب الأسرة فكيف به وهو ينظر الى حال أطفاله وهم منتظرون أن يَدخُلَ عليهم وقد أحضر لهم كسوة العيد، إضافة الى احتياجاتهم اليومية، فهم لا يريدون شيئاً من الماركات العالمية كأبناء الذوات وأبناء المسؤولين ولا يريدون أن يقضوا أيام العيد في القاهرة او عمّان او إسطنبول او بعض العواصم الأوروبية فقط يبحثون عن كسوة عيد بأرخص الأسعار يفرحون بها، 

هذا هو الحال الذي وصل اليه معظم أبناء اليمن ولا تُستَثنى حضرموت عن بقية المناطق وهي المحافظة المنتجة والمصدرة للنفط وذات الإيرادات المليونية من جماركها كما قال محافظها ذات يومٍ في تصريحٍ نقلته احدى القنوات الفضائية الشهيرة، لكن نسبة الفقر فيها ايضاً في ازدياد،

ولم يرَ المواطن في حضرموت آثار هذه الخيرات والايرادات على حياته العامة والخاصة بل يسمع عن نتائجها في كبريات البنوك والمدن العالمية،

ولكن يبقى الأمل متجدداً بغدٍ أفضل وخاصةً عندما ترى مجموعات شبابية طوعية تحاول صناعة الفرحة الحياتية بقدر المستطاع لكثير من هذه الأسر الفقيرة التي وصل بها الحال الى ما وصل اليه، 

نعم مجموعات طوعية شبابية في مقتبل العمر استشعروا الحالة التي وصل اليها الكثير من أهلهم فلهذا انطلقوا بجهودهم الذاتية منذ ثلاث سنوات مضت حققوا فيها نجاحات طيبة مما جعلهم يقدمون نتيجة مضاعفة هذا العام،

دخل شهر رمضان المنصرم وكلما سألت عن ابني عزّام قيل لي أنه مشغول مع مجموعة من الشباب في عمل طوعي يحاولون من خلاله توفير عشرين الف قطعة من الملابس الجديدة او المستخدمة التي تمت إعادة تأهيلها ليقدموها لأسر فقيرة تقطعت بهم السبل وازدادت حاجتهم لأن تُمدُ اليهم يدُ المساعدة، ولهذا تم تسمية الحملة (إدخال السرور على قلوبهم) وبالفعل تعاونت معهم بعض الجهات لتنفيذ هذا المشروع وتم تخصيص قاعة اتحاد الأدباء والكتاب لتكون صالة عرض وتم تجهيزها لهذا الغرض وكأنها مول تجاري راقي تم افتتاحه في العشر الأواخر من رمضان وتم توزيع بطاقات للأسر الفقيرة الى منازلها فتأتي الأسرة تختار ما يناسبها وفق حاجتها فتمّ توزيع 10298 كسوة،

عمل بسيط في ظاهرِهِ يشترك فيه 40 شاباً وشابة على مدى شهرٍ كامل ولأكثر من 190ساعة عمل فعلية وفي ظل مصاعب متعددة ودون أن يتقاضى أحدهم ريالاً واحداً يصنعون فرحة حياتية لعدد كبير من المحتاجين ويدخلون السرور على قلوبهم دون منٍ ولا أذى، هذا عمل يستحق منا كأفراد وكمجتمع الإشادة والتشجيع، وبمثل هكذا شباب يحملون همّ غيرهم ويتلمسون حاجة الفقير ترتقي المجتمعات بالتكافل فيما بينها، وحريٌ بالتجار ورجال الأعمال والمسؤولين دعم هذه المبادرات لتصل لأكبر شريحة من المحتاجين التي لا تصل اليها مؤسساتهم وموظفيهم ذوي المكاتب الوثيرة والسيارات الفارهة، ولعلّ ما تقدمه هذه المبادرات تسدُّ ولو مساحةً ضئيلة جداً من الفراغ الكبير الذي خلفه إهمال الدولة لمواطنيها، 

ولعلّ هذه المبادرات تكون دليلاً لبقية الشباب ليصنعوا واقعاً آخر بعد أن تعمّد من امتلأت أرصدتهم إذلال الشعب المقهور وزيادة معاناته.