آخر تحديث :الخميس-02 مايو 2024-02:54ص

الرياض تحاور نفسها

الجمعة - 01 أبريل 2022 - الساعة 10:36 م

سعيد النخعي
بقلم: سعيد النخعي
- ارشيف الكاتب


مشاورات الرياض ليس إلا حالة واحدة من حالات التيه السياسي،والتخبط العسكري التي رافقت تدخل التحالف منذ اليوم الأول،ومعها تبين للجميع في الداخل والخارج أن قرار تدخلها في اليمن كان انعكاسًا لحالة غباء ممتزجة بالغرور،ولم يكن خيارًا استراتيجيًا مدروسًا،أو مدركًا للعواقب المترتبة على خطوة بهذه الصعوبة والخطورة .
والدليل على ذلك حالة التأرجح والتذبذب منذ الأسبوع الأول للعاصفة فتغير أسمها من عاصفة الحزم إلى عودة الأمل، ولم يرَ اليمنيون حزمًا،أو أملًا رغم انقضاء عدة ثمان سنوات، وجد اليمنيون أنفسهم بعدها يساقون إلى هاوية القبور قتلًا أو جوعًا  .
فالتحالف الذي جاء لاستعادة الشرعية ليعيدها إلى صنعاء هو نفسه من أخرجها من عدن،رغم أن حضورها كان شكليًا فقط! قبل أن يقرر نقلها للإقامة الجبرية في الرياض،في أحد ملحقات القصور الملكية حتى انتهاء فترة صلاحيتها.
ثمان سنوات لم يستقر التحالف على هدف،ولم يبنِ تدخله على خطة مدروسة،فكل خطوة من خطواته تنقض ما قبلها،فظل التناقض هو الثابت الوحيد طيلة سنوات الحرب، فلم يستقر فيها على رأي ،ولم يصل إلى هدف،مما دفعه إلى الانتقال السريع من خيار الى آخر،فكلما حاول فتح مسار تبين لها أن المضي فيه متعذرًا،لايزيد الرياض إلا يقينًا أن الفخ محكمًا،وإن خيار الخروج ليست هي من يقرره،فالمجتمع الدولي الذي منحها تأشيرة الدخول لليمن هو وحده  من يحدد فترة انتهاء إقامتها فيها،فلم تشفع  لها التنازلات التي قدمتها  للحوثيين،ولا العروض التي حملها السعوديون للإيرانيين لحل الأزمة اليمنية،رغم المقبلات التي كانت تمهد بها قبل أي دعوة للحوار، على مائدتها العامرة بالتنازلات الكبيرة،والعروض المغرية،فمع كل دعوة من دعوات الحوار المتكررة التي دأبت الرياض على إطلاقها لم تلق سواء الرفض من الحوثيين،واللامبالاة من المجتمع الدولي، ابتداءً بمبادرات وقف إطلاق النار المتكررة من جانب واحد،والالتزام باتفاق استكهولم الذي لم يلتزم به الحوثيون،ولم ينفذ أي بند من بنوده سوى تلك البنود التي تخدم الحوثيين المتمثلة بفتح ميناء الحديدة لاستقبال المساعدات الإنسانية،ووقف العمليات العسكرية في جبهات الحديدة،مرورًا بتسليم الحوثيين مساحات شاسعة من الحديدة بحجة إعادة التموضع،وانتهاء بدعوتها الاخيره للحوار الشامل لكل الأطراف اليمنية بما فيها الحوثي التي أطلقتها دول الخليج مجتمعة هذه المرة على لسان الأمين العام لمجلس التعاون الخليحي، التي رفضها الحوثيون،فاقتصرت الدعوة على بعض القوى، والشخصيات الموالية لها،في الوقت الذي وهم كثير من المتابعين أن توقيت الدعوة جاء نتيجة لتفاهمات دولية فرضتها الأزمة الدولية الناجمة عن الحرب الروسية الأوكرانية،وما أسفرت عنه من تغيير في السياسات والمواقف،ليتبين أن الدعوة لمشاورات الرياض،لم تكن لتفاهمات إقليمية، أو دولية مسبقة لحل الأزمة اليمنية ،وإنما مبادرة أحادية الجانب،كغيرها من مبادرات الكهانة السابقة التي تقدمها زجرات الطير، وضاربت الحصى لقادة التحالف،وهذا ما كشفته خطوات التحضير المرتبكة التي سبقت الدعوة للحوار،الذي لم تشارك فيه سوى المكونات السياسية الموالية للرياض وأبوظبي التي تشكلت بعد دخولهما لليمن،ومعها بقايا شخصيات من الأحزاب القديمة التي لم يعد لها بناء تنظيميًا،أو عملًا مؤسسيًا،أو تأثيرًا في الواقع ،فلاتملك هذه الشخصيات من التمثيل الحزبي سوى الصفات السابقة لها في هذه الاحزاب فقط،فاضطر القائمون على المشاورات لاستكمال نصاب الحضور بموظفين اللجنة الخاصة المقيمين أصلًا في الرياض،وتوجيه الدعوة لبعض المهرجين  المفسبكين،والمنتفعين من الكشوفات الشهرية للسفير السعودي محمد ال جابر،في حين  غابت الأطراف السياسية المعنية بالأزمة،ومعها كثير من القوى الوطنية، والرموز السياسية،والنخب،الفكرية،والأكاديمية، والثقافية، والاجتماعية المؤثرة في المشهد السياسي،وتحظى بالثقة والقبول على مستوى اليمن .