آخر تحديث :الخميس-25 أبريل 2024-07:42م

وترجل با مؤمن خبير وزارة التربية والتعليم

الأربعاء - 04 مايو 2022 - الساعة 12:58 م

حسن علوي الكاف
بقلم: حسن علوي الكاف
- ارشيف الكاتب


ودعت مدينة تريم في العشر الأواخر من الشهر الكريم ابنها البار التربوي القدير الأستاذ كرامة مبارك سليمان بامؤمن تلك الشخصية الوطنية التربوية المعروفه على مستوى الجمهورية ويعتبر من ضمن الأوائل التربويين في بلادنا وحضرموت حيث تلقى تعليمه الأولي في كتاتيب مدينة تريم ونظراً لثقافته وتفوقه الدراسي بعثه رجل الخير والإحسان السيد محضار بن علوي الكاف للدراسة في الجمهورية العربية السورية عام 1947م مع مجموعة من المتفوقيين من أبناء تريم الذين يدرسون في جمعية الأخوه والمعاونه واظهروا تفوقا علميا في المجال الدراسي منهم الباحث علي عقيل بن يحيى والأستاذ محمد بن عمر الكاف الذي أصبح محامياً وقياديا يشهد له الكثير داخل الوطن وخارجه ذهبوا وهم في مقتبل العمر وزهوره لتطوير معارفهم في المجال العلمي وكانوا كوادر أفادت البلاد في المجال الاقتصادي والاجتماعي والسياسي رحمهم الله جميعاً ورحم الله من بعثهم للدراسة . 
عاد الأستاذ بامومن إلى أرض الوطن في بداية ستينيات القرن الماضي بعد إكمال مرحلة درجة البكالوريوس في سوريا متسلحا بالعلم والمعرفة وأصبح المجتمع الحضرمي أكثر تنويرا عن ذي قبل وفي العام الدراسي الأول لثانوية المكلا 1962م/1963م تولى الأستاذ كرامه سليمان أول مدير لثانوية المكلا وكان إداريا واستاذا لمادتي العلوم والاجتماعات فيما تولى الأستاذ عبدالحافظ عبدالرب الحوثري مسؤولية النشاطات والقسم الداخلي وتدريس مادتي الرياضيات واللغة الإنجليزية كونهما كادرين جامعيين كما تولى الأستاذ عبدالله باعنقود مادتي اللغة العربية والتربية الإسلامية وهناك أساتذة من السودان الشقيق؛ كما كان له اهتمام في العمل الصحفي من خلال كتاباته في الصحف المحلية بالمكلا بعدها تبوأ عدة مناصب في وزارة التربية والتعليم حتى عين نائب وزير التربية والتعليم في جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية ووكيلا بدرجة نائب وزير في حكومة الجمهورية اليمنية و لكونه متمكنا تؤكل له حضور كثير من الدورات و المؤتمرات والندوات عن التربية والتعليم ممثلاً عن بلادنا في عدة دول عربية وأجنبية لما يملكه من خبرة ومعرفة في العمل التربوي والتعليمي. 
تعرفت على هذه الهامة التربوية والتعليمية في العاصمة صنعاء في عام 1992م عندما كان يسكن في منطقة الصافية بالقرب من سوق عنس بصنعاء في عمارة مكونه من ثلاثة أدوار يقطنها مجموعة من الكوادر الوطنية الحضرمية التي تم أخذها للعاصمة صنعاء مع بداية الوحدة اليمنية كنت أشاهده رحمه الله بسيارته الكرسيدا موديل 90 التي صرفت للكوادر الجنوبية في تلك الفترة وكان يذهب بها لعمله مبكراً رجل متواضع هادي الطباع صاحب مخزون فكري وعلمي فضيع أما في العصريات يلبس لبسه الحضرمي الذي يفتخر به مع لبس فوقه الكوت بحكم بردوة الجوء في صنعاء فسألت أحد الإخوان عنه قال إنه كرامه سليمان من تريم مسؤولا في وزارة التربية والتعليم حقيقة زادني فخراً بأن هذا الكادر من حضرموت و مدينتنا تريم قيادياً في وزارة التربية والتعليم وكان بيننا السلام الدائم ومع بداية الأزمة السياسية عام 1993م تحولنا من منطقة الصافية إلى منطقة الغربية بالعاصمة وحينها ازدادت الأزمة السياسية بين الفرقاء السياسيين حتى وقعت حرب صيف عام 1994م المشؤمة ولم نعد نشاهده أو نسمع عنه شيء بالعاصمة صنعاء بسبب مغادرته صنعاء بعد التهميش المتعمد للكوادر الوطنية الجنوبية بعد هذا التهميش عاد إلى مسقط الراس تريم و هناك تقدم للانتخابات المجلس المحلي بالمديرية مستقلا و نتيجة لمعرفة الكثير به ولما يتمتع به فكر ورقي وخبرة إدارية إستطاع أن يفوز بإحدى حصص المجلس بمديرية تريم واصبح عضواً بالمجلس المحلي بالمديرية وكونه لا يحب المجاملات ولا التملق استقال من المجلس المحلي ليبقى شريفاً بعيداً عن النفاق والكذب نادراً تجد مثلهم اليوم في مؤسسات الدولة إلا من رحم ربي؛  
