آخر تحديث :الجمعة-29 مارس 2024-02:20م

التدخل المشروع في اليمن

الثلاثاء - 10 مايو 2022 - الساعة 10:59 م

عبد السلام بن عاطف جابر
بقلم: عبد السلام بن عاطف جابر
- ارشيف الكاتب


 

تحدث المقال السابق -اتفاق اليمن انجاز خليجي- عن صواب تغيير هيكل السلطة اليمنية والرئاسة، ومايترتب عليها من تغييرات قادمة.. سواءً كانت التغييرات قرار يمني خالص، أو نتاج مشروع كبير صنعه مجلس التعاون أو السعودية.. وبالمقابل ظهرت أصوات يمنية شمالية ترفضه باعتباره مشروع سعودي.. وللرد عليهم بهذا المقال اختتم المقال السابق  بسؤال؛ هل وضع اليمن يجيز للأشقاء هذا التدخل.؟

في الواقع؛ هؤلاء لا يدافعون  عن مصالح اليمن وسيادته (كما يقولون)، بل دفاعاً  عن مصالحهم.. فهذه العقلية الانتهازية متجذرة منذ عقود، والتاريخ السياسي يذكر أنهم من شرعن تدخل الدول، وباعوا السيادة  لمن يملأ جيوبهم.. ومارسوا سياسة الابتزاز مع الدول الجارة منذ عقود . . . فالسعودية مثلاً ؛ يسمونها الشقيقة الكبرى عندما تغدق عليهم بالعطايا،  وتدعم تسلطهم على اليمن، وإذا توقفت يصنفونها بالعدو الاستراتيجي، والمحاضرة المسربة لنائب الرئيس السابق شاهد على ذلك.

لقد حدد علم السياسة  ومواثيق العلاقات الدولية شروط احترام سيادة الدول بأن تكون مستقرة، ولاتمثل خطر على جيرانها، ولا على دول العالم . . . وهؤلاء أفقروا اليمن خلال العقود الماضية، وزعزعوا استقراره.. وأغرقوه بالحروب، ومزقوه إلى كانتونات تتبع إيران وغيرها للإضرار بالدول الجارة.. وحولوا موقعه الجيوستراتيجي من نعمة إلى نقمة على الشعب.. وتهديد للتجارة العالمية ونقل الطاقة التي تمر قبالة سواحله التي تتجاوز 1500 كيلومتر.

وميثاق الأمم المتحدة خصص  "الفصل الثاني عشر" لأي دولة بهذه الحالة؛ يشرعن التدخل ويضعها تحت الوصاية . . . والسعودية تستطيع استصدار القرار بسهولة. لأن الصراع الدولي بين روسيا-الصين من طرف وأمريكا-أوروبا من طرف آخر، ؛ جعل السعودية الدولة القادرة على ترجيح كفة الطرف المنتصر. وبالتالي فدول مجلس الأمن لن ترفض لها طلباً، حتى لو بقيت على الحياد.

و حتى القرار الرسمي للسلطة اليمنية  التي كانوا أعمدتها شرعنت التدخل؛ عندما طلبت تدخل الأشقاء عسكرياً في 2015 .. وعندما أعتمدوا استراتيجية توأمة المواقف السياسية بين اليمن والسعودية، خلال السنوات الماضية؛ كالمواقف من تركيا ولبنان وقطر والصراع في أوروبا. . . بل تجاوزوا التوأمة السياسية إلى ما أسماه -رئيس مجلس النواب- البركاني "اليمن الحديقة الخلفية للسعودية".

لم يفعلوا ذلك من باب العروبية والثقة بالأشقاء.. بل تزلف واحتيال يدفع الأشقاء إلى إخضاع الجنوبيين لهم، وتعزيز سيطرتهم على المحافظات -الجنوبية- المحررة.. وقتال الانقلابيين في صنعاء حتى يعود الشمال تحت حكمهم..

لكن مخرجات مشروع الرّياض كانت لصالح الشعب اليمني، وضد مصالحهم. أسقطت سلطتهم الفاسدة، ووضعتهم أمام تحدي الفرصة الأخيرة، للعمل بشرف والخروج من مربع الهزيمة التي تسببوا بها منذ 2015. ولذلك أطلقوا أتباعهم وذبابهم الالكتروني ضد المشروع، ووسموه بقرارات الاحتلال السعودي الإماراتي.. بهدف الضغط على الأشقاء لتغيير سيرورة المشروع في مراحله القادمة لصالحهم.

ختاماً ؛ إن تدخل الأشقاء شرعي؛ تبرره الأسباب التي ذكرها المقال، والتي لم يذكرها . . .  وأعظم سبَب يشرعنه هو إرادة الشعب اليمني الذي رحب به؛ آملاً ومترجياً إنقاذه من الهلاك بسبب صراعهم على السلطة. وخيانتهم الأمانة؛ إلى درجة إفشال أي توافق على مشروع وطني. .!! وهذا الذي أرغم الأشقاء على التدخل، ولو لم يتدخلوا اليوم لإنقاذ اليمن؛ لتدخل غيرهم لنهبه وهلاك شعبه.

وللحديث بقية
عبدالسلام بن عاطف جابر