آخر تحديث :الأربعاء-01 مايو 2024-07:49م

الزبيدي .. صمتاً مدوياً وظهوراً مشرقاً

الجمعة - 15 أبريل 2022 - الساعة 11:22 م

نزيه مرياش
بقلم: نزيه مرياش
- ارشيف الكاتب


كلنا نعلم في الوقت الراهن أن صوت دوي السياسة يُعادل بل يفوق أصوات الأف من الفيالق المدججة بكامل عتادها الحربي، وأن مئات الألأف من الرصاص بكافة أنواعها لا تُحقق ماتحققة رصاصة صبر صامتة، حُدد هدفها بعين ثاقبة، ووجهت بدهاء ممزوج بخبرة وتم أختيار توقيت إطلاقها بحنكة سياسية تنبؤية، وأطلقتها أصبع خاطفة مضطجعة على زناد بندقية التي أُحتضنت من قبل عقول سياسية، تقراء مابين السطور وتتنبأ بالأحتياجات المستقبلية التي ستُحقق مصالح وأهداف شعبك . 
كلنا أيضاً يعلم أن لكل زمن رجل ولكل زمن قاهر، وهذا ما أثبته لنا بن هادي الذي قام بواجبه في القضاء على الجيش الذي أُسست أركانه بطوب القبيلة وخرسانة الدين السياسي، ليجعل الشمال والجنوب متساويين في كفة الميزان، ومن ثم يصرح بأن زمانه ومهمته قد أنتهت ويعلن عن تسليم السلطة وصلاحياته، ليبدأ زمن جديد يحمل على أكتافه قاهراً أخر لزمانه، الذي ورغم أنه عاش حياته مناضلاً ميدانياً ولكنه أثبت لنا جميعاً أن السياسة فطرة وموهبة ورؤية تنبؤية وصبر وليست دراسة وشهادة وتهور  .
فما نُشاهده هذه الأيام على وسائل الإعلام ووسائل التواصل الإجتماعي من طوابير حاشدة من شخصيات ومسؤولين شماليين يُزاحمون الجنوبيين، لصفاح ومباركة الزبيدي على تعينه في المجلس الرئاسي، ليذهل ويجفل العقول ويثبت لنا أنه رجل المرحلة، وأن صمته ماهو إلا قنبلة نووية مُزجت عناصرها بالحنكة السياسية والصبر الصامت الذان كانتا نتائجهما المستقبلية للجنوب تعادل القوة النووية، ولكن ليس في الهدم بل في البناء والتعمير وإعادة الروح لجسد الجنوب التواق لرجال أمثاله، يعرفون من أين تؤكل الكتف وكيف يفرضوا وجودهم في المشهد السياسي الحاضر والمستقبل ؟ . 
كيف لا نقول عنك رجل هذا الزمن ! وأنت أستطعت في رقم قياسي وبسرعة البرق، أن تنتقل من جبال الضالع _ لنضال ضد الحوثي البغيض _ إلى رمال عدن المتحركة _ التي أعجزتها بسياستك المرنة _  إلى سماء المطارات المحلية والأقليمية والدولية، لتصنع توازن راسخ ومستقبلي مر في عدة مراحل من تجهيز جيش جنوبي، ثم إدارة ذاتية ثم إتفاق الرياض ثم مشاورات الرياض وأخرها شريك أساسي وفعال ورسمي وشرعي في المجلس الرئاسي ، علماً أن هذا التوازن الذي أستطعت به أن تفرض أهدافك وتطلعاتك ومشروعك قد جذب الأطراف المحلية والأقليمية والدولية، حيث أن هذا التوازن بمراحله كان الوصفة السحرية المنتشية سياسياً، التي جعلت منك ومن سياستك خياراً فرض وأجب لا مفر منه في مشاورات الرياض ومستقبل اليمن الجديد بصيغة الأقاليم مصبوغ بالحبر سري تقرير المصير  .
فكلنا يعلم بسنة الزواج وأنه أسهل من الطلاق الذي يمر بمراحل العدة والمؤخر وحضانة الأطفال ... إلخ، ومن هُنا نؤمن بأن الوحدة ( الزواج ) تمت بسلاسة ورغبة جامحة ودون تعقل، لينتج الظلم والتهميش والتجهيل لأبناء الجنوب الذين جعلوا الطلاق من الوحدة حلم لايمكن الإستغناء عنه، هذا الحلم، المصبوغ بدماء الشهداء والجرحى الممزوج بصبر يحتضن المعاناة، قد بزغ نوره في مشاورات الرياض التي ضمنت، بالبنط العريض، لشعب الجنوبي الإستفتاء على حق تقرير المصير الذي سيُنسج شروقه بعد أربع سنوات، لتطمئن أرواحنا وأرواح شهداؤنا بأن دمائهم وأرواحهم لم تذهب سدى  .