بعد عودتنا من صنعاء بسبب الحرب 2015م وفي هذه السنوات العجاف التي عاش شعبنا اليمني العظيم ولازال يعيش مساوئها سألني شخص عزيز عن مؤلف كتاب التربية والتعليم في الشطر الجنوبي من اليمن للمؤلف الأستاذ كرامة سليمان با مؤمن وهو من أبناء تريم؛  بعدها تذكرته جيداً فسألت أحد الزملاء في تريم عن بيته فوصف لي بيته ( في منطقة عيديد بالقرب من مسجد النور باتحصله جالس في بيته ) بفضل الله قمت بزيارته في منزله قبل عامين بعد الساعة الخامسة عصرا في أحد الأيام و عند وصولي للمنزل وجدت طفلين في سن 10 أعوام يتمتعان بكل أدب وأخلاق وكما يبدو انهما من أحفاده فقالا تفضل أدخل وتوجهت إلى تلك الغرفة وجدته مسترخياً على سريره ويستمع للمذياع وبعدها جلس على السرير وعرفته عن نفسي وتحدثنا معا عن كتابه التربية والتعليم في الشطر الجنوبي من اليمن واهداني الجزأين من الكتاب الجزء الأول التربية والتعليم في الشطر الجنوبي من اليمن للفترة من عام 1930م إلى عام 1970م ويحتوي على 444 صفحة والجزء الثاني من عام 1970م إلى عام 1990م ويحتوي على 321 صفحة وهي من إصدار مركز الدراسات والبحوث صنعاء عام 1990م كتاب وثائقي قيم بعدها قال لي أذهب إلى عند الدولاب المقابل وافتح هناك عدة كتب منها كتاب ( بسقة الخريف ) واهداني إياه أيضا وكان متواضعا ودودا وحدثته بأن هناك مجموعة من التربويين من مدينة المكلا يبلغونك السلام وهم يتمنون زيارتك ونتيجة لظرفه الصحي وكبر سنه وبلوغه العقد التاسع من العمر أو يزيد وعند قرب موعد أذان صلاة المغرب لم أطل الحديث معه كثيرا وبعد سنة تقريباً قام مجموعة من التربويين القدماء من المكلا بزيارته إلى منزله بتريم تقديراً واحتراماً لتاريخه التربوي الكبير الذي قدمه طوال عقود كثيرة وللأسف الشديد أننا مقصرون بحقه فهو شخصية يستحق أن يعمل له عدة حلقات وثائقية فقد عاش عدة حقب تاريخية وفي مجال التربية والتعليم و يعد واحداً من خبرائها ولكن بلدنا لم تستفد من قدراته وخبراته العلمية والعملية ولم يعد أحد يسأل عنه وتم استبدال كثير من الكوادر الوطنية أصحاب الكفاءات وتسريحها من أعمالها وتعيين أقل مستوى وأقل خبرة والحصيلة التراجع الكبير الذي شهدته مؤسسات الدولة ومن ضمنها قطاع التربية والتعليم ذلك القطاع الحيوي المهم ؛ خلد الأستاذ كرامه تاريخاً مشرفاً يظهر ذلك جليا في كتبه التي ألفها وكتاباته وأراه النيرة وعلينا جميعاً تقع مسؤولية كبيرة بأن نسعى في طباعة كتبه التي لم تطبع وإعادة كتبه القيمة بحلة جديدة كرد للجميل الذي قدمه للوطن وهذا أقل تقدير؛ عند سماع خبر نبأ وفاته خيم الحزن على الكثير من أبناء حضرموت ومدينة تريم بفقدان هامة تربوية وتاريخية كان لها الأثر الكبير في تطوير المناهج التعليمية في الجمهورية كان همه نهضة التعليم والتطوير العلمي ونال التعليم نصيباً طيباً في عهدهم ؛ اختاره الله أن يكون بجواره في العشر الأواخر من الشهر الكريم فهبت الجموع الغفيرة من مختلف الشرائح والفئات لتشييعه والصلاة على روحه الطاهرة بجبانة تريم نسأل الله العلي القدير أن يرحمه ويسكنه الفردوس الأعلى من الجنة وتعازينا لأولاده وأهله ولنا ومحبيه بهذا المصاب الجلل إنا لله وإنا إليه راجعون...