كيف لا نقول انك رجل هذه المرحلة الحرجة والمفصلية، وأنت أستطعت بحنكتك السياسية الزئبقية وصمتك المدوي المسموع والمقبول لصانعي القرارات المحلية والإقليمية والدولية، من إنتزاع شرعية الجنوب بطريقة قانونية محلياً وأقليمياً ودولياً، وأستطعت أن تتربع على عرش مشاورات الرياض، وتفرض شخصك كلاعب أساسي الذي لم تُعيقه قرارات مجلس الأمن والأمم المتحدة والمبادرة الخليجية والحوار الوطني، من إظهار مهاراته ودهائه السياسي وحنكته العسكرية العالية لتفوز في خوض أشرس معركة سياسية في الرياض  . 
فلا يخفي على اليمنيين الصغير والكبير الجاهل والمثقف السياسي والغير سياسي، أن مجلس الأمن عبر قراراته التي وضعت اليمن تحت الوصايا الدولية، قد مثلت الكماشة التي إنتزاعت من بين أيدينا روح صلاحياتنا وقيدت جسد التحكم بحاضرنا ومستقبلنا، بل أنها جعلتنا نتوق ونتلهف لأي حل يفرضوه علينا لنُنهي معاناتنا الحياتية التي كانوا هم السبب في وجودها لينفذوا مصالحهم . ومن هذا المنطلق تلعب السياسة والساسة دور أساسي في مجاراة أمواج مجلس الأمن والأمم المتحدة ومن يتحكم بها وتتحكم به، حتى نفرض وجودنا في مخططهم المرسوم علينا وعلى أرضنا، ونكون لاعب مهم ومشاركاً في صناعة مستقبلنا، وهذا ما أثبته الزبيدي الذي أستطاع أن يُقنع القوى الإقليمية والدولية بدعمه ليصنع من العدم شيء، وذلك تم حين بناء جيش جنوبي كامل العتاد بقوام يفوق 20 لواء، وأيضاً إشراكه كرأس حربة في الحاضر المؤقت لليمن عبر مشاورات الرياض، ومقاسمة المشهد الرسمي والسلطة في أعلى هرم، ليساهم في صنع الرؤية المستقبلية ليمن جديد مختلف كُلياًّ عن اليمن القديم  .. 
فمن يريد أن ينقش عن فؤاده وعقله المياة البيضاء التي خلقها أعداؤنا فيما بيننا، ويشعر بقيمة المرحلة التي وصلنا لها كجنوبيين، فليعمل مقارنة بين وضع الجنوبيين في المراحل السابقة والمرحلة الحالية من ناحية مشاركتنا في السلطة وأمتلاكنا قوات جنوبية ورضى أقليمي ودولي علينا، فهذه المرحلة الحالية قد خلقها الزبيدي كشيء من العدم  . 
ومن أستطاع أن يخلق من العدم شيء فأنه قادر على أن يخلق من شيء معجزة  .
رفعت الجلسة  ........